تدور عقارب الوقت، وتقتطع من «الرزنامة» أوراق متتابعة تنذر باقتراب الشهر الفضيل. رمضان يدق الأبواب، ويمنحنا فرصة للعودة إلى أرواحنا، التي أضعناها في غمرة الحياة الصاخبة. وكل ما حولنا يمنحنا شكلا من الأشكال المعبرة عن الشهر الفضيل، فرحة الأطفال وسعادة النساء والاستعدادات لكل ما يتصل بالمائدة الرمضانية. والتلفزيون جهز مائدته الرمضانية التي سيقدمها إلى المشاهدين طوال شهر رمضان. لكن الشباب يتمنون أن يكون رمضان هذا العام مغايرا، مختلفا ومتميزا، بحيث يكسر التلفزيون القوالب المملة والرتيبة التي تشكل بعض برامجه ومسلسلاته.
لربما هو سؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين ممن يهتمون بالشاشة الفضية وكل ما ينطلق من الصندوق السحري: لماذا تُستنفر القوى وتُشحذ الهمم من اجل إنتاج البرامج والمسلسلات في هذا الشهر بالذات؟ على العموم، لسنا بصدد الإجابة عن هذا السؤال، لكنا انطلقنا إلى شبابنا علنا لنتعرف على آرائهم وأمنياتهم لمائدة تلفزيون رمضان هذا العام. قالت غزوة صليبيخ بهذا الخصوص: «للأسف برامج التلفزيون مكررة ولا تحمل أي تجديد، وتشهد المسلسلات الخليجية تطورا، إلا انه مازالت هناك بعض المسلسلات التي تحتاج إلى وعي معين ومستوى تعليمي راق لاستشفاف مغزاها، وفي هذا تجاهل لإنسان الشارع البسيط». بينما علقت سلوى حبيب قائلة: «نتمنى أن تعود هيئة الإذاعة والتلفزيون إلى إنتاج البرامج والمسلسلات التراثية مثل البيت العود وغناوي بوتعب، نحن جيل بحاجة إلى أن يقترب من ماضيه الذي لم يعرفه تمام المعرفة، من اجل الحفاظ عليه من الاندثار والنسيان». وأردفت زهرة حسن: «كان للتلفزيون العام الماضي تجربة تجسدت في البرنامج الشبابي ''يا حظك يا بختك'' الذي قدمه مقدم البرامج الشاب محمد درويش. بالفعل كان البرنامج شبابي القلب والقالب لكن كانت لنا بعض الملاحظات التي أظن أنها وصلت إلى القائمين على التلفزيون في وقتها ونأمل أن تؤخذ في الاعتبار».
قطعة 31
تزداد الهمهمات وتشطح الخيالات في عقول الكبار والصغار على حد سواء علها تستشف الحلة الجديدة للمسلسل الكارتوني الكويتي الشهير «قطعة 31» الذي استطاع خلال السنتين المنصرمتين أن يشد انتباه المجتمع الخليجي في دوله الست. وأكثر ما يميز هذا المسلسل حقيقة انه استطاع أن ينقل هموم المجتمع الخليجي عموماً في إطار كوميدي طفولي جذاب وهادف، على رغم الهالات والدوائر التي أحاطت بالمسلسل والكلام الكثير والأقاويل الأكثر التي طاولته من مقدمته الغنائية في الحلقة الأولى إلى «تتر» النهاية للحلقة الأخيرة.
ويشهد المسلسل تطورا تقنيا ملحوظا، وهذا التطور لا يقلل من شأن الجزء الأول الذي جاء، على رغم بساطة تقنيته، رائعا ومتميزا وكاسرا للتقليد والروتين التلفزيوني الرمضاني الممل. والمتابع لهذا المسلسل والمتفحص في شخصيات العمل يكتشف قدرة كبيرة من المعد استطاعت أن تعبر عن المجتمع الخليجي الفسيفسائي التركيب، بالإضافة إلى شرائح المجتمع وأصوله وآلياته وحتى المعتقدات والأفكار السائدة والمنتشرة بين أفراده. فمتى نتمكن من رؤية برنامج أو مسلسل يحقق الهدف نفسه باتباعه أسلوبه الخاص ويشكل شخصيته بعيدا عن تأثيرات قطعة 31؟
نحن في حاجة ماسة إلى استقطاب أطفالنا وتوصيل معلومات مهمة عن المجتمع والوسط الذي نعيش فيه بشكل يسمح لهم بالتعايش معه والعيش ضمن نطاق أطره وحدوده، ونحميهم من الغزو الثقافي القادم من الإنترنت وغيرها، وندق مسمارا في أوتاره المتصلة بالروح. ولا أظننا نفتقر للطاقات من شباب ومهتمين بالتنمية والتطور في تلفزيون البحرين. فماذا نحتاج بعد؟ الطاقات موجودة والإبداعات موجودة والرغبة الحقيقية في صنع رسوم متحركة ترتبط بالأرض ومشكلاتها والمستقبل وطموحاته موجودة أيضاً، فلماذا؟.
العدد 59 - الأحد 03 نوفمبر 2002م الموافق 27 شعبان 1423هـ