العدد 59 - الأحد 03 نوفمبر 2002م الموافق 27 شعبان 1423هـ

الاحتفال الذي أشعل فتيل الغضب

كيف كان مسرح الحرم الجامعي في يوم الانتخابات الأول الخميس 42 أكتوبر/ تشرين الأول؟ هل عجَّ بالضجة الانتخابية - كون جامعة البحرين أحد المراكز العامة للانتخاب - أم ضجَّ بالغناء والرقص والتمايل؟ ماذا حدث في ذلك اليوم أمام الملأ والأعين؟ وماذا جرى خلف الكواليس وفي أروقة الحرم الجامعي وبين الممرات الضيقة؟ ماذا عما يشاع بين أوساط الطلبة والمتابعين عن تجاوزات أخلاقية وقعت في وضح النهار وأمام رجال الأمن؟ وماذا عن حكاية «الغراش» الغامضة المصدَّقة / المكذَّبة؟! أهي ملفقة أم حقيقة «لابد أن يغض الطرف عنها» وتمثل حالات عابرة لا تمثل ظاهرة تستحق التوقف عندها؟ ولماذا تحتفل الجامعة بمناسبة سياسية في الوقت الذي يحظر فيه على الطلبة «الانشغال والاشتغال» بالسياسة (من خلال أقوال صريحة صرح بها عدد من مسئولي الجامعة)؟ أم أن السياسة مزاج وتقلبات عواطفية تخضع لهوى ذاتي؟
لا أحد يختلف «من المشاركين والمقاطعين» على أن ما حصل في 42 أكتوبر/ تشرين الأول حدث جديد كونه يمثل مظهراً حيوياً بعد ركود سياسي استمر لمدة 72 سنة... ولكن على الساحة الطلابية... هل كان هذا الاحتفال وراء سخط الطلاب وتنظيم المسيرة الحاشدة التي انطلقت في 82 أكتوبر/ تشرين الأول اذ يعتبر الكثيرون أنه فقط الشرارة التي أشعلت فتيل الغضب...؟ أسئلة كثيرة... لا تبحث عن الحدث بقدر ما تبحث عما وراء الحدث... أسئلة لا تفتش عن إجابات متناثرة بقدر ما تهفو الى معرفة مواقف الطلاب مما حصل...
ربما يتكرر الاعتصام...
كانت المسيرة حاشدة ومرعبة... مرعبة لأنها تلمست الجرح الطري... مرعبة لأنها صامتة وحضارية وسلمية... مرعبة لأنها خاطبت المسئولين «الذين تفهموا الوضع ويسروا من انطلاق المسيرة» بلغة الوعي والقوانين واللوائح، وقد طالبت تلك الجماهير الطلابية بتفعيل قانون الحشمة وبالالتزام بمبادئ الدستور والتمسك بالدين الإسلامي. التقت «الوسط» أحد الطلبة منظمي الاعتصام اذ قال: «لم يكن تحركنا وليد هذا الحادث، منذ مدة ونحن نسعى لبلورة مثل هذا الاعتصام وكان من المقرر أن يعقد قبل الاحتفال أي يوم الأربعاء ولكن لعدم اكتمال آليات التنظيم والتنسيق أُجل لما بعد الاحتفال». ويضيف: «حال السخط موجودة عند الطلبة إلا إن الاحتفال أثار حمية الطلاب نتيجة سماعهم عن وقوع حالات مخلة بالقيم الإسلامية ناهيك عن مشاهدة بعضهم (حسب ادعائهم) زجاجات خمر فانتفض الطلبة لذلك وما عادوا يتحملون...». ووصف تعاطي المسئولين مع الطلبة بالإيجابي وأنهم متفهمون مشاعر الطلبة، مبينا أن أي نوع من المماطلة سيحثهم مستقبلا على تنظيم «اعتصام آخر»، وطلب من الطلبة المتقدمين بالعريضة إعادة صوغها، وقال فيما يتعلق بذلك: «قبولنا بإعادة صوغ العريضة التي وقعها حوالي 0002 طالب ليس انتقاصا من المطالب بل لجعلها أكثر وضوحا ودقة».
هل نحن في دولة إسلامية...؟!!
التقيت بطالبة حملت إحدى اللافتات الداعية لتطبيق قانون الحشمة في الجامعة وعندما سألتها عن مطالبهم قالت: «حبذا إصدار قانون للسيطرة على الوضع الأخلاقي في الجامعة. يوجد قانون للحشمة لكنه لا يطبق... لابد أن يفعّل». وتقول طالبة أخرى شاركت في المسيرة: «في كل مرة تثار المسألة بحرارة ثمَّ يقابلها فتور وركود... أين الحشمة في الحرم الجامعي...؟ أليس ذلك جزءاً من حقوقنا ومن حقنا المطالبة به..؟!».
وبعد انتهاء المسيرة تفرق الجميع بهدوء وخف الزحام، حينها لفت نظري طالب لم يذهب كما فعل باقي الطلاب، بقي صامتا ولم يحرك ساكنا، وعندما سألته عن السبب قال: «أنا لن أتحرك... سأنتظر الرد أولا، وإن لم يُصغ حل واقعي فلن نتوقف عن الاعتصامات والاحتجاجات». تأفف قليلا ثم قال: «لقد تفرق الطلبة بسرعة (بحجة قدوم وقت الصلاة) الأوجب هنا ليس الصلاة بل درء المفاسد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». وأضاف: «لابد أن تأخذ الإدارة مطالب الطلبة في الاعتبار والجدية فقد يتكرر الاعتصام في أية لحظة وإذا انفجر الوضع فستتعطل الدراسة...».
نحن من دعاة
احترام القانون...
رئيس العلاقات العامة في مشروع الاتحاد صادق العلوي يقول: «من حق الجامعة أن تعمل مثل هذه المهرجانات ولكن في المقابل على الجامعة أن ترسخ الهوية العربية والقيم الإسلامية في نفوس الطلبة... وهذا ما ينص عليه الميثاق والدستور». ويتفق الطالب حمزة عباس مع العلوي اذ يقول: «نحن لا نرفض الحفل ولكننا نختلف على وسيلة التعبير وإن كان الجو العام في الحفلة يعبر عن الولاء للوطن». ويشاركنا الحديث عباس ماجد بقوله: «لا أعتقد أن الجامعة هي المكان المناسب لمثل هذه الحفلات». ويستطرد الطالب سلمان جاسم: «نحن من دعاة الممارسة القانونية واحترام القانون والجامعة تحكمها اللوائح النظامية ومنها لائحة السلوك الطلابي». وعبرت مها المسجن عن اعتزازها بموقف الطلبة وتقول: «اذا كان هناك تحرك أو حل فهو لتهدئة الطلبة. هذه الحشود الطلابية العارمة خرجت تستنكر وتعلن حدوث انتهاك أخلاقي ولا بد من معالجة الموقف». وتضيف فاطمة حسين: «أليس حريا بإدارة الجامعة أن تصرف الأموال في التنمية وتوفير الخدمات للطلاب بدلا من تضييعها في حفلات لا تهمنا نحن كطلبة...».
لم نضبط أية حالة...
طلبت مقابلة أكثر من رجل أمن إلا أن محاولاتي باءت بالفشل الذريع وبعد إلحاح كبير على أحدهم اكتفى بالقول: «لقد كنا في الحفلة بالعشرات وجاءتنا أوامر بالسيطرة على الوضع الأخلاقي». سألته اذا ما تم ضبط أية حالة مخلة بالآداب؟ أجاب: «لم نر شيئا ولم نضبط أية حالة...».

العدد 59 - الأحد 03 نوفمبر 2002م الموافق 27 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً