الصدفة وحدها جعلتني أشاهد فيلم «هيبتا»، وأنا معلقة بين السماء والأرض في طيارة عائدة إلى وطني بعد سفر قصير. ولعل ما أسمعه وأعايشه من قصص عن الحب والعلاقة بين الرجل والمرأة جعلتني أبدو مشدوهة أمام هذا الفيلم.
فيلم «هيبتا» هو العمل الثالث للمخرج هادي الباجوري بعد «واحد صحيح» و«وردة»، وقام بالأدوار الرئيسية فيه عمرو يوسف وياسمين رئيس وأحمد داوود ودينا الشربيني وأحمد مالك وجميلة عوض والفنان ماجد الكدواني، أما السيناريو فقد كتبه السيناريست «وائل حمدي» عن رواية «هيبتا» لكاتبها محمد صادق.
الفيلم يحكي قصة رجل في أربع مراحل من عمره، هذا ما تعرفه في نهاية الفيلم حين تبدأ الخيوط الرابطة تتوضح لك، الطفل شادي بحبه البريء لجارته وصديقته، المراهق كريم وحبه المبني على الحاجة لزميلة الدراسة، الفنان التشكيلي رامي الذي يغير حياة علا، والرجل الذي يعاني اكتئاباً يخرجه منه حب دخل قلبه منذ النظرة الأولى.
يوضح الفيلم كيف أن علاقات الحب عرضة للدمار إن لم يكن الطرفان واعيين للعلاقة، فحوادث الزمن، ومرور الوقت، والتغيرات التي تطرأ على الشخوص قادرة على تفكيك أية علاقة أو على تشييدها وتقويتها.
يأتي هذا من خلال محاضرة يلقيها صاحب القصص الأربع عن طريق عرض يظهر خلاله الممثلون وتبنى عليه أحداث الفيلم.
بين المحاضر أن أي حب يمر بمراحل سبع، أولها مرحلة «البداية» التي يعرف فيها الطرفان وقوعهما في الحب، فمرحلة «الجنون» وهي المرحلة التي يقوم فيها العاشق بأفعال لا يمكن له أن يفعلها في وضعه العادي أبداً؛ إذ يغدو المستحيل ممكناً ويحاول الطرفان إرضاء بعضهما بكل الطرق؛ لأن المشاعر فيها هي الطاغية، وفي هذه المرحلة لا يفكر أحد بماضيه أو مستقبله فتكون اللحظة الراهنة هي السيد.
لتأتي مرحلة «الحلم» التي يخطط فيها الطرفان لمستقبلهما، فمرحلة «الوعد» وفيها يعد أحد الطرفين أو كلاهما بما يقدر وما لا يقدر على إنجازه ومن هنا تبدأ المشكلات، لتأتي مرحلة «الحقيقة» وهي المرحلة التي تقضي على الحب وتهدمه إن لم يتم التعامل معها بالصورة السليمة، وتمر بعدة منعطفات كالملل والدخول في روتين الحياة، والاحتياج الذي يحمل الطرف الثاني فوق طاقته، فقلة الحيلة التي تؤدي إلى الهروب، إضافة إلى إمكانية دخول عامل التطبيع وفيه يحاول الطرفان جعل الطرف الثاني نسخة منهما، والامتلاك والغيرة المصاحب للشك.
وقبل الوصول للمرحلة السابعة الأخيرة تدخل أي علاقة ترغب في الاستمرا ر في مرحلة «المقاومة» التي تمر بخطوات منها الصراحة فالاحتواء الذي يدعم فيه الطرفان بعضهما للوصول لنتيجة إيجابية ثم التضحية وتنازل الطرفين قليلا للوصول لحل وسط يرضيهما معا، وأخيرا الصفقة التي يلتزم بها الطرفان للوصول إلى المرحلة السابعة بنجاح وهي مرحلة «الحياة حلوة»، التي يعود فيها الحب للتوهج والاكتمال والنضج.
ربما يكون الفيلم بسيطا من حيث فكرته، وربما يجده البعض مجرد محاضرة في التنمية البشرية، وهو ما قدمته الرواية المأخوذ عنها، برغم تجاوز الفيلم لها بمراحل من خلال اختيار الممثلين بعناية ومن خلال التصوير والإخراج الذين أظهرا أماكن جديدة في مصر غير التي طالما عرفناها من خلال الأفلام، ولكني وجدته فيلما يشعر أي من يراه أنه يتحدث عنه وعن علاقته بشريك قلبه وحياته، ومن المهم التوعية بهذه المراحل التي تمر بها أو ببعضها أية علاقة انسانية.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5269 - الأربعاء 08 فبراير 2017م الموافق 11 جمادى الأولى 1438هـ