أنتَ مشغول إلى درجة كبيرة، فالعمل يأخذ منك الوقت الكثير، والجميع يريد ويطلب، أصدقاؤك وزملاؤك وأهلك وزوجتك والنّاس، وأنت في «غفصة» لا تعرف كيف تخرج منها، والجميع لا يرضى عنك ولا على الوقت الذي تُعطيهم إيّاه، لأنّك بخيل جدّا عليهم!
أنتَ تُشبع رغباتك الفسيولوجية من أكل وشرب ولذاتك وتكتفي بجزء منها، ولكنّها دوماً بسرعة، حتى لا يضيع الوقت، أنتَ تُشبع رغبات الأمان عندما توفّر البيت لك ولأهلك ولكنّها لا تكفي هي الأخرى، وأنتَ تُشبع رغباتك الاجتماعية من عاطفة وحب ولا تكفي أبداً، وأنت تُشبع رغبتك في تقدير الذات وتتقدّم في العمل، وأيضاً لا تكفي، إذاً ماذا تصنع في ظل هذه الرغبات؟!
أوّلاً كن على ثقة بأنّ اللحظات تمر بسرعة البرق ولا تتوقّف عندك، لا العمل ولا الانشغال يتوقّفان، فلذلك أرضِ من تحبّهم، فهم من سيدومون لك، وهم من يخاف عليك ويراعيك ويريد مصلحتك، وهم من سيحزنون عندما تُغادر الدنيا.
توقّف لحظة وفكّر مليا في حياتك، استرجعها، فكّر هل هناك من يستحق الحبّ الذي تستطيع أنت وحدك تقديمه له، هل هناك من يستحق وقتك ويشغل بالك، لأنّه في الجهة الأخرى دوما يفكّر فيك ومشغول بك، حتى رسائلك يريدها أن تكون في الصدارة دوما، فإن فتح الرسائل وجد اسمك أنت على رأس القائمة! نعم هناك ذلك الشخص المشغول بك وأنت مشغول عنه وبعيد، أخذتك الدنيا والظروف وتحقيق الرغبات، وعدم وجود الوقت له!
إن لم يكن هناك وقت اخلقه من أجل من تحبّه بصدق، فهو لن يدوم لك إذا ما بادلته العواطف والمشاعر، ولن ينتظرك إذا لم تقدّم له بنفس ما يُقدّم لك، فالمشاعر كما تُعطى يجب أن تٌقدّم، والوقت كما يُعطى لك يجب أن يكون بالتساوي...
أيضاً من المهم جدّاً ألّا تُهمل نفسك عندما تكون في ضيق العمل، فنفسك هي بالذّات لها حق عليك كبير، اهتم بنفسك وحاول أن تعدّلها وتقوّمها وتجمّلها، فهي في النهاية حصيلة كثير من الأمور أوّلها التنشئة الاجتماعية ومن ثمّ ظروف الحياة.
كذلك لا تهمل هندامك، فأنت جميل، لا تجعل أحداً يحبط حبّك لشكلك، أنظر إلى نفسك في المرأة كلّ يوم وغيّر شكلك كلّ يوم، فالشكل والمظهر مهمّان، وكاذب من يقول إن المظهر ليس مهم، وإن لم يكن للحبيب فليكن لنفسك.
هل عندك وقتٌ لنفسك؟ نعم عندي وقت لنفسي ولعواطفي ولاحتياجاتي ولمسئولياتي، الأمر فقط يحتاج إلى نقطة توازن في حياتك، ما إن يحصل التوازن حتّى تعطي نفسك ومن ثمّ الجميع حقوقهم، وخاصّة من تُحب.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 5269 - الأربعاء 08 فبراير 2017م الموافق 11 جمادى الأولى 1438هـ
ألهاكم التكاثر..حتى زرتم المقابر. هذا ما يحدث لنا عادة
كل هذا جميل ولكن الأجمل والأهم هو أن يلتفت المسلم إلى علاقته بربه وبعباداته. العمر لا أحد يعرف متى سينتهي، قد يكون في أي لحظة وقد يمدنا الله سبحانه بالعمر لمنحنا الفرصة لتدارك تقصيرنا .
للاسف الكثير منا يفقد من يحب بحجة عدم وجود الوقت ويكتشف في النهاية انه فقد الشيء الكثير والذي لا يعوض
اكتشفت ذلك بعد أربعين سنة ????