حقق فريق من خبراء مركز السدرة للطب والبحوث ومؤسسة حمد الطبية بدولة قطر انجازًا طبيًا تاريخيًا بعد أن نجحوا في إجراء سلسلة من العمليات الجراحية المعقدة للمرة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط. وعلى مدار العامين الماضيين قام الفريق الطبي بالعمل بلا كلل من أجل إنقاذ حياة طفل من خلال إجراء سلسلة من العمليات الجراحية التي تهدف إلى تصحيح العيوب الخلقية الناجمة عن متلازمة انكشاف المثانة والأمعاء، وهي حالة مرضية نادرة تهدد حياة الأطفال وتؤدي إلى وفاة ما بين 95 إلى 99 بالمائة من الحالات المصابة بها.
وضم فريق مركز السدرة أطباء ذوي خبرة عالية في تخصصات متعددة في طب الأطفال. وشمل الفريق جراحين وأخصائيين في المسالك البولية والتخدير وجراحين أعصاب وأخصائيين في جراحة العظام بقيادة رئيس قسم جراحة الصدر والجراحة العامة للأطفال في مركز السدرة عبد الله زروق. وقد تعاون أفراد الفريق الطبي بشكل وثيق لإجراء أكثر من 7 عمليات جراحية دقيقة ومعقدة للغاية لإنقاذ حياة الطفل الصغير محمد المولود لأبوين مصريين يعيشان في قطر منذ عام 2014.
وكان آخر تلك العمليات عملية جراحية استغرقت أكثر من 12 ساعة تم إجراءها في شهر أكتوبر عام 2016، حيث نجح الفريق الجراحي برئاسة الدكتور بيبي ساليه، رئيس قسم المسالك البولية للأطفال في مركز السدرة، في إصلاح انكشاف المثانة وإصلاح الفتق البطني وترميم الأعضاء التناسلية لدي الطفل. وكانت تلك العملية هي الأكثر تعقيدا حيث تم فيها إصلاح مجموعة من التشوهات التي يعاني منها الطفل والناجمة عن متلازمة انكشاف المثانة والأمعاء.
بدأت رحلة محمد العلاجية في رحم أمه بعدما تم تشخيص احتمال إصابته بمتلازمة انكشاف المثانة والأمعاء أثناء إجراء التصوير بالموجات فوق الصوتية للأم أثناء متابعة الحمل بواسطة الدكتور كريم كلاش، رئيس قسم طب الأمومة والأجنة في مركز السدرة، والدكتورة سوسن العبيدلي من مؤسسة حمد الطبية. وقد قام فريق طبي من مركز السدرة ومؤسسة حمد بوضع خطة للعلاج اللازم لضمان أفضل النتائج للطفل محمد. ونظراً لأن الإصابة بتلك الحالة المرضية المعقدة يتطلب الاعتماد على خبرات مجموعة كاملة من المؤسسات والكوادر الطبية، فقد قام فريق مكون من أكثر من 30 طبيب بالعمل والتنسيق بشكل وثيق أثناء العامين الماضيين، حيث قام كل فرد من أفراد الفريق الطبي بأداء دورًا كبيًرا في انقاذ حياة الطفل المريض. ويمثل هذا النجاح الذي تحقق نموذجاً هاماً للتعاون الفعال بين الخبراء والمؤسسات الطبية في قطر.
وتعقيباً على ذلك قال عبد الله زروق: "تتطلب الرعاية الطبية لأمراض الأطفال المعقدة، مثل متلازمة انكشاف المثانة والأمعاء، تعاون فريق من الخبراء في تخصصات متعددة لوضع خطة خاصة بكل مريض. وعلى الرغم من أن كل طبيب لديه دور هام يقوم به، إلا أن جميع القرارات الطبية ينبغي أن يتم اتخاذها بالتنسيق مع جميع الأطباء بما يتلاءم مع احتياجات المريض العلاجية. وبفضل تضافر جهود جميع خبراء الفريق الطبي، تتحسن الآن الحالة الصحية للطفل محمد".
ويضم الفريق الطبي الذي يترأسه عبد الله زروق كل من منصور علي، رئيس جراحة الأطفال في مؤسسة حمد الطبية، ورئيس قسم جراحة عظام الأطفال جيسون هوارد، ورئيس إدارة الجراحة في مركز السدرة ديفيد سيجالي، ورئيس قسم جراحة المخ والأعصاب بالإنابة خالد الخرزي، وبيبي ساليه.
وقد قام أيضاً أفراد فرق الخدمات الصحية المعاونة ومن بينهم أخصائي التغذية بأداء دور هام في إنقاذ حياة الطفل محمد من خلال الحفاظ على صحته ومساعدته على التعافي من العمليات الجراحية الطويلة التي أجريت له.
وقالت شيماء أم الطفل محمد: " لقد كان العام الأول صعبًا للغاية حيث أُجريت لمحمد الكثير من العمليات وقضى فترات طويلة في المستشفى. وقد قام الأطباء باتخاذ العديد من الخطوات لإغلاق المثانة ووضع أعضائه الداخلية داخل جسمه وتجميع عظام الورك وإصلاح أعضائه التناسلية. وقد واجهنا مشكلة أخرى وهي عدم زيادة وزنه بالدرجة التي تكفي لشفائه من العمليات الجراحية العديدة. إننا ممتنون للغاية لجميع أفراد الفريق الطبي لما قاموا به من أجل طفلنا".
وتعليقا على ذلك قال الرئيس التنفيذي لمركز السدرة للطب والبحوث بيتر موريس: "تعتمد هذه العمليات شديدة التعقيد في نجاحها على مجموعة واسعة من التجارب والخبرات وعلى اعتماد النهج متعدد التخصصات في العلاج رعاية المرضى. وهذه الحالة بالتحديد تطلبت مهارات وقدرات فريق مكون من أكثر من 30 فردًا من مركز السدرة ومؤسسة حمد للعمل والتعاون الوثيق لضمان أفضل النتائج الممكنة للمريض. وتمثل نتائج تلك الحالة شهادة واضحة على مهارة وخبرات أطباء مركز السدرة ومؤسسة حمد. ولهذا فإننا فخورون جداً بهذا النجاح الذي تحقق. كما يعتبر علاج تلك الحالة علامة فارقة في مجال الممارسة الطبية في الشرق الأوسط".