العدد 58 - السبت 02 نوفمبر 2002م الموافق 26 شعبان 1423هـ

نحو تفعيل دور أعضاء المجلس النيابي المنتخب لهيكلة دستور 2002

أحمد عباس أحمد comments [at] alwasatnews.com

.

بعد انقسام الشارع البحريني بين جمعيات مقاطعة وجمعيات مشاركة في الانتخابات، أصبح من المحتم على الجمعيات الشروع في اجراءات مصالحة وطنية، على اساس احترام كل طرف بما في ذلك السلطة التنفيذية للرأي الآخر.

وهذا يتطلب من ضمن أمور أخرى وقف الحملات الاعلامية. من هنا لابد من تفعيل دور أعضاء المجلس النيابي المنتخب لمحدودية مجال المناورة في المجلس النيابي، حتى يتمكن المجلس من هيكلة دستور 2002 لكسب فعالية عمله بوصفه مرجعا للديمقراطية البحرينية.

وبذلك يمكن تغطية أهم عيوب دستور 2002، وهو نظام المجلسين المتساويين في الصلاحيات. نحن نتحسس نبض الشارع البحريني ونداءات ومطالب الجماهير البحرينية المتعطشة للمزيد من الديمقراطية.

على ضوء تلك الحقائق أصبح من الضروري مشاركتي في إعداد دراسة وتصور عملي يتناسب مع الواقع السياسي البحريني لخيارات تفعيل دور أعضاء المجلس النيابي المنتخب، برؤية قانونية تأخذ في الاعتبار المساحات الواسعة من فضاء الثوابت والمرجعيات الدستورية لممارسات ثلاث ملكيات دستورية مشابهة (الأردن والمغرب وماليزيا). هذه المرجعيات قد يستند إليها نواب المجلس المنتخب لتصحيح الممارسة الديمقراطية في البحرين.

ليس هناك مجال للشك، أن صاحب العظمة الملك أذهل العرب والعالم بمنظوره السياسي الحضاري، وقوة منطق خطابه السياسي، وقدرته على استقطاب الأطياف السياسية البحرينية للعمل الديمقراطي الجماعي، على رغم انه وضع رؤية سياسية لشكل الهيكل السياسي بخصوصيات بحرينية بحتة، بممارسة ديمقراطية بحجم محدود لحرية العمل السياسي، قد يفوق في مساحته ومعياره حجم فضاء الحريات العربية والخليجية القائمة.

الملكية الدستورية

وبالنظر إلى دستور 2002 لابد من الاعتراف بأن الباب الثالث (الحقوق والواجبات) من الدستور، كفلت جميع بنوده الحريات الأساسية للمواطنين والهيئات المدنية وفصلت السلطات الثلاث. ولتفعيل هذا الباب في المجلس النيابي، هناك مجال لتحديثه عن طريق وضع قائمة بمطالب نيابية تضع حدودا لصلاحيات السلطات الثلاث، بحيث يمكن مراقبتها من قبل أعضاء المجلس وفقا للائحة يقرها المجلسان، وخصوصا أن السلطة التنفيذية ستتجاوب مع محتويات اللائحة التي تضاعف صلاحيات المجلس نظرا إلى عدم خروجها عن الإطار العام لدستور 2001.

دستور 2002 المعدل، ينص على أن نظام الحكم ملكي وراثي دستوري، كما ورد في الفصل الثاني من الميثاق (نظام الحكم) الفقرة الأولى (مطبق في الأردن والمغرب وماليزيا).

في الحقيقة لم يعترض أي طيف سياسي في البحرين على هذا التعديل لهذا تم تفعيله من دون نقاش.

أما فيما يتعلق والتصويت داخل المجلسين، فإننا نعلم جيدا أن إقرار أي مشروع قانون لن يعتمد بنسبة ثلثي أعضاء المجلسين التشريعيين كما هو معمول به في الملكيات الدستورية المشابهة (الأردن والمغرب وماليزيا)، بل بنسبة 39,41 أي بفارق صوت واحد لصالح المجلس النيابي، لهذا فإن وضع خطوط توجيهية لعملية التصويت، تكون أساسا لقاعدة تعطي قوة لتصويت المجلس النيابي، ستتغلب على معضلة نسبة التصويت المتدنية. مثال على ذلك، أن هناك ملكيات دستورية أجرت تعديلات محدودة على دساتيرها بتصويت ثلثي أعضاء المجلس المنتخب. ولو أن نسبة المجلس البحريني المنتخب ضعيفة جدا فإنه يمكن الأخذ بسابقة العام 1993 عندما صوت ديوان راكيات الماليزي (مجلس النواب المنتخب) بثلثي الأعضاء لالغاء حق السلطان الدستوري في الحصانة القضائية.

كذلك عدل الدستور الأردني في 1974 و1976، وفي المغرب عدلت المادة (49) في 1995 الانشاء نظام برلماني ذي مجلسين الأول استشاري معين والآخر نيابي.

ولتفعيل الفصل الخامس (الحياة النيابية)، والباب الخاص بـ (السلطة التشريعية) يتقدم النواب المنتخبون بمقترحاتهم لتعديل اللائحة الداخلية لعمل المجلسين وفقا لدستور 2002، بحيث تفعل صلاحية مجلس النواب، ويحد الأعضاء من صلاحية مجلس الشورى، كون تلك الصلاحيات سبب الخلاف بين المعارضة والحكومة بالمناقشة القانونية.

السلطة التنفيذية

ينص دستور 2002 على ان الملك رأس الدولة، ومن صلاحياته الموافقة على القوانين، ويرشد الحكومة فيما يتعلق وإعلان أو فرض القوانين المحلية والانظمة، وممارسات الهيئة القضائية بمرسوم ملكي، بما في ذلك طلب إجراء انتخابات برلمانية، وتدشين أو تأجيل أو تجميد عمل المجلس التشريعي الأصغر (النواب)، ضمن الحدود التي وضعها الدستور.

لهذا فإن النواب المنتخبين يستطيعون المطالبة بالآتي:

رفع توصية إلى الملك لاصدار مراسيم ملكية بقوانين لتعيين لجنة الخدمة المدنية بقوانين ونظم جديدة منصفة للجميع، ورئيس وأعضاء مجلس ديوان المحاسبة والرقابة أكثر شفافية، ومحكمة الجنح الادارية أكثر عدالة، ولجنة الانتخابات التي تقسم البلاد إلى دوائر انتخابية تأخذ في الاعتبار الكثافة السكانية.

دستور 2002 أعطى الملك سلطات واسعة لتعيين رئيس الوزراء، والوزراء وفقا لتوصية مقدمة من رئيس الوزراء.

الاعضاء المنتخبون يمكنهم البرلمان بموجب الصلاحية المعطاة لهم من الدستور، تقديم قائمة بأسماء الوزراء إلى المجلس النيابي لمناقشة أهلية أولئك الوزراء في تعيينهم لتلك المناصب، قبل إصدار مرسوم ملكي بتعيينهم.

الدستور نص صراحة على أن مجلس الوزراء يجب أن يكون موافقا عليه من قبل مجلسي البرلمان خلال جلسة التصويت بالثقة. ويترك إلى الملك بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة، صلاحية إعلان الحرب أو السلام، وتوقيع المعاهدات والاتفاقات. كذلك بموجب الفصل الأول من الدستور (الملك)، أعطي الملك سلطة تعيين أو إقالة أو قبول استقالة رئيس الوزراء أو الوزراء وفقا لتوصية مقدمة من رئيس الوزراء.

مجلس الوزراء، الذراع الأعلى للدولة، يجب أن يقدم سياساته وخطة عمله إلى البرلمان للموافقة عليها من قبل المجلس التشريعي الأصغر (النيابي) للبرلمان في ظرف شهر من الفترة الافتراضية. التصويت بعدم الثقة سيجبر مجلس الوزراء أو الوزير الذي لا يحظى بثقة المجلس على الاستقالة.

يترأس رئيس الوزراء مجلس الوزراء، واللجان القانونية والحكم الاداريين للدولة ومجالس البلديات. ولكن مجلسي البرلمان يمكنهما تحديد صلاحيات المجالس البلدية والمحافظين التابعين إلى وزارة الداخلية، وتحديد العلاقة بينهما نظرا إلى تشابك صلاحيات الهيئتين المعنيتين (مطبق في الأردن وماليزيا والمغرب).

المملكة مقسمة إلى خمس محافظات وفقا لنظام المحافظات، كل محافظة يرأسها محافظ (مطبق في كل من الأردن والمغرب، ما عدا ماليزيا كونها ملكية دستورية فيدرالية ينتخب فيها ملك من كل ولاية بالتناوب بين ملوك الولايات الماليزية).

المحافظات تلتزم بتعليمات وأنظمة الحكومة المركزية، وتشرف عليها الحكومة المركزية عن طريق وزير الداخلية.

أما المجالس البلدية فإنها تنتخب من قبل سكان المناطق المحلية لمدة أربع سنوات كما حدث حديثا في انتخابات البحرين للمجالس البلدية في 2002.

على النواب في المجلس توضيح فقرة في حال نشوب النزاعات القانونية في المجالس البلدية التي ليست واضحة، هل يستطيع المحافظ في حال عدم توافر النصاب القانوني تعيين لجنة بلدية لمدة سنتين قابلة للتمديد للنظر في الأمور مؤقتا لحين حل النزاع القانوني كما هو معمول به في بعض المملكات الدستورية المشابهة أو لا.

السلطة التشريعية

البرلمان البحريني بحسب الدستور الجديد مكون من مجلسين: الأول معين (مجلس الشورى) والآخر منتخب (المجلس النيابي). يتساوى عدد الأعضاء في كلا المجلسين: 40 عضوا لمجلس الشورى، و40 عضوا للمجلس النيابي. المجلسان متساويان في الصلاحية، وبما ان رئيس مجلس الشورى ليس له صوت، بمعنى أن أعضاء المجلس النيابي يتفوقون على مجلس الشورى بصوت واحد، فإن مجال المناورة محدود ولكن أعضاء المجلس النيابي ربما يجدون ثغرات قانونية يمررون فيها قوانين في صالح الشعب بفارق صوت واحد إذا كان هناك تكاتف بين أعضاء المجلس النيابي. يعين الملك بموجب دستور 2002 أعضاء مجلس الشورى (في الأردن مجلس الاعيان، وفي المغرب مجلس المستشارين، وفي ماليزيا ديوان نيغارا «المجلس الاستشاري»).

المجلس النيابي منتخب بالاقتراع المباشر، كل من يبلغ من العمر 21 سنة (وفي المغرب والأردن حدد العمر بـ 18 سنة، بينما حددت ماليزيا العمر بـ 21 سنة) ويحبذ لو عدل العمر في البحرين بـ 18 سنة أسوة ببلدان العالم الديمقراطية.

يبقى على المجلس التشريعي اقتراح تشكيل وحدة داخل المجلس تعنى بشئون المرأة.

المؤسسات السياسية والمدنية

الباب الثاني (المقومات الاساسية للمجتمع) من دستور 2002، والفصل الاول (المقومات الاساسية للمجتمع) من ميثاق العمل الوطني، جميع نصوصهما كفلت لمؤسسات المجتمع المدني العمل بحرية تامة، ويبقى أن يفعّل النواب المنتخبون هذا الباب بتقديم مشروعات قوانين تضمن استمرار حرية عمل المؤسسات السياسية المدنية، وهذه الحرية يجب أن تشمل الايمان بمبدأ حرية تكوين وتأسيس الاحزاب أو التجمعات السياسية، كما هو معمول به في الملكيات الدستورية المشابهة (الاردن والمغرب وماليزيا).

كما يجب السماح لمؤسسات المجتمع المدني المساهمة في تنشيط الحياة السياسية والانشطة الاجتماعية أو المدنية، بما في ذلك حق تكوين جمعيات ونقابات للحرف المهنية مثل: المحامين والاطباء والمهندسين وغيرهم...، للعب دور مهم في الحياة السياسية البحرينية، كحرية مناقشة الموضوعات السياسية في المنتديات الشعبية.

السلطة القضائية

الباب الثالث من دستور 2002، (السلطات) ضمنت استقلالية السلطة القضائية، وفصلها عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، بحيث يعين الملك الهيئة القضائية بمرسوم ملكي. والنظام القضائي البحريني يستند في عمله إلى مصدرين أساسيين للقوانين:

القانون الشرعي الاسلامي (السني والجعفري) والقانون المدني، المختص بالمنازعات المدنية، سواء كانت ذات طبيعة اجرامية أو ادارية مدنية، لحل النزاعات بين الناس أو بين الناس والدولة. والمحاكم البحرينية يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات:

1 - المحاكم المنتظمة وهي: المحكمة العليا المختصة بالجنح والجنايات التي يرتكبها أعضاء الحكومة اثناء ممارستهم لمهماتهم، ومحاكم المرحلة الأولى، ومحاكم الاستئناف.

2 - المحاكم الدينية: محاكم شريعة (سنية وجعفرية).

3 - المحاكم الخاصة: المحاكم المدنية، محاكم الجنح، والمحكمة العسكرية.

وربما يستحدث مجلس أعلى للقضاء بمرسوم ملكي.

لهذا على النواب تفعيل مبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء، بتقديم مشروع قانون يسمح بمقاضاة الهيئات أو الوزارات الحكومية والمسئولين فيها ومثولها أمام القضاء عملا بمبدأ الشفافية في العمل الديمقراطي.

هذا التصور وضعته بعد دراسة متعمقة لثلاث ملكيات دستورية، بغرض تفعيل دور اعضاء المجلس النيابي المنتخب لهيكلة دستور 2002 لتطوير الممارسة الديمقراطية، والحصول على قبول شعبي لبناء الثقة بين الشعب والحكومة، وبذلك يمكن كسب ثقة الشعب في النظام الديمقراطي البحريني برمته تفعيل دور الاعضاء سيساهم في دفع الانفتاح السياسي، وممارسة الحريات العامة وحرية العمل السياسي بفضل شعلة الحرية التي حملها عظمة الملك وأنار بها الطريق

العدد 58 - السبت 02 نوفمبر 2002م الموافق 26 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً