دعا القيادي في جمعية التجمع القومي الديمقراطي محمود القصاب «المعارضة في الدول العربية ألا تكف عن إجراء المراجعات النقدية لمسار الثورات، وكذلك مراجعة بعض الرهانات، وتقديم الرؤى الوطنية الشاملة لتصحيح المسارات وتصويبها ومعالجة كل نواقصها وإخفاقاتها».
وشدد القصاب على أنه «لابد من تجاوز الانتماءات الضيقة وممارسة نوع من العقلانية والاستعداد لتقديم بعض التنازلات الصعبة».
جاء ذلك في ندوة قدمها القصاب، في مقر جمعية التجمع القومي الديمقراطي في الزنج، مساء الاثنين (6 فبراير/ شباط 2017) تحت عنوان «مع دخولها العام السابع، قراءة في مسارات الانتفاضات العربية».
وفي ورقته، قال القصاب «في كل عام في هذه الأوقات تكثر الكتابات والتحليلات التي تتناول مسار الثورات والانتفاضات الشعبية التي شهدتها بعض العواصم العربية والوضع الذي وصلت إليه حيث تأكد فشل معظم هذه الثورات في إنجاز عملية التحول الديمقراطي الذي يحقق تطلعات الناس وخاصة الشباب الذين تصدروا تلك التظاهرات المليونية الحاشدة في هذه العواصم، من هنا تأتي هذه القراءات المختلفة لهذه الثورات ومحاولة بناء استنتاجات محددة، ورسم سيناريوهات معنية لمستقبل بلدان الانتفاضات على ضوء المعطيات السياسية والاجتماعية والأمنية التي أفرزتها هذه التحركات والمحطة التي توقفت عندها في هذا البلد العربي أو ذاك».
وأضاف «ومما لا شك فيه أن كل المعطيات والوقائع على الأرض تؤكد وبشكل قاطع لا لبس فيه بأن كل الثورات عدا الثورة التونسية قد أخفقت في الوصل إلى أهدافها أو تحقيق بعض شعارتها التي طالبت فيها ورفعتها الجماهير الثائرة في الميادين والشوارع، وذلك يرجع إلى أسباب عديدة سوف نأتي على ذكر بعضها في سياق حديثنا، ولكن السبب الرئيسي في تقديرنا يعود إلى حجم العنف الأمني الكبير الذي واجهته هذ الثورات ومن ثم لجوؤها إلى العسكرة مما سهل اختراقها من جانب بعض القوى المسلحة والإرهابية التي تمكنت من سرقة هذه الثورات والانحراف بها عن أهدافها الوطنية وإشعال نار الفتن «الحروب الأهلية» ذات الطابع المذهبي والطائفي، وهذا بدوره قد سهل فتح الأبواب مشرعة للتدخلات الخارجية التي عمقت هذه الحروب وضاعفت من مأزق هذه الثورات والانتفاضات وأثارت العديد من علامات الاستفهام حول طبيعة هذه التحركات الشعبية، ما إذا كانت فعلاً من صناعة الشعوب أم هي صناعة خارجية مفروضة، بينما في الواقع ووفق قناعاتنا التامة التي لا يداخلها أي شك بأن هذه الانتفاضات قد بدأت كتحرك شعبي جماهيري أصيل دون أي تأثير خارجي، وأن القوى الدولية والإقليمية قد تكون تفاجأت بقوة وزخم هذه التحركات الشعبية؟ وعملت على توظيفها يما يخدم مصالحها وأهدافها الاستراتيجية في المنطقة العربية، الأمر الذي جعلها تتدخل بأشكال مختلفة، وأن هذا التدخل ربما قد شكل أحد أهم أسباب فشل هذه الثورات، حتى بلغت اليوم أسوء محطاتها وانحدرت إلى مستوى أضاع معه كل الأحلام والوعود ببناء نظم سياسية ديمقراطية وتراجعت كل الشعارات والأهداف وتعاظمت الكلف والتضحيات».
وأردف «سوف نحاول تسليط الضوء على بعض أهم ما كشفه مسار هذه الانتفاضات من نواقص وثغرات قادت إلى هذا الإخفاق المريع الذي بلغته وسوف نحاول قدر ما تسمح به هذه المساحة والوقت من قراءة موضوعية، ولكن قبل الشروع في ذلك نرى من الضروري الإشارة إلى عدد من الحقائق المهمة التي تستدعيها مثل هذه القراءة، إذ ليس هناك أي خلاف بأن الانتفاضات التي اجتاحت الساحات العربية وبتأثير متبادل بينها تمثل ظاهرة اجتماعية جماهيرية تشترك في وحدة أسباب انطلاقها فقد تحركت الجماهير على نطاق واسع وغير مسبوق ضد أنظمة مستبدة وفاسدة، ورغم هذه الحقيقة، فإنه من الصعب الحديث عن هذه التحركات وكأنها شيء واحد، أو التعامل معها على أنها ظاهرة واحدة، حيث من المؤكد أن لكل انتفاضة خصوصيتها مما يجعل منها ظاهرة اجتماعية خاصة بهذا القطر أو ذاك ومرتبطة بالتكوين التاريخي والاجتماعي والسياسي في هذه الأقطار وهو ما يعني أننا أمام ظواهر اجتماعية متعددة، حتمت تعدد واختلاف أليات الصراع وأساليبه في مواجهة الأنظمة بين هذه الدولة أو تلك، من هنا يمكن لنا فهم الاستثناء الذي حظيت به الثورة التونسية من بين الثورات في كل من مصر وسوريا واليمن وليبيا، وعليه فإن أية قراءة تتصف بالتعميم تحمل الكثير من التضليل لأنها تتجاهل الكثير من التفاصيل وتتغافل عن العديد من الفروقات بين هذه الثورات».
وأكمل أن «الحقيقة الثانية، أن جميع الانتفاضات وفي عموم الساحات العربية قد تعرضت إلى عملية طعن وتشويه في أهدافها وتخوين قادتها والزج بهم في نهاية المطاف في السجون والمنافي، إضافة إلى تعمد وصف هذه الثورات بالعديد من النعوت والأوصاف السيئة، مثل اتهامها بالطائفية أو الإرهابية وأنها تحمل أجندات خارجية تستهدف إسقاط الدولة وتدمير مؤسساتها! وخلف كل هذه التهم والطعون يقف خطاب سياسي وإعلامي حاضر ومؤثر، وجوقة من المنتفعين من الأوضاع القائمة ومن المحرضين على القادة السياسيين المعارضين والنشطاء الحقوقيين العاملين في مجال حقوق الإنسان».
وواصل «لم يعد هناك أي مجال لإخفاء أو إنكار حقيقية أن هناك أطرافاً إقليمية ودولية لعبت ولاتزال أدواراً بالغة التأثير والخطورة في مسار هذه الثورات وما خلفته من تداعيات في مختلف البلدان العربية، ومن خلال تدخلاتها المباشرة وغير المباشرة وتقديمها أشكالاً مختلفة من الدعم المادي والسياسي والإعلامي قد استطاعت التغير في موازين القوة بين أطراف الصراع وساهمت بذلك في حسم الكثير من محطات هذه الصراع، وتغليب المواجهة السياسية والعسكرية لصالح هذا الطرف أو ذاك ولم يعد خافياً أن هذا الدور الذي تمارسه القوى الإقليمية والدولية مسئول إلى حد كبير عن إجهاض هذه الثورات وعن إحداث الفوضى والخراب في هذه الدول وتدمير كل مظاهر الحياة فيها، وفي بعض الدول هي مسئولة إلى جانب قوى الثورة المضادة عن إعادة إنتاج أنظمة الاستبداد السياسي والظلم الاجتماعي».
وأفاد القصاب بأن «الحقيقة الرابعة هي أنه مع دخول الثورات والانتفاضات عامها السابع هناك صعوبة في تحديد المسارات المستقبلية لهذه الثورات وخاصة مع تعاظم دور القوى الخارجية فيها وبات من المؤكد أن الاهتمام الشعبي بالشعارات والأهداف التي نادت بها في بدايات انطلاقاتها قد تراجع على نحو لافت وخاصة في العامين الأخيرين لصالح اهتمامات أخرى باتت تمثل أولية للناس بعد ضيق سبل العيش وصعوبة الأوضاع المعاشية والحياتية في هذه الدول إضافة إلى فقدان الأمن والاستقرار وتفشي وتمدد ظاهرة الإرهاب المرعبة مما أفقدهم القدرة أو الطاقة على الصبر والتحمل».
وأضاف أن «الواقع أن هذا المسار المتغير الذي اتخذته كل الثورات قد دفع بعض المحللين والمراقبين خاصة الدول الغربية إلى استنتاجات مخلة ومضللة من قبيل الادعاء بصعوبة تعايش الشعوب والثقافة العربية مع قيم وآليات الديمقراطية».
وأوضح «وهذه القضية تأخذنا إلى الحقيقة الخامسة والأخيرة، وهي دور النخبة من المثقفين والمفكرين في هذه الانتفاضات وهو ما كشفت عن أنه للأسف دور هامشي، بل هناك من لم يتردد في توجيه الاتهام إلى هذه النخب في إفساد الانتفاضات لانعدام جرأتهم وإخفاقهم في التعاطي مع الأحداث وتركهم الساحة خوفاً أو يأساً، بينما كان منتظر من هؤلاء المثقفين أن يلعبوا دوراً أساسياً في التغير وفي صياغة رؤية وطنية وحضارية شاملة تكون عناوينها العدالة والحرية والتقدم والدولة المدنية والدستورية والمساواة والمواطنة، وهي ذات الأهداف والشعارات التي رفعتها هذه التحركات الشعبية».
وقرر «لذلك لا يوجد هناك أي تفسير لهذا الإرباك الذي وقع فيه هؤلاء المثقفين وهم يشاهدون تفتت المجتمعات العربية إلي عصبيات ما قبل الوطنية وارتكاس الدولة إلى ما قبل الدولة القطرية وانفجار الأصولية واستشراء التخلف وتفاقم الاستبداد وغياب أي رؤية سياسية أو فكرية وغياب أي خطاب سياسي متزن لمواجهة هذه الأزمات».
وأضاف «بعد استعراضنا هذه الحقائق والملاحظات ننتقل إلى تشخيص عدد من النواقص والثغرات التي شابت التحركات الجماهيرية والتي يمكن اعتبارها أهم الأسباب وراء إخفاقاتها، غياب الرؤية أو التصور الواضح لدى القوى السياسية المعارضة لما يمكن أن يحدث بعد هذه الثورات وتحقيق النجاح في الوصول إلى عتبة التغير وبدء عملية الإصلاح. وبعض القوى التي قادت الحراك الجماهيري قد اختزلت عملية التحول الديمقراطي في مسالة الانتخابات أو ما يعرف بديمقراطية الصندوق فقط، دون الالتفات إلى القضايا أو الملفات الأخرى وهو ما يؤكد أن هذه القوى وخاصة الشبابية منها التي تصدرت وأشعلت هذه الثورات لم تدرك الإرث الهائل من المشكلات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية الذي تسببت به الأنظمة الاستبدادية».
وأفاد «من هنا كان عجزها الواضح في طريقة التعامل مع الانقسامات المحورية التي تعاني منها المجتمعات العربية، وهي كما نعرف مجتمعات تتصف بالتعدد وتنوع مكوناتها، وبدون شك فإن الفشل في التعاطي مع هذا الواقع برؤية وطنية موحدة قد أدى إلى انزلاقات خطيرة في مسار هذه الثورات وفي بعض الساحات نشبت صراعات أهلية وحروب طائفية مزقت هذه المجتمعات وضربت أسس الدولة فيها دون أن نغفل بالطبع عن دور ومساهمة هذه الأنظمة في هذا الخراب، عندما عملت على التلاعب في العلاقات بين مكونات المجتمع وحاولت توظيف الاختلافات السياسية والطائفية المذهبية في تشويه صورة هذه الانتفاضات وإجهاضها».
واستدرك «رغم مشروعية التحركات الجماهيرية في جوانبها الشعبية والسياسية والأخلاقية ورغم نبل أهدافها وشعاراتها الداعية إلى الحرية والعدالة إلا أن اختراق صفوفها من قبل بعض القوى المشكوك أصلاً في أيمانها وقناعاتها بالديمقراطية أو احترامها لحقوق الأنسان قد مثل ثغرة كبيرة أربكت مسار هذه الثورات وقد تحول هذا الإرباك إلى انحراف خطير بل إلى كارثة عندما دخلت القوى الإرهابية بفكرها الظلامي وأسلوبها الوحشي في صفوف هذه الثورات واستطاعت سرقتها وتقديم صورة مشوهة عنها من خلال ما ارتكبته من عمليات قتل وحرق وإحداث الفوضى والدمار في هذه الدول، ناهيك عن دورها في إيقاظ العصبيات الطائفية والمذهبية التي مزقت الوحدة الوطنية، وقد ساهم هذا الوضع بدون شك في تقديم خدمة جليلة للأنظمة لضرب التحركات الجماهيرية والتنكيل بقادتها وبالمشاركين فيها من القوى السياسية تحت غطاء محاربة الإرهاب».
وواصل القصاب «رغم كل العقبات والتحديات التي واجهت هذه الثورات والتي قد تكون سبب في تعثر مساراتها أو الحد من قوة زخمها وإعاقة تطورها الطبيعي، إلا أن التحدي الأساس في تقديرنا والذي مثل خطورة كبيرة عليها هو ضيق المساحة الوطنية التي تتحرك عليها ورفعها بعض الشعارات الفئوية وبعض المطالب ذات بعد طائفي أو مذهبي، وهو ما يعني انعدام الرؤية السياسية الوطنية الشاملة الأمر الذي خلف نتائج سلبية أساءت إلى الحراك الشعبي وساهمت في خلط الأوراق وبالتالي تحميل هذه الثورات مسئولية الانقسامات الطائفية والعرقية، بينما الواقع يكشف بوضوح المسئولية التاريخية والأخلاقية للأنظمة الاستبدادية في الاحتراب الأهلي والتمزق الاجتماعي عندما لجأت إلى اعتماد سياسات وأساليب طائفية وأمنية لمحاصرة وضرب هذه التحركات ونزع الشرعية والوطنية عنها».
وذكر أن «من الأخطاء أو الثغرات التي وقعت فيها هذه الثورات منازلة الأنظمة القمعية في ميادين قوتها التي تتمتع فيها بالتفوق التام ونعني بها هنا المنازلة العنفية العسكرية عوض عن مواجهتها في ميادين الرأي والموقف والحراك السلمي، فاللجوء إلى العسكرة أو العنف يعتبر من أكثر الأخطاء التي ضربت الثورات والانتفاضات في مقتل وجلبت لها وإلى بلدانها والناس جميعاً الكثير من المعاناة وتسببت في تضحيات باهضة ومكلفة كان يمكن تحاشيها خاصة وقد رأينا كيف تمادت الأنظمة في قمعها وبلغت قمة طغيانها وجبروتها في تعاطيها مع هذه الانتفاضات».
وأكمل «نظراً إلى عجز وقصور بعض القوى السياسية المعارضة عن إدارة الصراع مع الأنظمة خاصة مع دخوله نفق العسكرة فقد عولت هذه القوى على الدول الخارجية في دعمها وحسم صراعها مع الأنظمة التي ثارت عليها، وكان ذلك أيذاناً بتدويل الصراع وتقريب نهايتها، لأن مثل هذا القرار الخطير عدا كونه يضر بالصورة الوطنية للتحركات الجماهيرية، فإنه يعمل على رهن مواقفها وقراراتها لهذه الدول التي سوف تعمل في نهاية المطاف وفق مصالحها وبما يخدم مشاريعها بينما كان على القوى السياسية أن تتوجه نحو بناء تيار وطني ديمقراطي يحمل رؤى سياسية وطنية وانتهاج وسائل نضالية أكثر عقلانية تتناسب مع إمكانية شعوبها وعدم ترك الثورات والتحركات الجماهيرية تذهب إلى الحد الأقصى إي إلى المواجهات الأمنية والعسكرية وترك الأمور تصل إلى ما وصلت إليه من فشل وإخفاق، وكان عليها أيضاً أن تفكر وتمضي في سياسات مراكمة الإنجازات والتجارب والشروع في بناء علاقات خارجية تخدم خيارتها واستقلالية قراراها الوطني».
وأردف «هذا طبعاً عدا الأخطاء التي رافقت عملها من ناحية الخطاب السياسي والإعلامي فقد جعلت بعض المعارضات من نفسها القوة المعارضة الوحيدة، التي عليها مواجهة الأنظمة والدخول في مواجهات مع قوى سياسية أخرى بينما كان عليها أن توسع من هذه الدائرة لتشمل كل من يعارض الخلل السياسي والظلم الاجتماعي القائم ويؤمن بضرورة التحول الديمقراطي السلمي، وكان عليها أن تعي أن التحول السياسي والديمقراطي لا يتم لأن المعارضة تناضل وتريد ذلك فقط، بل إنما يتم التحول لأن هناك أزمة أساساً في داخل هذه الأنظمة السياسية، والتصدي لها هي مهمة وطنية شاملة لا تقتصر على فئة أو قوى دون أخرى أو منطقة دون أخرى».
وأكمل «كلمة أخيرة نختم بها ونوجزها في نقطتين مختصرتين، الأولى، فعلى ما يبدو أن بعض الأنظمة السياسية قد أدركت أن التحول الديمقراطي في أي بلد يحتاج إلى شروط مسبقة لا بد من توفرها أهمها وجود طبقة متوسطة وكبيرة وعلى درجة عالية من العلم، وكذلك وجود نمو اقتصادي يدعم هذه الطبقة ويحوّل تركيزها من التفكير في الاحتياجات الاقتصادية والحقوقية إلى الحقوق السياسية والاجتماعية لذلك عملت على سحق الطبقة المتوسطة ونقلها إلى مصاف الفئات المعوزة والفقيرة وإشغالها بضغوطات الحياة وبقوتها اليومي والاكتفاء بالانشغال بالسياسة وليس الاشتغال فيها».
واستدرك «ولكن في كل الأحوال فإن المال والفشل الذي وصلت إليه الانتفاضات لا يعني بأي حال إضفاء الشرعية على سياسات الأنظمة الاستبدادية الفاسدة المجافية لحركة التاريخ ومنطقه».
وأضاف «لقد وضعت هذه الثورات الدول القمعية وجهاً لوجه ما مزق تناقضاتها ولم يعد في إمكانها الاستمرار في سياساتها بالقوة السافرة، والقبضة الأمنية العارية وآجلاً أو عاجلاً سوف تشعر هذه الأنظمة بحاجتها إلى تلمس أو البحث عن الشرعية من خلال عقد سياسي واجتماعي جديد مع المجتمع، عقد غير قائم على القسر والإكراه».
وبيّن «من هنا فإن النخب الحاكمة مطالبة بالتخلي عن بعض أوهامها في استئصال الأخر ومراجعة بعض أخطائها وممارسة قدر من التواضع والأيمان بأن الإصلاح الجاد والمتدرج والشامل الذي لا يستبعد أحد هو طوق النجاة للأقطار والشعوب على حد سواء».
وختم القصاب «أما الشق الثاني، فهو مسئولية المعارضة في الدول العربية التي عليها أن لا تكف عن إجراء المراجعات النقدية لمسار الثورات وكذلك مراجعة بعض الرهانات وتقديم الرؤى الوطنية الشاملة لتصحيح المسارات وتصويبها ومعالجة كل نواقصها واخفاقاتها ولابد من اتخاذ خطوات جريئة من أجل استرجاع الزخم الوطني لهذه الانتفاضات مع الثبات على المطالب والأهداف الإصلاحية السلمية مثل الحرية والعدالة والكرامة والمواطنة والديمقراطية من خلال عملية الإصلاح، فالمجتمعات العربية بما تعانيه من تحديات لا تتحمل التغيرات السريعة والحادة ولا تحتمل الصراعات والاستقطابات التي فيها فناء الجميع ولابد من تجاوز الانتماءات الضيقة وممارسة نوع من العقلانية والاستعداد لتقديم بعض التنازلات الصعبة».
العدد 5268 - الثلثاء 07 فبراير 2017م الموافق 10 جمادى الأولى 1438هـ