حذَّرت دراسة أكاديمية حديثة من تحوّل الشخص الخليجي المقترض، الى «مدمن» على قروض لمواكبة نمط الاستهلاك في المجتمعات الخليجية، التي تتخذ من «المظاهر» و«الماركات» معياراً لتصنيف الناس وتقييمهم، مشيرة الى ان القروض الترفيهية والاستهلاكية تستحوذ على نسبة كبيرة من حجم مديونية الافراد في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك وفقاً لصحيفة القبس الكويتية.
وبيّنت دراسة «الاستهلاك الترفي: مجتمعات الخليج العربي نموذجاً» لاستاذي علم الاجتماع بجامعة الكويت د.علي الزعبي ود.فواز العنزي ان ادمان القروض قد يدفع الافراد الى حلول كارثية عبر التنقل من بنك الى آخر، ومن قرض لآخر، ما ينجم عنه عواقب وخيمة تصل الى تهديد الامن الاجتماعي، واضطرابات نفسية عدة. ولفتت الدراسة الى ان النمط الاستهلاكي بدول الخليج، أدى الى هدر الثروات المالية واستنزاف الموارد في استهلاك الكماليات، محذّرة من تآكل الفائض المادي والاجتماعي، في حال استمرار «شره الاستهلاك» الذي يقابله غياب الصناعة والانتاج.
واوضحت ان الاستهلاك الترفي ضاعف الحاجات البشرية بما يتجاوز الموارد المتاحة، ما رفع سقف الاسعار وعرض المنتج الوطني الى الانهيار وكرس التبعية والاعتماد على الغرب.
بلغ حجم القروض الاستهلاكية في دول التعاون 394 مليار دولار في السنوات الاخيرة، وتصدرت السعودية بحجم القروض، بواقع 86 مليار دولار، تلتها الكويت بـ 43 مليار دولار، و34 مليار دولار للامارات التي حلت في المرتبة الثالثة خليجياً، بينما كانت البحرين وعمان الاقل طلباً على هذه القروض، علماً بانها سجلت ارتفاعاً ملحوظاً قدر بـ 88 مليار دولار خلال 2013 ـــ 2014.
وفي المجتمع السعودي على سبيل المثال، تضاعف حجم القروض الاستهلاكية بنسبة %560 من 1998 الى 2003، ما اسقطت المواطن في فخ الاقساط، وارتفعت نسبة قروض السيارات والمعدات لأكثر من %594 بين 1998 و2001، و%305 للقروض الاستهلاكية الاخرى، و%85 لتمويل العقار و%3 لقروض الائتمان للفترة ذاتها.
وحذّر خبراء ومحللون اقتصاديون من خلل في ترتيب اولويات المصارف العاملة بالدول الخليجية، التي يظهرها النمو الكبير في القروض الاستهلاكية الممنوحة للافراد، مقابل معدلات نمو متواضعة في الائتمان الموجه لقطاعات انتاجية واقتصادية.
دخل شهري
وقدرت الاحصائيات الرسمية ان متوسط الدخل الشهري للأسرة الكويتية يبلغ 3 آلاف و350 ديناراً، %72 منها من صافي دخل المشتغلين بأجر، ونحو %21 من التحويلات الجارية ومعظمها حكومية، بينما يمثل صافي الدخل من المنشآت الخاصة والمهن الحرة نحو %2.8، فضلاً عن صافي الدخل من الممتلكات المالية وغير المالية بلغ %0.4 و%1.5 لكل منهما على التوالي.
ولفتت الدراسة الى ان ارتفاع الدخول في المجتمعات الخليجية ساهم في زيادة «الشره الاستهلاكي»، حيث أصبح المال النفطي قادراً على اغراق عشرات الملايين في بحر من الكماليات التي تُعد رمزاً للمكانة الاجتماعية في الخليج، محذرة من تبعات هذه الظاهرة التي تؤدي في النهاية الى اهتزازات عميقة في الشخصية السوية لافراد المجتمع، كعامل معيق للتنمية الاجتماعية.
نهم كويتي
قارنت الدراسة بين التوزيع النسبي للمتوسط الشهري لنصيب الأسرتين الكويتية والاماراتية في الانفاق على السلع والخدمات، وتبين ان الكويتيين أكثر انفاقاً على السلع والخدمات، بينما يتجه انفاق الاماراتيين الى اشباع الحاجات الاساسية فقط، الا ان نسبة انفاقهم على التبغ والكحوليات تعد مرتفعة؛ حيث بلغت %2.95 من اجمالي الانفاق، بينما في حالة الكويت خصصت %0.1 من الانفاق للتبغ.
وفي تفصيل لإنفاق الاسرة الكويتية، تبين ان %37.4 من استهلاك الكويتي يذهب للمسكن، الماء والكهرباء والوقود بكل انواعه، و%11.5 للأغذية والمشروبات، %11.3 للخدمات الشخصية المتنوعة، اما اعمال الصيانة الروتينية والاثاث فتحوز %10 من الانفاق، %6.2 للاحذية والملابس، %5 للنقل و%2.5 للمطاعم والفنادق، اما التعليم، الرعاية الصحية والترفيه والاتصالات فقد ظلت في حاجز %1 ــــ %2.
بينما تنفق الاسرة الاماراتية بمعدل %4.33 في الشهر على التعليم الذي كان له النصيب الاكبر في التوزيع النسبي من الانفاق على السلع والخدمات، وتلته %4.23 لاعمال الصيانة والاثاث، %3 للمسكن والمياه، ونحو %2 لكل من الاغذية والخدمات الشخصية، والتبغ، %1 للمطاعم والفنادق والنقل، اما انفاق الاماراتيين على بقية الخدمات والسلع؛ كالملابس والرعاية الصحية، الاتصالات والترفيه فكان أقل من %1 شهرياً.
أطفال مترفون
وبيّنت الدراسة ان الاستهلاك الترفي الخليجي يتأصل في الطفولة، وان للأسرة دوراً أساسياً في غرس قيم الوعي الاستهلاكي، مشيرة الى ان %54 من الأسر السعودية تنفق نحو ربع دخلها على مستلزمات أطفالهم، و%28 من تلك الأسر تستهلك مستلزمات اطفالهم ثلاثة أرباع الدخل الى الدخل كله، بينما لم تشكل مستلزمات الاطفال سوى أقل من ربع الاستهلاك لدى %12 من الأسر، ومن هذه المعطيات يمكن الجزم بان معدلات الانفاق الكبيرة تنعكس بشكل او بآخر على نمط التنشئة الاستهلاكية للطفل الخليجي.
إعلانات تجارية
وكشفت ان حجم الاعلانات في دول الخليج بلغ مليارين و584 مليون دولار، بنسبة %57 من اجمالي حجم سوق الاعلانات العربي، وتقدر النفقات الاعلانية بباقي الاقطار العربية بمليار و972 مليون دولار، ما يمثل %43 من اجمالي الانفاق الاعلاني العربي الذي سجل ارتفاعاً كبيراً بين 1993 و2005، ليرتفع من 607 ملايين دولار الى 4 مليارات و558 مليوناً.
وخليجياً، أنفقت السعودية والامارات %40 من اجمالي الانفاق الاعلاني بمبلغي 913 و911 مليون دولار لكل منهما على التوالي، لتأتي الكويت في المرتبة الثالثة بـ 435 مليون دولار في العقد الاخير، فضلاً عن 118 مليوناً لقطر، 104 ملايين لعمان و103 ملايين دولار للبحرين.
«الماركات» أرهقت الخليجيات
أكدت الدراسة ان التقلّبات الاقتصادية التي يمر بها المجتمع لم تؤثر في السلوك الاستهلاكي للمرأة الخليجية، التي حرصت على «التباهي» واقتناء أشهر الماركات العالمية المرهقة لميزانيتها، وشمل هذا السلوك الاستهلاكي جميع النساء، سواء صاحبات الدخل الثابت أو العاملات، أو غير العاملات.
مفارقات
أبرزت الدراسة عددا من المفارقات مستقاة من شهادات مستثمرين غربيين، بشأن طبيعة الاستهلاك في المجتمعات الخليجية، ومن بينها أن:
حلول مقترحة
لخَّصت الدراسة عدداً من الحلول للحد من فرط الاستهلاك في الخليج.. بينها:
1- التنشئة الاجتماعية السليمة للأبناء في الأسر.
2- التوعية والإرشاد في المدارس والمساجد وشبكات التواصل.
3- دعم الاسرة في ترسيخ قيم الادخار والاعتدال في الاستهلاك.
4- حملات اعلامية وترويجية لإعادة النظر في هذه السلوكيات.
%11 من إنفاق القطريين على السفر
قدر معدل إنفاق الاسرة القطرية الشهري على تكاليف السفر للخارج بنحو %11 من اجمالي الانفاق في 2013، وبلغ معدلات النفقات غير الاستهلاكية كفوائد القروض، مساهمات التقاعد، التأمينات والمهور %8.
بعد ما فال في دراسته كم قيمة الضرايب اللي استفادت منها دولنا على المواد الاستهلاكيه