تستهوي فكرة المجالس والهيئات المتخصصة الحكومة، علما بأنها فكرة سبقت التحولات السياسية التي دُشنت بالتصديق على ميثاق العمل الوطني، إذ سبق للحكومة أن أعلنت إنشاء مجلس للنفط، وآخر للمياه (جمد نشاطه منذ فترة ليست بالقصيرة).
بعد الميثاق ازداد تشكيل الهيئات النوعية، التي أسست في موازاة مهمات أساسية يفترض أن تقوم بها وزارات ممثلة في مجلس الوزراء، الأمر الذي يشي بأن شيئا من الازدواجية قد يحصل.
وكانت وزارة الإسكان، معنية بإنشاء المدن، كل المدن. وحينما أنشأت مدينة زايد بطريقة أوحت وكأنها صممت ونفذت خارج صلاحيات الوزارة مما كان يلمح إلى تشكيل مجلس للإسكان.
على الصعيد ذاته صدرت تصريحات تفيد عدم وجود نية لإنشاء وزارة للمرأة، لكن تقارير صحافية أفادت أن التشكيل الوزاري المرتقب ربما يتضمن وزارة خاصة بشئون المرأة.
ولا ترى الناشطة منيرة فخرو أي تناقض بين وجود مجلس ووزارة للمرأة في الوقت نفسه، طالما أنهما يقومان على المبادئ نفسها. وتضيف: «لكن العلاقة بينهما لم تتضح بعد، فهل سيتحول المجلس إلى وزارة للمرأة، أم أن الوزارة ستكون أداة تنفيذية للمجلس». ويتفق الباحث الاقتصادي عبدالله الصادق مع فخرو في مسألة اللاازدواجية، ويرى في وجود وزارة «أهدافا، وموزانة... وسعيا نحو إيجاد حلول للقضايا المطروحة». ويعتقد الصادق: «أن الهيئات أكثر استقلالية من الوزارات، فالأخيرة تتبع في قراراتها الإدارية (التوظيف والترقي...) إلى ديوان الخدمة المدنية، أما الهيئات فهي ليست مضطرة لأن تأخذ موافقة من الديوان، وقد تكتفي بالاسترشاد».
لكن المراقبين لا يرون في التحول إلى الهيئات المستقلة ضبطا للفساد بالضرورة، فالمحسوبية مرتبطة بمدى المراقبة والمحاسبة، وبعض الاقتصاديين يلاحظ الهدف من تفكيك الوزارات، فإن كان يستهدف «التمهيد لتخصيص بعض المرافق الحكومية لتحسين الأداء فالعملية إيجابية، أما إذا كان سينجم عن التجزئة تضخيم الجهاز الحكومي من دون أن يترافق مع رفع الكفاءة فإن النتيجة هي زيادة البطالة المقنّعة، واتساع رقعة الفساد».
المسألة الأهم التي يراها الصادق إيجابية هي التسريبات الأخيرة عن التغيير الوزاري المرتقب وتتمثل في إنشاء وزارة للتخطيط، التي «تعد مطلبا للفعاليات المختلفة، التجارية والعمالية وعموم مؤسسات المجتمع المدني، لأن التخطيط الاستراتيجي في بلد محدود الموارد مثل البحرين يكتسب أهمية كبرى». ولا يتفق الصادق مع الرأي الذي يرى أن إنشاء وزارة للتخطيط سيخلق ازدواجية بين مجلس التنمية الاقتصادي ووزارة للتخطيط، فالأول يهتم بجذب الاستثمار أساسا، فيما الثانية معنية بالتخطيط الاستراتيجي على المديين المنظور والبعيد بما يستلزمه ذلك من جمع للمعلومات، وحوار وطني يستهدف خلق إجماع على البرنامج ومصادر تمويله. ويرى الصادق أن أمام وزارة التخطيط هدفين استراتيجيين: «التوظيف على المدى القصير، وإيجاد معدل مستديم على المدى البعيد، والذي يعد الضمان الأساس للاستدامة الديمقراطية»
العدد 58 - السبت 02 نوفمبر 2002م الموافق 26 شعبان 1423هـ