تسلمت مملكة البحرين، رئاسة لجنة المرأة العربية التابعة لجامعة الدول العربية، وسط «هموم نسوية» طغت على الاجتماع الـ (36) للجنة أمس الإثنين (6 فبراير/ شباط2017)، تصدرها عنوان التمكين الاقتصادي.
رئاسة بحرينية ستستمر لعام واحد، وفي افتتاحيتها، احتضن فندق سوفتيل بالزلاق، الاجتماع الذي ضم الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط وفسيفساء عربية توزعت على ممثلات الحقائب الوزارية النسائية في جميع الدول العربية، تغيبت عنها سورية لدواعي (الربيع العربي).
الاجتماع المنعقد تحت رعاية قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة، والمتزامن مع الاجتماع التحضيري العربي الـ (61) للجنة وضعية المرأة بالأمم المتحدة، سعى لصياغة رؤية عربية موحدة، وذلك عبر بنوده الـ 13، من بينها التمكين الاقتصادي، تعزيز المشاركة السياسية، مناهضة العنف ضد المرأة، إلى جانب مقترح بحريني تمثل في اختيار عاصمة للمرأة العربية بصفة دورية.
واستعرض ممثلو الوفود العربية، تجاربهم في مجال دعم المرأة، إلى جانب التحديات المصاحبة، من بينها الفقر ونقص الخدمات الأساسية الصحية والتعليمية، وما يتعلق بنتائج النزاعات التي شهدتها المنطقة على مدار السنوات الأخيرة والتي طالت بالدرجة الأولى النساء في سورية وليبيا والعراق واليمن، بالإضافة لاستمرار المعاناة التاريخية للمرأة الفلسطينية.
مواجهة لذلك، كان الحديث عن تحقيق الرفاه والتنمية، وذلك عبر استشراف الحداثة دون التفريط في القيم والتقاليد المجتمعية الأصيلة للمجتمعات العربية وبما يتسق مع صحيح الدين دون غلو أو تشدد أو تطرف.
أبو الغيط: اتفاقية
عربية لمناهضة «عنف المرأة»
بدوره، نوه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط في كلمته، بجدول أعمال اللجنة، وقال: «ضم الجدول عددا من الموضوعات التي ترتبط بتحسين وضعية المرأة في مجتمعاتنا العربية، وكيفية العمل على إنفاذ حقوقها، وهو الامر الذي يكتسب أهمية خاصة ومتزايدة في ظل الفترة الحالية الحساسة التي تمر بها المنطقة العربية، وما تشهده من تحولات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، وأيضاً الامنية، بحيث أصبحت العلاقة الترابطية بين قضايا الامن والسلم وحقوق المرأة من بين أهم الموضوعات المطروحة، الامر الذي يكسب (خطة العمل الإستراتيجية للمرأة والأمن والسلم في المنطقة العربية) قيمة محورية في هذا الصدد».
وأضاف «بجانب ذلك، فقد أصبحت الحاجة ملحة لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية حقوق المراة أثناء النزاعات المسلحة، وخاصة مع ما شهدناه على مدار السنوات الأخيرة من اتساع في دائرة النزاعات المسلحة وتزايد حدة الارهاب والعنف الممنهج في المنطقة العربية بشكل يطال مجتمعات عربية كاملة بكافة عناصرها ومكوناتها وفئاتها بما في ذلك النساء».
وتابع «تمثل قضية مناهضة العنف ضد المرأة أولوية خاصة على جدول أعمال جامعة الدول العربية، وقد أفرد بالفعل محور مستقل لهذه القضية في إطار الاجندة الاقليمية للمرأة، ومعروض عليكم في هذا السياق مشروع (الاتفاقية العربية لمناهضة العنف ضد المرأة والعنف الأسري)، وكذلك مشروع (الاستراتيجية العربية لحماية المرأة في وضعية اللجوء)، وذلك في إطار تنفيذ التوصيات الصادرة في هذا الشأن عن لجنة المرأة في دورتها السابقة، ومع الأخذ في الاعتبار التزايد الملحوظ في أعداد النساء اللاتي يتعرضن للعنف أثناء اللجوء والنزوح كنتيجة للنزاعات المسلحة التي تشهدها عدة دول عربية خلال المرحلة الحالية».
ونوه أبوالغيط بالجهود التي اضطلعت بها الأمانة العامة للجامعة العربية، وذلك في إطار تنفيذ الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة 2030 التي اعتمدتها الامم المتحدة العام 2015، وهو الهدف الخاص بـ (تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين)، إضافة إلى عرض لجهودها في مجال تفعيل خطة العمل الاستراتيجية التنفيذية لـ (أجندة تنمية المرأة في المنطقة العربية لما بعد عام 2015)».
وفي مجال التمكين الاقتصادي للمرأة العربية، قال أبوالغيط: «ما تشهده المنطقة من تحولات جعل من أهمية بمكان أن تضع الجامعة العربية مسألة التمكين الاقتصادي للمرأة ضمن أولويات (الخطة العربية لتمكين المرأة)، لما يمثله من تحسين الوضعية الاقتصادية للمرأة من تأمين إضافي لها، وسيناقش هذا الموضوع في إطار اجتماع اللجنة من خلال تناول عدة مبادرات من بينها (شبكة خديجة للتمكين الاقتصادي للمرأة) التي أطلقتها الجامعة العربية بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة والاتحاد الأوروبي، وأيضاً من خلال تناول مقترح صوغ (وثيقة عربية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في المجال الاقتصادي)، وكذلك مشروع (التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة محدودة الدخل)».
ووفقاً لحديث أبوالغيط فإن جامعة الدول العربية تعمل وبالتعاون مع مختلف الآليات الحكومية في الدول الأعضاء والمنظمات الاقليمية والدولية المعنية من أجل تطوير السياسات التي تتعامل مع شئون المراة وقضاياها في المنطقة العربية، وذلك لضمان قيام تنسيق فعال وجاد بين هذه الآليات والبرامج في إطار منظومة عمل متناسقة تستهدف الارتقاء بوضعية المرأة في إطار السعي لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.
الأنصاري: جائزة بحرينية
عالمية لتمكين المرأة
بدورها، قالت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الانصاري، إن الاجتماع يأتي في ظل استمرار الكثير من التحديات المحيطة بالمرأة العربية، مشددة على ضرورة الانتقال بالعمل العربي المشترك في مجال تمكين المرأة ومتابعة تقدمها إلى مرحلة جديدة.
وأضافت أن «الامل في أن نضع عبر الاجتماع توصيات تنسجم مع أولويات المرحلة المقبلة، وذلك بالنظر للموضوعات المطروحة على جدول أعمال الاجتماع، وأبرزها أجندة التنمية المستدامة للمرأة العربية 2030، المرأة والامن والسلام ومكافحة الارهاب ومناهضة العنف ضد المراة، تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة العربية ورفع مستوى مشاركتها في سوق العمل مع التركيز على جوانب التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة المعوزة ومحدودة الدخل، تعزيز المشاركة السياسية للمرأة في المنطقة العربية، وتعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات في مجال تعزيز وتمكين المرأة».
وتابعت «بجانب ذلك، اهتم الاجتماع بتحضيرات المشاركة في أعمال الدورة (الحادية والستين) للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة، والتي ستنعقد خلال شهر مارس/ آذار المقبل، وتطلعاتنا بأن تتمكن الدول العربية من إلقاء بيان مشترك خلال الجلسة الافتتاحية، أسوة بغيرها من المجموعات الجغرافية التي تحرص على وحدة موقفها ووضوح رسالتها في المحافل الدولية الهامة».
وخلال الجلسة الافتتاحية، أعلنت الأنصاري رسمياً عن جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة، وفتح باب المشاركة في دورتها الأولى، وذلك بالتعاون مع هيئة الامم المتحدة للمرأة، والتي تبنت مشروع الجائزة وعملت على بلورته بما يتناسب والمعايير والممارسات الدولية، وذلك بالنظر لما حققته هذه الجائزة من أثر طيب على وضع المرأة العاملة على المستوى الوطني.
وتهدف الجائزة، وفقاً لتوضيحات الأنصاري، الى مساندة وتعزيز دور المؤسسات في تطبيق منهجيات التوازن بين الجنسين وإدماج احتياجات المراة في مسارات التنمية، كما ستتيح الجائزة فرصة التقدير الدولي العلني لإنجازات المؤسسات والأفراد في مجال تمكين وتقدم المرأة ونشر رسالة للعالم تنطلق من الوطن العربي حول أهمية دور المراة في التنمية والسلم الاجتماعي والسياسي.
واستعرضت الوفود العربية المشاركة في اجتماع لجنة المرأة العربية، تجارب بلدانها في مجال تمكين المرأة وتحسين أوضاعها. تفاوتت التجارب، بين صعبة كما هو الحال مع «المرأة الفلسطينية» وبين باعثة على الأمل كما هو الحال مع «المرأة التونسية». في التجربة الفلسطينية، تحدث رئيس الوفد فقال «تنتظر المرأة الفلسطينية التي تعاني نير الاحتلال الصهويني كل الدعم من هذا الاجتماع»، مضيفاً «المرأة في بعض الدول العربية أصبحت تعاني للأسف أكثر من معاناة المرأة الفلسطينية، وبدم عربي. ناضلت وضحت ولا تستحق منا العنف المجتمعي والقتل والتعذيب».
وتابع أن «هذه المرأة التي بجب ان تكرم، للأسف الشديد في مجتمعاتنا تعنف وتضرب وتقتل بشكل يومي لأتفه الأسباب»، مرجعاً ذلك لما أسماه بـ»الثقافة المجتمعية الذكورية»، التي «يجب أن تتغير».
وأردف أن «وزارة شئون المرأة الفلسطينية، وزارة حديثة عمرها 10 سنوات، وهي وزارة بكامل نصابها، وهناك عدد من المحاور التي نعمل عليها»، منوها الى أهمية العمل عبر 5 محاور لتجاوز التمييز ضد المرأة، وتشمل: الاسرة، التربية، رجال الدين، القضاء، والإعلام.
ونوه الوفد الفلسطيني ببدء العمل على تطوير القوانين والتشريعات، والوصول لمرحلة الانتهاء من قانون حماية الاسرة من العنف الموجود على طاولة مجلس الوزراء، والذي «سيصدر قريباً جداً»، إلى جانب المبادرات والحملات الاعلامية التي تستهدف «الإبقاء على قضية المرأة في كل حديث».
إلى تونس، حيث الوفد الذي ترأسته وزيرة شئون المرأة والأسرة نزيهة العبيدي، والتي قالت: «حين أتحدث عن بلدي فإن البعض قد يعتقد أن تونس قد هزتها بعض الأشياء، وهذا صحيح، لكننا في تونس كمجتمع بنسائه ورجاله، نؤكد على ضرورة ان يكون هناك تواصل بين المرأة والرجل».
وأضافت «عندما نتحدث عن المرأة العربية، نتذكر زوجة الرسول (ص) خديجة بنت خويلد، المرأة القائدة والمنتجة والمستثمرة في عديد المجالات، وهي أسوة لنا ولكل امرأة عبر التاريخ، والحديث عنها تأكيد لتاريخ المراة العربية الحافل بالنجاحات». وفي الحديث عن التجربة التونسية، قالت العبيدي: «منذ سنة 2011، تغير نظام الحكم في تونس، لكن هذا التغيير ورغم ما فيه من تحركات ومستجدات، فقد انتصرنا نحن رجال ونساء تونس على القوى الظلامية وعلى القوى التي تريد ان تعيدنا الى مربعات لم نكن نعرفها من قبل، فدستور 2014 أقر التناصف الكامل بين المرأة والرجل، وجاء ذلك ليتأكد في حكومة الوحدة الوطنية الآن بوجود 8 نساء في الحكومة وفي مختلف القطاعات، كما جاء ليتأكد بوجود 35 في المئة من النساء في البرلمان التونسي، وكل ذلك أقره الدستور حينما قال في فصله الـ 46 أن الدولة تكفل ضمان حق المرأة في جميع المجالات وبذلك أمكننا وضع خطة لمناهضة العنف»، وعقبت «خلال الأسبوع الفائت كنا نناقش في مجلس الشعب هذا القانون الذي ينهاض كل أشكال العنف، ووضعنا خطاً أخضر للمكالمات الهاتفية لتستنجد المرأة بهذا الخط». أما التجربة السعودية التي كانت محط اهتمام ومراقبة، فأوضحتها الوكيل المساعد لشئون الأسرة بوزارة التنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية لطيفة سليمان، فقالت: «السعودية احدى الدول الساعية لتعزيز واقع المواطن والتنمية المستدامة في اطار الشريعة الاسلامية الغراء، ولأن المرأة شريك في تحقيق هذه التنمية فقد وضعت السعودية كثير من السياسات والأنظمة ومنها العضوية في مجلس الشورى، الترشيح والانتخاب في المجالس البلدية، التفويض الدبلوماسي، توطين الوظائف في سوق العمل، وإلزام الوزارات بإنشاء أقسام معنية بالمرأة، إلى جانب ما كفلته الدولة من حق للمرأة من خلال الضمان الاجتماعي».
العدد 5267 - الإثنين 06 فبراير 2017م الموافق 09 جمادى الأولى 1438هـ