عندما نلج إلى عالم الفنان الكردي السوري بهرم حاجو ندخل في شخصنة الإنسان بما يحمله من عولم الصراع الأزلي بين مكنونات البشر والعوالم التي تحيط به، فلوحات بهرم تتسق مع الطرح التعبيري لشخوصه (القلقة) التي تأتي بتكوينات ابتكارية وخطوط انسيابية تنم عن تمكن واضح في الرسم وتكوين الشخوص المرسومة ككتل يحيطها البياض .
وأعتقد أن بهرم يرسم نفسه في كل لوحة مهما اختلف تكوينها، ونجد أيضا الأجسام (الفجر) الطائر في الفضاء التي تعبّر بشكل أو بآخر عن الذكريات لوطنه الأم التي تركها منذ زمن بعيد، فتكويناته الطائرة التي تبحث عن وطن بديل فيحاول الاستعاضة عنه بإعلان وجوده من خلال تعبيراته العالية التي تأتي من خلال التكوينات للأجسام في جميع الاتجاهات والتي تتقاطع وتتمحور حول خلفية بيضاء بتدرجات (مونو كرامية) إلى جانب إدخال القليل جداً من الألوان الشاحبة في بعض المواقع والتي تكون غالبا في الوجوه يعطيها صيغاً تعبيرية مضافة إلى ديناميكية العمل الفني.
تتسم أعمال بهرم بأحجام كبيرة وهذه الميزة مكنته من السيطرة الكلية على التكوينات والكتل المرسومة بحداثة عصرية متفردة، وتوظيفه المختصر والمختزل من الألوان يأتي لصالح الفكرة التي يركز على إيصالها، فالمتلقي يظل مدهوشاً أمام هذه (الصعوبة/ والبساطة) في إخراج هذه الأعمال التي تعبر بصدق عن روح يختلط فيها الشفاف مع الكتل الغامقة والوجوه الغامقة التي تنبعث منها بقع بيضاء كأنها أشباح في عتمة، فهذه السيطرة على التفاصيل الصغيرة في محيط البياض الكبير بعطي للشخوص المرسومة حياة وتدفقاً روحياً ومعظم شخوصه تنظر إلى المتلقي مباشرة لخلق حوار مباشر وأسئلة دون انتظار... لا أجوبة جاهزة.
لا نستطيع ان نفصل بين شخصية الفنان بهرم ولوحاته، فهو الفنان الذي يتوحد مع أعماله حيث نجد لوحاته تحكي قصة طويلة تبوح وتحكي بسردية ذاتية لمكنونات روحه الصادقة، ولهذا نندهش لمشاهدة أعماله على رغم اختلاف مواضيعها وطرحة (المتغير/ المؤتلف) فبهرم يقابلك بضحكة دائمة وطيبة نادرة، وحميمية في الحوار والهدوء في الاستماع. في لوحته يعكس قلقه وحزنه وفرحه وأمله ورؤاه للكون .في تجربة الفنان بهرم نموذج لفنان يمتلك رؤية فنية يقدمها باقتدار وملكة فنية احترافية اكتمل شروط إنجازها تكويناً ورسماً وتقنية وسلوكاً فنياً راقياً.