على إيقاع موسيقى بدوية تقليدية، تتمايل يمينيا ويسارا مجموعة من النساء اللواتي ارتدين عباءات خضراء مطرزة بخيوط ذهبية، ليتطاير فوق اكتافهن، مع حركتهن الراقصة والمتناسقة، شعرهن الاسود الطويل.
وحولهن، يلوح عشرون رجلاً ارتدوا الزي الاماراتي الأبيض، بالعصي وهم يشاركون في رقصة العيالة الشعبية التراثية في قلب صحراء منطقة سويحان التابعة لمدينة العين قرب العاصمة أبوظبي.
على بعد نحو 100 كيلومتر من المدينة التي تتسابق فيها ناطحات السحاب صعودا، تحتضن سويحان النسخة الحادية عشرة من مهرجان "سلطان بن زايد التراثي"، لتقدم لقاصديه نبذة عن التراث الثقافي والبدوي لدولة الامارات العربية المتحدة.
ويقدم المهرجان الذي يرعاه ويرأسه الشيخ سلطان، أحد أبناء الشيخ زايد مؤسس هذه الدولة الخليجية الحديثة، موسيقى ورقصات تقليدية، ويشمل أيضاً مسابقات في الشعر والتصوير.
والمهرجان يضم كذلك مسابقات أكثر حركة، وبينها سباقا الأبل والسلوقي العربي. يقول الشيخ سلطان لوكالة "فرانس برس" "ليس هناك من شك بان للحياة الحضارية التأثير القوي على (شباب) المدن، ولذا فانه من المهم حفظ تقاليد وثقافة البلاد وشعبها".
ويعتبر الشيخ سلطان الذي غالباً ما يرتدي سترة فوق زيه الاماراتي التقليدي ان المهرجان "يساعد كثيرا" الشبان على فهم الموروث الثقافي والعادات التي يتحلى بها سكان الصحراء خصوصا.
وبحسب رئيس المهرجان، فان جهودا اضافية في هذا الصدد يجب ان تبذل في المدارس وحتى داخل البيوت الاماراتية نفسها.
ويرى ان على الاعلام "ان يخصص مساحة أكبر للثقافة" المحلية في وقت تتسابق الوزارات والدوائر الحكومية على الغوص في وسائل التواصل الاجتماعي ونقل اخبارها بشكل متواصل على مواقع يتابعها غالبية الشباب وبينها "فيسبوك" و "تويتر".
جمال وسباق وجوائز
خلال احدى مسابقات المهرجان، يجلس الشيخ سلطان وقد وضع على راسه عمامة تقليدية، فوق كنبة كبيرة عند مقدمة المنصة الرئيسية للحدث.
وتضم مسابقة الجمال الخاصة بالابل بحسب برنامجها سبع فئات بينها: "مداني" (الناقة الحامل التي توشك على الولادة)، "حقايق بكار" (الناقة العذراء التي تبلغ من العمر عامين)، "عزّف" (الناقة التي انجبت حديثا)، حول (الناقة التي لم تكن حاملا يوما)، و"زمول" (الذكور التي تبلغ من العمر خمسة اعوام وما فوق).
وينصب تركيز الحكام في مسابقة "مزاينة الابل" التي تعتبر الفاعلية الرئيسية في مهرجان الشيخ سلطان، على امور محددة في هذه الابل، اهمها شكل الراس والعنق والسنام، والمظهر العام، وطول الرموش ولمعان الفرو.
ويفسر المهرجان اهمية هذه المسابقة بالقول إن الإبل تحظى لدى مواطني دولة الإمارات ودول الخليج عموما بأهمية وعناية خاصة "لارتباطها ارتباطا وثيقا بموروث الآباء والأجداد. ومن هنا يأتي اهتمام الملاك باقتناء أجمل الإبل من أفضل السلالات الأصيلة لحفظ هذا الموروث العريق".
وتهدف "مزاينة الإبل" إلى "ابراز المعايير الجمالية للإبل العربية الأصيلة، وتحفيز الملاك على اقتنائها والمحافظة عليها من أي تهجين أو شوائب".
وتنص بعض شروط المسابقة على ان تقتصر المشاركة على "الابل المحلية" في دول الخليج، وعلى خلوها من اي نوع من انواع التهجين، وعلى ان تكون "مدربة ومهذبة وسهلة الانقياد".
ومع اعلان نتائج فئة "مداني"، يقف الشيخ سلطان ليحيي الفائز وصاحبه الذي يحمل الجنسية القطرية، وسط تصفيق الحاضرين، بينما تقوم طائرة صغيرة يتم التحكم بها عن بعد بتصوير الحفل.
وخلف المساحة المخصصة للابل، اصطفت 80 سيارة حديثة رباعية الدفع تقدم للفائزين في مسابقات المهرجان.
ومن بين الجوائز ايضا، مبالغ مالية تتراوح بين عشرة الاف و45 الف درهم اماراتي (2700 الى 10800 دولار) تقدم كذلك لأصحاب المراكز العشرة الاولى في كل فئة من كل مسابقة.
وفي سباق الهجن، يمتطي الإبل شبان، وهو أمر نادر في الامارات حيث تقود روبوتات صغيرة يتم التحكم بها عن بعد الإبل خلال السباقات التي تعتبر من أهم وأبرز الرياضات التنافسية في البلاد.