بعد التظاهرات الحاشدة المنددة بقراراته، وإثر حملة التنديد التي شملت العديد من العواصم العالمية، وصلت المعارضة لقرارات الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مجال الهجرة الى قلب اجهزة الدولة، فقرر الاخير مواجهتها بمزيد من التشدد.
وبعد ان اقال مساء الاثنين (30 يناير/ كانون الثاني 2017) وزيرة العدل بالانابة، شن ترامب الثلثاء حملة شرسة على معارضيه الديموقراطيين في الكونغرس واتهمهم بالعمل على شل عمل الحكومة عبر تأخير تثبيت المسؤولين الذين اختارهم.
وقال في تغريدة الثلثاء "عليهم ان يشعروا بالعار! من غير المفاجئ الا تتمكن واشنطن من العمل"، في اشارة الى ادارته التي لم يكتمل عقدها بعد بانتظار موافقة الكونغرس على بعض المسؤولين فيها.
وفي موقف نادر جدا خلال فترة تشكيل فريق حاكم جديد في البيت الابيض، أمرت سالي ييتس وزيرة العدل بالوكالة، النواب العامين بعدم الدفاع عن مرسوم ترامب الاخير مشككة بشرعية هذا المرسوم.
الا ان البيت الابيض وفي بيان شديد اللهجة أعلن اقالة هذه المسؤولة المعينة من قبل ادارة الرئيس السابق باراك اوباما، واتهمها بانها "ضعيفة جدا في مجال الهجرة غير الشرعية" وبانها "خانت" وزارتها.
وعلى الفور أمرت خليفتها دانا بوينتي العاملين في وزارة العدل بـ"القيام بواجبهم والدفاع عن الاوامر الشرعية لرئيسنا".
ويدافع البيت الابيض عن مرسومه بحجة منع "ارهابيين اسلاميين متطرفين" من دخول الولايات المتحدة. وقال ترامب في هذا الصدد "هذا الامر لا علاقة له بالديانة، له علاقة بالارهاب وبامن بلادنا".
-"تداعيات سلبية على المدى الطويل"- ودار جدل الثلثاء حول تسمية المرسوم الاخير لترامب.
وقال شون سبايسر المتحدث باسم البيت الابيض "ليس الامر حظرا (بان بالانكليزية) بل الهدف هو التدقيق الصحيح بالاشخاص الذين يدخلون" الاراضي الاميركية.
ولما سأله أحد الصحافيين "اليست هذه هي الكلمة التي يستخدمها الرئيس ترامب نفسه؟" اجاب المتحدث بانزعاج شديد "انه يستخدم الكلمات التي تستخدمها وسائل الاعلام".
الا ان الرفض لقرارات ترامب لا يأتي فقط من صفوف الديموقراطيين.
وفي رسالة مفتوحة اعتبر عشرات المستشارين السابقين في ادارتي اوباما وجورج بوش ان هذا المرسوم يوجه "الرسالة الخطأ الى المجموعة المسلمة في البلاد وفي العالم" اي ان الحكومة الاميركية "هي في حالة حرب ضدهم على اساس ديني".
وأعرب الموقعون على هذه الرسالة عن قناعتهم بان هذا القرار سيكون له "تأثير سلبي على المدى الطويل" على الامن القومي للولايات المتحدة.
من جهة ثانية احتج دبلوماسيون اميركيون الاثنين على قرار ترامب مستخدمين قناة رسمية تتيح لهم الاحتجاج على قرارات يتخذها من هم اعلى منهم رتبة. الا ان رد البيت الابيض كان فجا "اما ان يوافقوا على البرنامج واما ان يرحلوا".
كما خرج الرئيس السابق اوباما عن صمته الاثنين معربا عن ارتياحه عبر المتحدث باسمه، عن "مستوى التعبئة" ضد ترامب في كافة انحاء البلاد.
وكان اوباما وعد بعدم التدخل الا في حالات المس بـ"القيم الاساسية" للبلاد. وبعد عشرة ايام على خروجه من البيت الابيض اعتبر ان هذا الامر حصل، فتكلم.
وتتوالى الاحتجاجات من كل انحاء العالم على قرارات ترامب وأبرزها منعه رعايا سبع دول ذات اغلبية اسلامية من دخول الولايات المتحدة لمدة ثلاثة أشهر حتى ولو كانوا يحملون تاشيرات دخول قانونية.
وأعلن ائتلاف كبير من الشركات العاملة في المجال التكنولوجي الاميركي انه يعمل على درس امكانية رفع شكوى مشتركة للاحتجاج على مرسوم ترامب.
-"تصريحات مقلقة"- وخارج الولايات المتحدة لم تتراجع حدة موجة الرفض لقرارات الرئيس الاميركي.
واعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الثلاثاء ان قرار الرئيس الاميركي يشكل عقابا لمن "يقاتلون الارهاب".
وقال العبادي في اول رد فعل له على القرار متوجها بالكلام الى ترامب "أنت تأتي على الضحية لتحاسبه، على الناس الذين يضحون والذين يقاتلون الارهاب لتعاقبهم".
وندد رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك بالتصريحات "المقلقة" لادارة ترامب "التي تجعل مستقبلنا غامضا بشكل كبير".
واضاف في رسالة موجهة الى قادة دول الاتحاد الاوروبي الـ27 (من دون بريطانيا) ان الادارة الاميركية الجديدة "تبدو وكأنها تعيد النظر بالسنوات السبعين الاخيرة للسياسة الخارجية الاميركية".
ودعا نائب رئيس الحكومة التركية نعمان كورتولموش الثلاثاء الرئيس ترامب الى اعادة النظر في مرسومه الذي دفعت باتجاه اصداره "المشاعر المناهضة للهجرة والاسلاموفوبيا المتنامية في الغرب".
وكانت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل اعتبرت ان مكافحة الارهاب لا تبرر "تعميم الشكوك ضد الاشخاص بناء على معتقداتهم، والمقصود هنا هم المسلمون".
ومن المقرر ان يناقش النواب البريطانيون في العشرين من شباط/فبراير العريضة التي جمعت 1،7 مليون توقيع مطالبة بخفض مستوى زيارة ترامب المرتقبة لبريطانيا من زيارة دولة الى زيارة رسمية.