عبر وكيل وزارة الخارجية المساعد لشئون مجلس التعاون والدول العربية ظافر العمران، عن قلق مملكة البحرين من حملة الاستيطان الواسعة التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية، والهادفة إلى محاصرة الفلسطينيين في كانتونات معزولة عن بعضها بعضا، وتحول دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتصلة جغرافيا وذات سيادة.
جاء ذلك خلال الفعالية التي أقامها مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج العربي في المنامة وسفارة دولة فلسطين لدى مملكة البحرين، بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، يوم أمس الإثنين (30 يناير/ كانون الثاني2017)، في بيت الأمم المتحدة.
وأكد العمران خلال كلمته ضرورة وضع القضية الفلسطينية على جدول أعمال كافة الاجتماعات الدولية، على الرغم من كل الانشغالات والأولويات التي فرضتها الأحداث في المنطقة.
وقال: «نحن في مملكة البحرين حريصون على بذل كل ما في وسعنا من جهود لدعم قضية العرب المركزية في مختلف المجالات والمحافل الإقليمية والدولية».
وجدد العمران تأكيد موقف مملكة البحرين الثابت والمبدئي الداعم للقضية الفلسطينية، ونضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه غير القابلة للتصرف، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته تجاه هذه القضية المصيرية والتي تمس الجميع.
وأكد كذلك ضرورة استئناف المفاوضات وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لتحقيق حل الدولتين، منوها في هذا الإطار بدعم البحرين الجهود الفرنسية التي بذلت خلال العام الجاري بهدف عقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية، وقال في هذا الشأن: «أكدنا على أن أي مبادرة دولية في هذا الخصوص، ينبغي أن تفضي إلى حل الدولتين، ووفقا لما جاء في المبادرة العربية للسلام في العام 2002».
وذكر العمران أن مملكة البحرين تناشد المجتمع الدولي وضع حد للاحتلال الإسرائيلي وتحمل مسئوليته الدولية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني، وتستنكر الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة على حرمة المسجد الأقصى بين الحين والآخر، وعمليات الحفر والهدم والتخريب لأجزاء من الحرم القدسي، والتي تعتبر عدوانا خطيرا على مقدسات الأمة العربية والإسلامية.
وختم كلمته بالقول: «لا بد من التأكيد على أن السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط، لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».
أما مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام بالإنابة سمير الدرابيع، فقال: «نجتمع اليوم لنجدد التزامنا بالتضامن مع حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، والتي أقرتها الأمم المتحدة عبر سلسلة قرارات من مختلف أجهزتها الرئيسية، كالجمعية العامة ومجلس الأمن وغيرها».
وأضاف «لا يرتبط تضامننا مع الشعب الفلسطيني بيوم أو مناسبة، فنحن في الأمم المتحدة نريد دائما تذكير العالم بأن قضية فلسطين لم تُحل بعد، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أُبعِدوا عنها».
وتابع «علينا أن نذكر الجميع بالتزاماتهم وواجباتهم تجاه الشعب الفلسطيني، وأن نرفض معا القرارات أحادية الجانب الهادفة لتقويض حلم الشعوب المحبة للسلام بتحقيق حل الدولتين القائم على العدل والسلام الشامل والدائم».
وأشار الدرابيع إلى تكاتف العالم رفضا للاستيطان في قرار تاريخي عن مجلس الأمن نهاية العام 2016، والذي يطالب بأن «توقف إسرائيل فوراً وفي شكل تام كل الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، ويعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية ليس لها أي أساس قانوني وتشكل خرقا فاضحا للقانون الدولي».
أما المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لمنطقة غرب آسيا إياد أبومغلي، فقال: «نحن هنا اليوم ليس لإحياء ذكرى قرار أو لإظهار تضامننا مع الشعب الفلسطيني فقط! بل لأننا ملتزمون بالعمل من اجل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية التي لن تكتمل الا بإعطاء كل ذي حق حقّه، والاعتراف الكامل بالكيان السياسي والجغرافي والاقتصادي والاجتماعي للفلسطينيين وحق تقرير المصير لدولة يعيش على أمل العودة إليها أكثر من 12 مليون فلسطيني نصفهم مشردّون في بقاع الأرض وأقاصيها خارج حدود فلسطين التاريخية، والنصف الآخر منهم لاجئون داخلها تحت وطأة الاحتلال الوحيد المتبقي على وجه الكرة الأرضية».
وأضاف أن «الأمم المتحدة والتي تمثل دول العالم أجمع أقرّت من خلال قراراتها المتعاقبة بشأن القضية الفلسطينية بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على حدود العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وحقه في الاستقلال الوطني والسيادة من دون أي تدخل أجنبي وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم وتحقيق تطلعاتهم في تأمين تنمية شاملة ومستدامة، ينعم فيها كل فلسطيني كباقي الأجناس والأعراف ومواطني دول العالم. بحقه في عيش كريم يتمتع بالعدل والمساواة».
وأشار أبومغلي إلى توالي المشاهد اللا إنسانية التي هزت العالم ولاتزال، من بساتين الزيتون التي اقتلعتها عمدا قوات الاحتلال، إلى أطفال يموتون بسبب عدم توافر الغذاء والدواء؛ بسبب الطوق وبناء الجدار غير القانوني وغير الإنساني الذي فُرض عليهم، وقال أيضا: «لن ننسى مشاهد كرامات الشيوخ والنساء التي انتهكت على المعابر فقط لأنهم ارادوا لقاء أحباء وأقارب. عائلات قُسمت بسبب الاحتلال، أرواح زُهقت بوحشية، وكرامات هدرت، على مدى تاريخ طويل».
وذكر أن رعاية الأمم المتحدة ليوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، تأكيدا على موقفها الراسخ من أجل إبقاء هذه القضية محوراً للاهتمام الدولي في ظل الصراعات العالمية في مشارق الأرض ومغاربها، لافتا إلى أن القرار «2334» الصادر في 23 ديسمبر/ كانون الأول2016 بشأن الاستيطان غير المشروع في القدس وباقي مدن فلسطين، تأكيد على تضامن العالم أجمع من أجل حل هذه القضية العادلة بما يتناسب والقرارات الدولية ويحقق مبدأ الدولتين.
وأكد أبومغلي أن معدلات البطالة في غزة من بين أعلى المعدلات في العالم، في حين أن نحو 80 في المئة من السكان تتلقى المساعدة الإنسانية في غياب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مبينا أنه في القدس، يواجه الفلسطينيون سياسات البناء التقييدية، ونتيجة لذلك، تشهد تزايدا لأزمة السكن والممتلكات، معتبرا أن تشييد جدار الفصل العنصري قوض الاقتصاد في القدس الشرقية وهو السبب الرئيسي لمعدلات البطالة المتزايدة.
ومن جهته، قال السفير الفلسطيني في البحرين طه عبدالقادر: «الاحتلال الإسرائيلي يمارس التنكيل والبطش والإرهاب والعنصرية لكل أبناء الشعب الفلسطيني، ولكن ممارساته القمعية تأخذ أشكالا مختلفة، فالبطش الذي يمارس في قطاع غزة، يختلف عن ذاك الذي يمارس في القدس الشرقية أو الضفة الغربية بشكل عام، ويختلف عما يمارس في أراضي 48، والتي يقيم عليها الفلسطينيون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويمثلون نحو مليون ونصف فلسطيني، ولكن لا تنطبق عليهم القوانين العادلة بحقهم».
وأضاف أن «هذه الضغوطات الثقافية والدينية والسياسية والإنسانية، تضاف إليها أعمال القتل، ووجود المئات من المعتقلين من عدة مناطق فلسطينية، ومصادرة الأراضي. وأذكر في هذا المجال، أن اليهود حين احتلوا الأراضي الفلسطينية، كانت نسبة الأراضي التي يمتلكونها في العام 1947 لا تتجاوز 5 – 7 في المئة من الأراضي الفلسطينية، والتي تبلغ مساحتها 27 ألف كيلومتر مربع».
وواصل «الآن الفلسطينيون يملكون -بخلاف أراضي الضفة الغربية- 3 في المئة فقط من الأراضي الفلسطينية، بعدما ما كانوا يملكون في الأراضي القريبة من الحدود الفلسطينية والمصرية وفي منطقة المثلث وعكا وحيفا، أكثر من 90 في المئة».
وأشار إلى أن مصادرة الأراضي الفلسطينية من قبل أصحابها، يتم عبر الاستيلاء على الأرض مقابل منح أصحابها أرض أخرى في منطقة أخرى، من دون اعتبار لأي قانون في هذا الشأن، وفقا لعبدالقادر، الذي ذكر أيضا أن القرية الفلسطينية لا تستطيع أن تتمدد، منذ العام 1948 وحتى اليوم، وكل ذلك من أجل إجبار الفلسطيني على هجرة بلاده.
كما لفت على صعيد متصل، إلى وجود 8500 معتقل فلسطيني في المعتقلات الصهيونية، مؤكدا أن 90 في المئة منهم محكومون بأكثر من حكم بالسجن المؤبد، وأن بعضهم تصل أحكامهم إلى أكثر من مئة عام، متطرقا في هذا الإطار إلى أحد الأشخاص الذي اعتقل وعمره 15 عاما، وتم الإفراج عنه بعد 50 عاما.
واعتبر عبدالقادر كل تلك مؤشرات على أن المحتل لا يؤمن بالسلام، وقال: «إنهم يريدون الأرض والسماء والبحر، وفي نفس الوقت لا يريدون للفلسطينيين أن يبقوا في فلسطين. وبينما يعلنون أمام العالم أنهم يريدون السلام، فإن 6 ملايين فلسطيني موجودين في فلسطين، لا يحصلون على أدنى حقوقهم».
العدد 5260 - الإثنين 30 يناير 2017م الموافق 02 جمادى الأولى 1438هـ