اجتاح الغضب العالم أمس الأحد (29 يناير/ كانون الثاني2017) رداً على حظر دخول المهاجرين إلى الولايات المتحدة، فيما انتقدت دول عدة منها دول حليفة لواشنطن منذ فترة طويلة الإجراءات، ووصفتها بأنها تمييزية وتثير الانقسامات.
وانتقدت حكومات بدءاً من لندن وبرلين وانتهاء بجاكرتا وطهران الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويعلق السماح بدخول اللاجئين إلى بلاده لمدة 4 أشهر، كما يحظر مؤقتاً السفر إلى الولايات المتحدة من سورية و6 دول أخرى غالبية سكانها من المسلمين؛ بدعوى أن ذلك سيحمي الشعب الأميركي من الإرهاب.
ميركل: مرسوم ترامب حول الهجرة «غير مبرر»
وفي ألمانيا التي استضافت عدداً كبيراً من اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية في سورية، أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن القيود التي فرضها ترامب على دخول مواطنين من 7 دول غالبية سكانها من المسلمين «غير مبررة»، كما قال الناطق باسمها شتيفن سايبرت أمس (الأحد).
وقال سايبرت في تصريحاتٍ نقلتها وكالة الأنباء الألمانية أن ميركل «مقتنعة بأنه حتى في إطار مكافحة الإرهاب التي لا بد منها، من غير المبرر تعميم الشكوك على أشخاصٍ بحسب أصولهم أو معتقداتهم».
وأضاف أن «المستشارة تأسف لمنع الدخول الى الولايات المتحدة الذي فرضته الحكومة الاميركية على لاجئي ومواطني بعض الدول».
وأوضح ان الحكومة الألمانية «ستواصل الآن دراسة انعكاسات» نتائج هذا المنع على المواطنين الالمان الذي يحملون جنسية مزدوجة وتطولهم الاجراءات الاميركية».
موغيريني: المهاجرون يستحقون الاحترام
وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني أمس أن أيا من المهاجرين يستحق «الاحترام» مهما كانت «ديانته». وكتبت موغيريني تحت عنوان «من خلال عيون الاطفال السوريين» ومن دون اي اشارة الى ترامب، «الجميع يستحقون الاحترام بمعزل عن الديانة والجنس والجنسية».
وتابعت موغيريني «نحن الاوروبيين تعلمنا من تاريخنا الكبير والمأسوي ان جميع الافراد هم اولا وقبل كل شيء اناس لهم حقوق راسخة».
وأكدت ان الأوروبيين «سيواصلون دعم من يفرون من الحرب واستقبالهم والاهتمام بهم»؛ لان «قلوبنا وضمائرنا تدرك ان هذا هو الخيار السليم».
وتابعت «انها وسيلة لنبقى اوفياء لانسانيتنا المشتركة وفي الوقت نفسه لمصالحنا»، مذكرة بان الاتحاد الاوروبي كان «اول مانح انساني لسورية».
معارضة فرنسية وبريطانية
وتكررت تعبيرات مماثلة في باريس ولندن حيث قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو: «الإرهاب لا علاقة له بالجنسيات. ولا ينبغي أن تكون (مواجهته) بالتمييز». في حين غرد نظيره البريطاني على تويتر بوريس جونسون قائلاً إن القرار «يثير الانقسامات ومن الخطأ تشويه السمعة على أساس الجنسية.»
وقال ترامب إن الأمر التنفيذي -الذي يحظر دخول اللاجئين من سورية إلى أجل غير مسمى- «ليس حظراً على المسلمين»، لكنه أضاف أنه سيسعى لأن تكون هناك أولوية للاجئين المسيحيين الفارين من سورية.
العراق: مطالبات بالرد بالمثل
هذا، وواجهت واشنطن أمس (الأحد) غضباً متصاعداً في العراق إثر إصدار المرسوم الذي أصدره ترامب.
وأثار هذا القرار غضب العراقيين الذين يقاتلون تنظيم «داعش» منذ أكثر من عامين بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، الأمر الذي دفعهم الى المطالبة بمعاملة المواطنين الأميركيين بالمثل.
وصرح نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي النائب حسن شويرد لفرانس برس «طالبنا الحكومة العراقية بشكل واضح بالتعامل بالمثل في كل الامور التي تحصل مع الولايات المتحدة، لأن العراق بلد لديه سيادة، مع أننا نتطلع أن تكون لدينا علاقات طيبة مع الولايات المتحدة».
وأضاف «اليوم العراق يقاتل الارهاب نيابة عن كل دول العالم (...) بالتالي هكذا قرار غير مدروس يتضمن الكثير من الشوائب، ونحن نتوقف عنده».
وكشف مصدر دبلوماسي عراقي رفيع لفرانس برس أن اجتماعات مكثفة تعقد، فضلاً عن تشكيل خلية أزمة في وزارة الخارجية لبحث موقف الادارة الاميركية من العراق.
أخرج رعاياك
هذا، وطالب المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي النائب أحمد الاسدي في بيانٍ «بمنع دخول الاميركيين إلى العراق وإخراج المتواجدين منهم من كافة الأراضي العراقية».
على الصعيد نفسه، قوبل قرار الرئيس الأميركي برفض من الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر، إذ قال في تغريدةٍ نشرت على موقعه الالكتروني «تدخل إلى العراق وباقي البلدان بكامل الحرية وتمنع دخولهم إلى بلدك، ذلك تعال واستكبار».
وأضاف مخاطباً الرئيس الأميركي «اخرج رعاياك قبل ان تخرج الجاليات» من أميركا.
إيران: القرار هدية للمتطرفين
من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمنع دخول مواطني سبع دول إسلامية بينها إيران إلى الولايات المتحدة «هدية كبيرة إلى المتطرفين».
وكتب ظريف في تغريدةٍ على «تويتر» إن مرسوم الرئيس الأميركي «سيعتبر في التاريخ هدية كبيرة إلى المتطرفين وحماتهم».
وقال ظريف إن الأميركيين الذي يحملون تأشيرات سفر لإيران يمكنهم دخول البلاد، رغم أن طهران تعهدت بالرد بالمثل على الحظر الأميركي. وأضاف «على عكس الولايات المتحدة قرارنا ليس بأثر رجعي. كل من يحمل تأشيرة سفر سارية إلى إيران سيكون محل ترحيب».
وكتب ظريف ان «هذا التمييز الجماعي يساعد الارهابيين على التجنيد عبر تعميق الشرخ الذي أحدثه المنظرون المتطرفون»، بينما «تحتاج الاسرة الدولية لحوار وتعاون للتصدي لجذور العنف والتطرف».
وصرح رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني امام النواب أمس أن قرار ترامب يعكس «حمق رؤية وسلوك» الادارة الاميركية.
وقال: إن «هذا يدل على أنهم خائفون من ظلهم وكذلك على طابعهم العنصري والعنيف الذي يختبئ وراء ظاهر مخادع كمدافعين عن الديمقراطية وحقوق الانسان».
ويقيم في الولايات المتحدة حوالي مليون إيراني ويتوجه إليها كل سنة عشرات الآلاف من الإيرانيين خصوصاً للقاء عائلاتهم.
إلى ذلك، استدعت إيران سفير سويسرا الذي يمثل المصالح الأميركية في طهران، للاحتجاج على قرار الرئيس الاميركي. وقال المتحدث باسم الوزارة برهام قاسمي إنه تم تسليم السفير السويسري غيليو هاس «رسالة احتجاج بشأن الأمر التنفيذي الذي أصدره مؤخراً الرئيس الأميركي والقيود المفروضة والسلوك التمييزي ضد المواطنين الاميركيين المتوجهين الى أميركا».
معارضة من دول أخرى
وعبرت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرسودي أمس عن أسف بلادها الشديد لخطط ترامب لإخضاع القادمين من بعض الدول ذات أغلبية مسلمة «لتدقيق شديد».
كما سجلت حكومات الدنمارك والسويد والنرويج معارضتها للقرار حيث قال وزير الخارجية الدنمركي أندرس سامويلسن على تويتر «إن القرار الأميركي بعدم السماح بدخول أشخاص من دول محددة ليس عادلاً».
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن الكنديين سيرحبون بالفارين من الحرب والاضطهاد.
السودان تستدعي القائم بالأعمال الأميركي
واستدعت وزارة الخارجية السودانية أمس القائم بالأعمال الاميركي احتجاجاً على قرار الرئيس دونالد ترامب. وقالت الخارجية السودانية في بيانٍ تلقته «فرانس برس»: «تم ظهر اليوم (أمس) استدعاء القائم بالأعمال الأميركي ستيفن كوستيس بوزارة الخارجية بشأن الامر التنفيذي الذي اصدره الرئيس الاميركي دونالد ترامب».
واضافت انه تم «التعبير للقائم بالأعمال عن استياء حكومة السودان ازاء ما اتخذ من اجراءات تجاه المواطنين السودانيين».
العدد 5259 - الأحد 29 يناير 2017م الموافق 01 جمادى الأولى 1438هـ