العدد 54 - الثلثاء 29 أكتوبر 2002م الموافق 22 شعبان 1423هـ

انعقاده في البحرين يعزّز المشروع الإصلاحي

مؤتمر الحوار الاسلامي- المسيحي:

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عشرات المفكرين والعلماء وفدوا إلى البحرين للتحاور فيما بينهم بحثا عن القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية. ووجود هؤلاء العلماء والرموز في بلادنا البحرين وفي هذه الفترة بالذات يعزز المسيرة الاصلاحية ويغنيها أفكارا وتطلعات في سبيل الحوار الذي يميز بني البشر عن غيرهم من المخلوقات. فالقرآن الكريم هو الذي يتحدث عن تنوع الانسان «شعوبا وقبائل» وان هذا التنوع من اجل التعارف والاستفادة من بعضنا البعض.

ولاشك في ان وفود مختلف انواع الشخصيات إلى البحرين والتقاءهم مع البحرينيين والتحاور معهم يكشف للجميع عن مدى ما تحقق لحد الآن من أجواء للحرية الفكرية. وهؤلاء المفكرون جاءوا إلى البحرين وبعضهم كانت لديه تصورات مختلفة لانه زار البحرين قبل سنوات، ولكنه يجد نفسه اليوم في أجواء مختلفة، يستطيع اللقاء بمن يشاء ويتحدث إلى من يريد ويتحاور بحرية، وهذا ما أشار اليه أحدهم قائلا: في المرة الماضية كان يحيط بنا رجال الأمن ويمنعوننا من الذهاب إلى ذلك المكان المحاصر أو هذا المكان غير الموجود على البرنامج. أما اليوم «فتحيط بنا الصحافة والناس ونستطيع الذهاب والاياب والالتقاء من دون مضايقة من أحد»... ولو لم تكن إلا هذه الشهادة الوحيدة التي سيخرج بها شخص واحد حضر مؤتمر الحوار الاسلامي المسيحي لكانت كافية للتدليل على ان البحرين تغيرت إلى الأحسن وبشكل ملحوظ للجميع.

الحوار الاسلامي - المسيحي هو من أهم ما نحتاج اليه في عالمنا المضطرب، والذي يقع ضحية التطرف الديني في كل جانب. فالولايات المتحدة حاليا يسيطر على قراراتها لوبي مسيحي متطرف ومتحالف مع لوبي يهودي - صهيوني. واللوبي المسيحي وصل إلى مواقع القرار الأميركي، والمدعي العام الأميركي اشكروفت يعتبر من أهم رموزه. وهذا الاتجاه المسيحي المتطرف يؤمن بعودة المسيح وضرورة التمهيد لظهوره، وان ظهوره مرتبط بعودة جميع اليهود إلى القدس. وعلى هذا الأساس فان الإدارة الأميركية، ولأول مرة، تصل إليها شخصيات مسيحية متدينة بصورة متطرفة، وتتحالف هذه الجماعة المسيحية المتطرفة مع الجماعات اليهودية المتطرفة لتنتج لنا سبعة لقاءات بين الرئيس الأميركي والارهابي شارون، الذي قال عنه بوش الابن انه «رجل سلام»، متحديا بذلك مشاعر الانسانية جمعاء.

التطرف المسيحي والتطرف اليهودي يتلاقيان أيضا مع التطرف الهندوسي المسيطر على جوانب كثيرة من سياسات الهند، الدولة الكبرى المؤهلة حاليا لدخول مجلس الأمن، والتي يحسب لها العالم ألف حساب. ولإكمال مسلسل التطرف، فان لدينا الجماعات الطالبانية التي تفهم الاسلام بأسلوب جامد وتحاول فرض ذلك الجمود على الآخرين باسم الله. ولقد أدى وصول المتدينين المتطرفين (من مسيحيين ويهود ومسلمين وهندوس) إلى سدة الحكم إلى اختلال الأمن الدولي باسم الدين، وهذا يناقض الرسالات الدينية السماوية وغير السماوية التي تتحدث عن العفو عن الآخرين والتسامح والعيش في اطمئنان مع النفس ومع الآخرين ومع الخالق. كما أن تسلم متطرفين الحكم في بلدان كبرى مهمة يفرز مقولة «هنتيغتون» الذي بشر بصراع الحضارات، لأن كل واحدة ستتحرك بجميع ما لديها من امكانات بشرية ومادية لإثبات سمو قيمها وسيادتها على القيم الأخرى في العالم.

غير أن الواقع هو أن المتطرفين اليهود كثير منهم ليسوا متدينين بل انهم اعضاء في حركة سياسية عنصرية (الصهيونية). وكثير من المتطرفين المسيحيين في أميركا مرتبطون باللوبي الصهيوني، وكثير من المتطرفين الهندوس لديهم عداوات وأحقاد ضد بلد اسلامي (باكستان) ويستخدمون الهندوسية كوقود لتحميس طاقاتهم البشرية وكثير من المتطرفين المسلمين لديهم برامج سياسية محضة والدين الاسلامي يوفر لهم منظومة أفكار ومشاعر يمكن تجييرها لخدمة بعض الأهداف السياسية. ولو سمحنا باستمرارية التطرف الديني فاننا نهدد أمننا العالمي والاقليمي والمحلي، ولذلك فإن الحوار الإسلامي المسيحي وانطلاقه في أماكن عدة من العالم، ومن البحرين أيضا، يعتبر مظاهرة دينية فكرية ضد المتطرفين المتنفذين في أماكن كثيرة من العالم، وهو أيضا دعوة لنا جميعا لفهم أسس الحوار والمناطق المشتركة بين الغالبية الساحقة من أتباع الديانات الباحثين عن العيش بسلام مع بعضهم الآخر

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 54 - الثلثاء 29 أكتوبر 2002م الموافق 22 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً