لم تكن قصتها تختلف تماماً من حيث التفاصيل التاريخية والأخرى الحديثة، وكذلك العوامل التي غيرت من حالها وجعلت نهايتها متشابهة أيضاً مثل قريناتها في بقية مناطق البحرين، فقد كانت تفيض كرماً على السكان من حولها، والمزروعات القريبة والبعيدة عنها كذلك... إنها عين «حويص» في منطقة بوري، العين التي أعمتها مياه المجاري بعد عقود من الكرم بالماء المعين.
«حويص»... عينٌ أعمتها مياه المجاري بعد عقود من الجود...وبن رجب: قرارٌ باستملاكها وحمايتها
بوري - صادق الحلواجي
لم تكن قصتها تختلف تماماً من حيث التفاصيل التاريخية والأخرى الحديثة، وكذلك العوامل التي غيرت من حالها وجعلت نهايتها متشابهة أيضاً مثل قريناتها في بقية مناطق البحرين، فقد كانت تفيض كرماً على السكان من حولها، والمزروعات القريبة والبعيدة عنها كذلك... إنها عين «حويص» في منطقة بوري، العين التي أعمتها مياه المجاري بعد عقود من الكرم بالماء المعين.
هذه العين كانت مقصداً لأهالي عالي وبوري والمناطق المحيطة بها، موقعاً حيوياً يفيض بالماء والخيرات من حوله... ولعل اهتمام المعنيين بقطاع التاريخ والآثار، وكذلك البلديين والبيئيين في مختلف العيون التاريخية في البحرين جاء صدفة، وذلك بالتزامن مع أعمال حملات تنظيف لمناطق زراعية وأخرى ساحات مفتوحة مليئة بأنقاض البناء، أو صور تُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي يأتي الاهتمام الرسمي بها.
عين «حويص» واقعها لم يختلف تماماً عما سبق ذكره، فقد تبنت حمايتها واستملاكها وجعلها موقعاً تاريخياً محمياً بشكل رسمي عضو مجلس بلدي المنطقة الشمالية بدور بن رجب، حين تقدمت عاجلاً للمجلس بمقترح استملاك موقع العين الواقعة ضمن أملاك خاصة.
وبعد تقارير فنية، ومداولات في أروقة المجلس البلدية، أصدر الأخير قراراً لوزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني بشأن استملاك «عين حويص» للمنفعة العامة، على أن تكون موقعاً محمياً، ويدرج ضمن قائمة التراث الوطني، وبما يسمح للجهات البلدية المختصة إنشاء حديقة عامة بجوار العين الطبيعية، كما يمكن لهيئة البحرين للثقافة والآثار إنشاء متحف عن العين التاريخية، حيث يدفع كل ذلك نحو حمايتها من خطر الاندثار لاسيما في ظل غياب الاهتمام بها والغفلة عن تاريخها الممتد لعقود طويلة.
وقالت عضو مجلس بلدي الشمالية، بدور بن رجب: «إن المقترح جاء في ضوء الاختصاصات الأصيلة للمجلس البلدي، والذي يخول المجلس عبر مقترح يتقدم به العضو البلدي إصدار قرار يرفعه إلى وزير الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني»، مفيدةً بان «استندنا في القرار إلى نصوص المواد (19/ج، هـ) بشأن العمل على حماية البيئة من التلوث وتقرير وإنشاء وتطوير الحدائق والمتنزعات العامة وأماكن الترفيه وحماية الشواطئ من التلوث، وكذلك المادة (19/ ك) بشأن تقرير المنفعة العامة في مجال المشروعات البلدية وفقاً للأوضاع التي يقررها قانون استملاك الأراضي للمنفعة العامة».
وفي تفاصيل عن «عين حويص» بحسب ما قدمته العضو بن رجب، فإنها «عين تاريخية تقع في شمال قرية بوري، وفي وسط منطقة زراعية، وواقعة حالياً ضمن حدود أملاك خاصة، وبعد ما تم تداوله عنها في بعض الكتب أنها تعود للزمن الديلموني، وقد تم ترميمها وحفرها حفاظاً عليها في عقود سابقة»، مبينةً أن «هذه العين من من العيون البحرينية القديمة المعروفة والتي مازالت تنبض بالمياه رغم حالتها المآساوية وحاجتها للعناية والتطوير، وتتميز العين بكبر حجمها، وتدفق المياه الطبيعية فيها منذ زمن طويل، وكانت تستخدم مياه العين لأغراض الري الزراعي والاستخدامات المنزلية وغيرها كما جرت العادة».
ولفتت إلى أن «بجوار العين مسجدا ومرقدا للشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن العلامة الشيخ حسن الدمستاني، والذي يدون على قبره تاريخ وفاة تعود إلى العام 1209 هجرية».
وأبدت العضو البلدي أملها في أن تتبنى هيئة البحرين للثقافة والآثار «عين حويص»، واستدركت بالقول: «نأمل في أن تدرج هذه العين ضمن قائمة التراث الوطني وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1995 بشأن حماية الآثار، وذلك على غرار ما جرى مع «عين اصخاره» الواقعة في منطقة صدد، وكذلك «عين الحكيم» الواقعة في شهركان وغيرهما».
وتعزيزاً لموقع المجلس البلدي في قراره، بينت بن رجب أن «المادة (3/21) من قانون استملاك العقارات لأغراض المنفعة العامة تنص على أنه: تحدد أعمال المنفعة العامة بالمشروعات المبينة فيما يلي: إقامة المحميات الطبيعية (...). وتنص أيضاً المادة (5) من مرسوم بقانون بشأن حماية الآثار على أن: ملكية الأرض لا تمنح صاحبها حق تملك الآثار الموجــودة علــى سطحها أو في باطنها أو حق التصرف فيها، كما لا تخولـه حق التـنقيب عن الآثار فيها. ونحن قد اعتبرنا ذلك مرجعنا لنا في القرار الذي اتخذنا على صعيد المجلس».
العدد 5257 - الجمعة 27 يناير 2017م الموافق 29 ربيع الثاني 1438هـ