في (يونيو/ حزيران 2016)، وقَّعت وزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني، مع هيئة الكهرباء والماء مذكرة تفاهم بشأن تحصيل الرسوم والإيجارات البلدية، فقد بدا واضحًا أنَّ تحصيل رسوم البلدية، بما فيها أملاكها وإيجاراتها، يتطلب تحديد إطار تفاهم مع هيئة الكهرباء والماء التي تتولى تحصيل مبالغ الفواتير.
لكن أين المشكلة هنا؟ فقد تداول الرأي العام والمجالس البلدية موضوع إلزام وزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني بمبالغ تدفعها لحساب هيئة الكهرباء والماء نظير تحصيلها الرسوم البلدية ورسوم أملاك البلدية بمبلغ يزيد على 2.3 مليون دينار سنويّاً، بالإضافة إلى حصر التعديل على الرسوم لدى هيئة الكهرباء والماء، واضعين في الاعتبار أن نظام خدمات المشتركين الذي تم تنفيذه منذ سنوات، يضمن خدمة سريعة ومتطورة لإصدار القوائم وتحسين طرق وأنظمة الدفع لتحصيل رسوم استهلاك الكهرباء والماء والرسوم البلدية وإيجارات أملاك البلدية.
اللائحة التنفيذية لقانون البلديات
وقد سمحت الهيئة لوزارة شئون البلديات استخدام نظام خدمات المشتركين لرصد حسابات الرسوم البلدية وإيجارات أملاك البلدية، والاطلاع عليها من خلال الصلاحيات المنوطة بها لاستخدام هذا النظام، وقد جاء في اللائحة التنفيذية لقانون البلديات المادة (64) أن «تسدد الرسوم البلدية في جميع الأحوال شهريّاً ضمن القائمة الموحدة (الفاتورة) للكهرباء والماء»، وكذلك أنظمة الدليل المالي الموحد في شأن - معالجة الإيرادات - بالنسبة إلى سياسة الائتمان لوزارة الكهرباء والماء، والذي يحتوي هذا القسم على سياسة وإجراءات معالجة الأرصدة الدائنة والمدينة المعلقة الخاصة بهيئة الكهرباء والماء بصفتها الجهة المسئولة عن تحصيل إيرادات الكهرباء والماء ورسوم البلدية، وتدفع مستحقات البلدية من الرسوم وإيجارات أملاكها ضمن فاتورة الكهرباء والماء، ووفقاً للائحة التنفيذية لقانون البلديات فإنه يقع عبء تحصيل الإيرادات المذكورة على هيئة الكهرباء والماء دون المطالبة بدفع قيمة التكاليف.
تقليديًّا، كانت موازنة البلديات المتوافرة مربوطة مباشرة بالموازنة العامة للدولة، ففي فترة ما قبل النفط، كانت الموازنة العامة للدولة مستمرة من إيرادات ضرائب الجمارك على الواردات التي اعتمدت كمياتها بشكل كبير على نجاح تجارة اللؤلؤ، وكانت نسبة الضرائب 5 في المئة، وقد كانت بلديتا المنامة والمحرق تفرضان رسومًا على المنازل الصغيرة والدكاكين، كما كانت الحكومة تدعم عمليات البلدية من الدخل العام للدولة، وحتى العام 1983، استمر نمط ازدياد الدعم المالي من خلال المساعدات الحكومية والذي ترافق مع تردد البلديات في تطبيق تقييم زيادة الدخل من الرسوم المحلية، وفي ذلك العام، طرح سعيد علي الصيرفي الذي كان حينها مديرًا لإدارة الشئون المالية والإدارية والقانونية ثم مساعدًا للمدير العام بالهيئة البلدية المركزية مشروعاً يهدف إلى أن تصبح البلديات ذاتية التمويل.
خطوات لتخفيف الأعباء
في هذا الصدد، يتحدث الصيرفي إلى «الوسط» حول آلية العمل في ذلك العام، بالقول: «إن تطبيق النظام الكمبيوتري متعدد العناصر لإصدار الفواتير ونظم المعلومات وما ترافق معه من إعادة تنظيم أنشطة العمل في البلديات، هو الذي أدى إلى وضع أسس عادلة وقابلة للتطبيق فيما يتعلق بنشاط رسوم البلدية على البيوت والمحلات التجارية، وعليه، فقد تم اتخاذ خطوات آلية نحو تخفيف اعتماد البلدية على الدعم الحكومي».
ويشير الصيرفي إلى أن الفكرة طرحت مع مدير شئون المستهلكين آنذاك جعفر القصاب، وأقصد في العام 1983، وكنا اطلعنا آنذاك على تجربة سنغافورة التي اعتمدت نظام دمج فاتورة خدمات الصرف الصحي ضمن فاتورة شركة الكهرباء وهيئة الخدمات الكهربائية وتصدر رسوم خدماتها في فاتورة واحدة، ما يعني التيسير على المواطنين وتطوير النظام بالمتابعة، وفق تطور النشاط الإداري والاقتصادي، ثم حظيت الفكرة بدعم من نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة حيث كان وزيرًا لشئون البلديات ولديه رؤية بأن تعتمد البلديات على نفسها ذاتيا من ناحية الموارد المالية، ووزير الأشغال والكهرباء والماء آنذك ماجد جواد الجشي، والمرحوم الشيخ عبدالله بن محمد آل خليفة رئيس الهيئة البلدية المركزية (حتى العام 1987)، وتم تشكيل فريق عمل حيث وفرنا من جانبنا المعلومات اللازمة للأعضاء من جانب الكهرباء والماء، وكانت تلك بداية اعتماد البلدية على التمويل من مواردها الذاتية. واستغنت عن مساعدات الدولة.
المنامة والمحرق أولاً
ويلفت جعفر القصاب، الذي كان مديرًا لشئون المستهلكين آنذاك، إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها في ذلك الوقت ترأسها سمو الشيخ محمد بن مبارك وحظيت بدعم رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وأعدت التقارير اللازمة، وتزامن ذلك مع تطبيق نظام جديد لخدمات المشتركين باستخدام الحاسب الآلي، والتحول من اليدوي إلى الالكتروني وبدأ العمل الفعلي بتاريخ (الأول من يناير/ كانون الثاني من العام 1984)، وبذلك، أدخل النظام الجديد رسوم البلدية في فاتورة الكهرباء والماء، وتم العمل على مراحل، فبدأنا بالمنامة ثم المحرق ثم المناطق الأخرى، أي أن النظام لم يبدأ دفعة واحدة، ومن المهم الإشارة إلى أن تقليص الجهد والنفقات أحد أهم الأهداف، ثم العمل ضمن التوجه الحكومي لترشيد الإنفاق وتخفيف العبء على الدولة، فما إن وصلنا إلى العام 2007 إلا وقد تم تطبيق النظام بصورة كاملة.
معلومات متوافرة وسجلات منظمة
ويتفق كل من الصيرفي والقصاب على أن هذا النظام خفف العبء على الدولة بحيث يمكن الاستفادة من الوفر في مسارات أخرى في إطار مشاريع الدولة، ومنذ ذلك الحين، تطور نظام العمل وتحسنت الإيرادات واستمر العمل به حتى الآن، فالفواتير منتظمة والسجلات منظمة والمعلومات متوافرة، غير أن كل خطة تطويرية، تتطلب تعاون المواطنين فبدون هذا التعاون لا تنجح أي خطط تطويرية، وهو شريط في الحفاظ على موارد البلد، وتسهم المجالس البلدية كذلك في العمل لخفض المصروفات، فالأعضاء لهم اتصال مباشر مع المواطنين ويمكنهم وضع خطط المشاريع الجديدة كالحدائق والمتنزهات وبرامج إعادة التدوير دون أن يشكل ذلك عبئًا على المواطن أو الدولة.
العدد 5256 - الخميس 26 يناير 2017م الموافق 28 ربيع الثاني 1438هـ