بعد نجاحه في المكتبات، حول كتاب "رسائل الى نور" وهو تبادل رسائل تخيلها مفكر فرنسي-مغربي مختص في الدراسات الإسلامية بين أب مسلم فيلسوف وابنته الحبيبة نور التي انضمت إلى تنظيم "داعش"، مسرحية تعرض في لييج في بليجكا.

وأخرج صاحب الكتاب رشيد بن زين بنفسه العمل المسرحي الذي بدأ عرضه مساء الثلثاء في المدينة البلجيكية، ومن المقرر ان تنتقل العروض إلى فرنسا بدءاً بنانت في الغرب إلى ليل في الشمال.

واعتبارا من مارس/ آذار المقبل، ستقدم في بلجيكا لجمهور من التلاميذ بين سني السادسة عشرة والثامنة عشرة خصوصاً، في إطار الجهود التي تبذلها السلطات لمواجهة ظاهرة التطرف. ويقول رشيد بن زين لوكالة "فرانس برس" أن فكرة الكتاب والمسرحية مصدرها الهجوم الذي استهدف قاعة باتاكلان في فرنسا، في الثالث عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2015، "حين شعرت بتمزق داخلي مضاعف".

فالشباب الذين نفذوا الهجوم "ينتمون إلى المسار الذي انتمي اليه"، وهم "شباب يقتلون باسم الله الذي أؤمن به"، بحسب تعبيره. ويضيف الكاتب المنحدر من مدينة تراب في ضواحي باريس التي انطلق منها منفذو الهجوم "شعرت أن الأسلوب الروائي يتيح الحديث عن الأمور بشكل مختلف".

على خشبة المسرح، يؤدي الممثل البلجيكي شارلي دولون دور الوالد، وهو مفكر وفيسلوف إسلامي يعيش في مكان ما من العالم الاسلامي.

جنة المسلمين

يجلس الوالد على طرف طاولة خشبية طويلة، ويقرأ بصوت عالٍ رسالة من ابنته نور، وهي طالبة في الفلسفة قررت الذهاب إلى العراق لملاقاة زوجها المتشدد، والذي تعرفت عليه عبر الانترنت.

وتقر ابنته، التي تؤدي دورها الممثلة تانيا غابارسكي، أنها كذبت عليه حين اخبرته انها ذاهبة في زيارة عائلية، فيما كانت تنوي الذهاب إلى "أرض الجهاد". وتخبره في الرسالة انها الآن "في جنة المسلمين".

وتبرر الابنة خيارها بالقول "أنا لست امرأة خاضعة، لقد اخترت أن أنفذ مهمة" مخاطبة بهذه العبارات والدها الذي تراه ساذجاً وجباناً ومعارضاً لما تراه هي ثورتها الخاصة. يتوسل الاب لابنته طالبا منها ان تعود، وأن تترك هذا الطريق الذي سلكته.

ويقول رشيد بن زين "اردت ان يكون ذلك مناسبة للتفكير، وإقامة حوار يجري فيه تبادل الحجج، وان نستمع إلى وجهة نظر الاب، وايضا إلى وجهة نظر ابنته التي لا تعاني من مشكلة اقتصادية ولا اجتماعية، بل هي فتاة لامعة قررت على رغم ذلك الانضمام لداعش".

الانتصار على الهمجية

يتبادل الأب وابنته 14 رسالة، تختلف فيها نظرة نور إلى خيارها شيئاً فشيئاً، ثم تدرك في آخرها أن الحلم الذي ذهبت بحثاً عنه ما هو في الحقيقة إلا كابوس. لكنها في هذا الوقت، انجبت فتاة من زوجها المتشدد، بحيث اصبحت خياراتها كلها صعبة.

لكن "الهمجية لا تنتصر في النهاية، لا حاجة بنا إلى اليأس"، بحسب الكاتب الذي التقى في السجون عدداً من الشباب العائدين من القتال في سورية والعراق. ويرى بن زين انه من الضروري جداً "أن نفهم السبب الذي جعلنا لا نتوقع شيئا من كل ذلك"، و "أن نسمع ماذا يريد هؤلاء الشباب أن يقولوا".

وبحسب الكاتب، فإن "فكر داعش يرتكز على أربعة أحلام، وحدة العالم الإسلامي، والكرامة في وجه الذل، وحلم النقاء، والخلاص". ويقول "كثيرون من الشباب لم يستطيعوا أن يكون لحياتهم معنى، فقرروا أن يكون لموتهم معنى".

ويرى أن هذه الافكار القاتلة "تشير أيضا إلى النقص لدينا، ما هو الأمل الذي يمكن أن نقدمه إلى الشباب؟".