العدد 53 - الإثنين 28 أكتوبر 2002م الموافق 21 شعبان 1423هـ

الصين تجتاز اقتصاديا سورها التاريخي

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

هل تنجح الصين في كسر معادلة الفقراء والاغنياء في العالم. المعادلة تقوم على مبدأ المال والسكان. المال موجود في الشمال والسكان في الجنوب. المال مع القلة السكانية والفقر مع الكثرة البشرية.

التقارير الاخيرة تشير الى تقدم الصين الى المرتبة السادسة في ترتيب الدول، محتلة بذلك مقعد ايطاليا التي تراجعت الى المرتبة السابعة بحسب التصنيف الاقتصادي للدول الصناعية.

هناك الكثير من الدول الصناعية. إلا أن الولايات المتحدة وافقت في السبعينات على تشكيل تكتل من سبع دول لمواجهة الاتحاد السوفياتي آنذاك. وتشكلت قمة من الدول السبع: الولايات المتحدة، اليابان، المانيا، فرنسا، بريطانيا، ايطاليا وكندا.

استبعدت الكثير من الدول الاوروبية (اسبانيا مثلا) والآسيوية (تايوان، كوريا الجنوبية مثلا) واستراليا. كان هدف التكتل السياسة الى جانب الاقتصاد. فالمعركة الايديولوجية في الحرب الباردة احتاجت الى قوة مالية مسيطرة على الانتاج الصناعي والتجارة الدولية. وحتى تنتصر الولايات المتحدة في معركتها كان لابد لها من تكتيل قوة اقتصادية تحتكر العملة الصعبة وتمنع تسرب التكنولوجيا الى الخصم وتعزل سياسة موسكو وطموحاتها.

فجأة في التسعينات، انهار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفياتي.

السقوط السريع أربك الدول الصناعية السبع ووضعها في مواجهة احتمالات جديدة في العالم: الفوضى. وتحت شعار السيطرة على الفوضى العالمية في اوروبا الشرقية والاتحاد اليوغسلافي وتبعثر الجمهوريات السوفياتية لجأت الدول الصناعية (وحلف الناتو) الى رفع شعار الامن اولا.

شعار الامن اولا فرض على الدول الصناعية اعتماد نظرية الاحتواء كبديل استراتيجي عن نظرية الحرب الاقتصادية (الباردة) ضد الخصم الايديولوجي. فالاتحاد السوفياتي (او ما تبقى منه) تحول من خصم إلى حاجة. فهو ضرورة سياسية لمساعدة معسكر المال (الدول الصناعية) على احتواء الفوضى الدولية التي نجمت عن انهيار المعسكر المضاد. وهكذا ادخلت روسيا كقوة سياسية ضمن دائرة الدول الصناعية فاصبحت دولة مفلسة هي القوة الثامنة اقتصاديا في العالم.

لم تكتف الولايات المتحدة بهذا القدر من التحايل على موازين القوى الاقتصادية. فهي لجأت ايضا إلى رسم خطة استراتيجية مستقلة خارج قمة الدول الثمان. فاميركا منذ التسعينات اتبعت سياسة مزدوجة فهي من جهة تنسق مع الحلفاء اقتصاديا وعسكريا (الحلف الاطلسي) ومن جهة اخرى تخطط لنفسها استراتيجية سياسية مستقلة خارج اطار التحالف الدولي وضده في الآن.

الاسلام كان العدو المعلن، والى جانبه وضعت الولايات المتحدة سلسلة من الخصوم. وشملت السلسلة مجموعة حلقات، الاولى: اوروبا (الاتحاد الاوروبي)، الثانية، الصين. الثالثة: مجموعة دول النمور الآسيوية السبع (ماليزيا، اندونيسيا، الفلبين، سنغافورة، تايلند، كوريا الجنوبية، وتايوان).

الصين كانت الحلقة الاقوى. فهي دولة متماسكة داخليا وطموحاتها الدولية محدودة واقصى ما تريده ترتيب وضعها الاقليمي والمحافظة على علاقتها التجارية وتحديدا السوق الاميركية.

الا ان الصين تقدمت اقتصاديا وواصلت بنجاح كسر «السور التاريخي» الذي يحيط بها على رغم محاولات الولايات المتحدة تطويقها عسكريا في آسيا الوسطى بعد ضربة 11 سبتمبر/ ايلول 2001.

الصين (الكثيفة سكانيا) دخلت الآن دائرة الدول الصناعية الكبرى اقتصاديا من دون ان تنتسب اليها رسميا فهي الدولة السادسة وتأتي قبل كندا وروسيا. فهل تتحول إلى العدو الرقم واحد بعد ان فشل الاتحاد الاوروبي (الاول اقتصاديا) في تكوين سياسة مستقلة؟

الجواب يحتاج إلى مراقبة ما يجري من بالي في اندونيسيا إلى بغداد

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 53 - الإثنين 28 أكتوبر 2002م الموافق 21 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً