انطلقت مساء أمس الأحد (22 يناير/ كانون الثاني 2017) فعاليات «مؤتمر العلامة المدني الثاني» تحت عنوان «توظيف الدين في الصراعات السياسية» برعاية من رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة.
وقد بدأت فعاليات المؤتمر بكلمة الافتتاح حيث قال نائب رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة إن هذا المؤتمر «يأتي في وقت يحتاج فيه المسلمون إلى التمسك بعرى الوحدة والأخوة والمحبة وتحتاج فيه الأمة الإسلامية إلى صوت العقلاء وأهل الدين والتقوى»، واصفاً العلامة المدني بأنه «كان صريحاً في القول وعادلاً في الحكم ومنصفاً بين الناس، وكانت أراؤه الفقهية محل احترام وتقدير من الجميع» كما أشار إلى أن الشيخ المدني كان «حريصاً على أن يكون للعقلاء كلمتهم وأن تكون الأمور بيد أهلها وأن يسود الوئام والتعايش بين الناس جميعاً وأن تبقى القيم والمفاهيم سليمة ناصعة وألَّا يتم توظيف الدين واستغلاله في الصراعات السياسية».
بعدها ألقى الشيخ محمد طاهر بن الشيخ سليمان المدني كلمة أكد فيها على ضرورة «حماية الخطاب الديني والمحافظة على أصالته وعلميّته ونزاهته لئِلا يكون مِعول هَدم لأصول هذا الدين». وأضاف المدني «إننا نحتاج إلى خطاب ديني يكون الغرض منه خدمة الدين نفسه وليس جعله خادماً للسياسيين والاقتصاديين والعسكريين، وتحويله إلى آلة في أيدي أصحاب الدنيا المتصارعين عليها». لكنه استدرك قائلاً إن ذلك لا يعني أننا «ندعو إلى فصل الدين عن السياسة والمجتمع ومنع التفاعل بين ما هو ديني وما هو سياسي ولكن الغرض هو جعل الدين هو القيمة العليا والغاية الأسمى وجعل كل قيمة أخرى تابعة له وليس تحويله إلى شعار فارغ».
وحول ما قيل عن العلامة الراحل الشيخ سليمان المدني وموقفه من الأحزاب نفى الشيخ محمد طاهر أن يكون المدني الراحل قد انتمى إلى حزب أو أسّسَ حزباً أو جاء به إلى البحرين، فالراحل كان «يرفض الأفكار الفئوية والمشروعات الخاصة».
بعدها استهل مستشار جلالة الملك لشئون السلطة التشريعية محمد علي بن الشيخ منصور الستري أولى أوراق المؤتمر وكانت بعنوان: «إشكاليات التعارض بين منطلقات الحركات الإسلامية والمبادئ السياسية الغربية... رؤية نقدية للخطاب والممارسة». وقد بدأ الستري بانتقاد مصطلح «الإسلام السياسي» واصفاً إياه بأنه غير دقيق، مشيراً إلى أن التعريفات التي تُروّج للإسلام كـ الإسلام الجهادي أو الرجعي أو التقدمي أو التقليدي أو الثوري أو العربي أو الأميركي وغيره هي مصطلحات «مصطنعة».
وحول معنى التعارض الذي أشار إليه عنوان الورقة قال الستري إن التعارض هنا هو «التقابل بين الأمرين أو الأمور موضع البحث على نحو الممانعة بحيث يمنع ثبوت أحدهما ثبوت الآخر أو عدم إمكانية الجمع بين هذه الأمور» منتقداً منهج الحركات الإسلامية وموقفها من مبدأ الحاكمية ومصدرية السلطات ومركزيتها وحق التشريع والوحدة السياسية والمال العام والأممية ومبدأ اتخاذ القرار أو التشريع وغيرها من الأمور، مشيراً إلى أن الحركات الإسلامية قدمت محاولات وتنازلات كي تبدو مقبولة وهو ما جعلها تقع وتُوقِع جماهيرها في الكثير من الإشكاليات والإحراجات. وأشار الستري إلى عدد من الجدليات التي تواجه الحركات الإسلامية كجدلية الأمة والدولة ولمن الأولوية في اتخاذ القرار وجدلية الدنيا والدين الذي ظلّ بدون رؤية لديهم وجدلية النص والاجتهاد وهي كما اسماها بجدلية الجدليات، بالإضافة إلى جدلية الأصالة والتجديد والغايات والوسائل والشورى والديمقراطية والأخلاق المطلقة والنسبية والخطاب والممارسة والمبادئية والذرائعية وأخيراً جدلية المصطلحات.
وختم الستري بتوصيف واقع الحركات الإسلامية بأنه مشهد «مشحون بالرؤى المختلطة والضباب الكثيف الذي يعشو الأبصار ويُغطي البصائر» معتبراً أن هذه الحركات «ذابت في المبادئ السياسية الغربية ظاهرياً على الأقل».
وعلى هامش المؤتمر قال الستري في تصريح خاص لـ «الوسط» إن مؤتمر العلامة المدني الثاني هو فرصة لطرح الآراء التي من شأنها أن تُصوِّب واقع الحركات الإسلامية التي مع الأسف تداخل عليها ما هو ديني وما هو غير ديني ما جعلها في موقف ملتبس، الأمر الذي أثر بشكل واضح على أدبياتها وشعاراتها وبالتالي على مضامين توجهاتها. وحول رأيه بشأن ما يُقال بشأن ضرورات التجديد في واقع الحركات الإسلامية قال الستري إن التجديد مهم لكنه يجب أن يكون ضمن فضاء المبادئ الإسلامية وليس من خارجها، لأن النصوص الواصلة إلينا كافية لتقديم الحلول العملية للمشاكل الموجودة في الواقع.
يشار إلى أن فعاليات مؤتمر العلامة المدني الثاني تتواصل حتى اليوم الإثنين بعرض عدد من أوراق العمل وبمشاركة نخبة من داخل وخارج البحرين.
العدد 5252 - الأحد 22 يناير 2017م الموافق 24 ربيع الثاني 1438هـ
شيء جميل جدا .. هذا بالضبط ما نحتاجه اليوم .. وعي بشأن الامور السياسيه و علاقتها بالدين وسط كل هذا الجهل و الظلام الذي يسود .. لان الدين يجب ان يكون الاساس في كل تعاملاتنا .. فخوره جدا بوجود مثل هذا الفكر الراقي و النظيف جدا .. اتمنى ان يصل هذا الفكر لكل فرد في البحرين من اجل صلاح المجتمع ... و مع كل الاحترام للقائمين و الحاضرين و الراعين لهذا المؤتمر
رائع فعلا ،،وشكرًا للوسط على التغطية،،
ليس بغريب على بيت طالما قدمو الي البحرين علماء افاضل لا يشق لهم غباري
لطالما نظرت لهذا الرجل أعني الدكتور محمد علي الستري نظرة إعجاب فلا يحضر محفلا إلا كان ربانه ولا جلس مجلساً إلا ساد أقرانه ، وقد حضرت له أحدى الجمع وهو على منبرها فما رأيت إلا عالماً أعي البلاغة بدقة بيانه وفصاحة لسانه وتصويب كلامه ، وإني لأعجب من الإعلام البحريني عدم إهتمامه بهذه الشخصية المجهول قدرها .
كانت الورقة فعلا موفقة
الستري
شخصية جمعت بين الفقة الاسلامي والدراسة الاكاديميه , وينهج علمة من اسرته العريقة وينحدر منها علامة البحرين الفقيه الشيخ عبدالله المقلد
شكرا للوسط على التغطية
الدكتور العلامة الشيخ محمد علي الستري كان مبدعا جدا في طرح ورقته وتتميز ورقته البحثية بالعلمية والموضوعية والواقعية والمنطقية في الكلام ورصانة السياقات والألفاظ وبداعة اللغة ووضوحها فعلا إنه علامة قل نظيره في بحريننا
كان يوما مميزا وعرضا شيقا لم يسعف الوقت المنتدي من تقديم ورقته بالتفصيل، نتمنى من القائمين على المؤتمر أن يتم طباعة الاوراق المقدمة لما فيه خير وصالح الأمة الإسلامية.