العدد 5250 - الجمعة 20 يناير 2017م الموافق 22 ربيع الثاني 1438هـ

البوسعيدي: حكمة الإمام ناصر جعلته يعيد اللحمة الوطنية أولاً ثم يواجه البرتغاليين

متحدثاً عن البرتغاليين في الساحل العماني من السيطرة إلى التحرير...

السلمان مقدماً البوسعيدي في محاضرته بجمعية تاريخ وآثار البحرين
السلمان مقدماً البوسعيدي في محاضرته بجمعية تاريخ وآثار البحرين

تسطع من الوقائع التاريخية المؤرخة في القرن السابع عشر على الساحل العماني، إبان سيطرة البرتغاليين، صورة ناصعة لحكمة القادة العمانيين على مر العصور، فالأستاذ المساعد بكلية الآداب في جامعة عمان الباحث التاريخي ابراهيم بن يحيى البوسعيدي يستحضر مرحلة فاصلة في تاريخ عمان، بل تاريخ منطقة الخليج العربي، عندما تصدر الإمام ناصر بن مرشد المشهد الوطني بإصراره على جمع شيوخ القبائل والعلماء لإعادة اللحمة الوطنية ووضع حد للتشرذم والتمزق، ثم بعد ذلك مواجهة سيطرة البرتغاليين.

ضرب معاقل البرتغاليين

وبتجوال تاريخي عميق، تحدث البوسعيدي مساء الأربعاء (18 يناير/ كانون الثاني 2017) في جمعية تاريخ وآثار البحرين بحضور سفير سلطنة عمان، عبدالله بن راشد المديلوي في محاضرة بعنوان: «البرتغاليون في الساحل العماني من السيطرة إلى التحرير»، قدم لها كل من عضوي الجمعية عبدالعزيز صويلح ومحمد حميد السلمان باعتباره مهتماً بالمخطوطات البرتغالية وكل ما يتعلق بتلك المرحلة في الخليج العربي عموماً والبحرين خصوصاً، وكلاهما (البوسعيدي والسلمان)، سافرا إلى البرتغال وتعلما لغتها لخلق تواصل وبحث علمي واعٍ، فيما حيا السلمان الحضور بعبارة مسائية باللغة البرتغالية، مقدماً السلمان السيرة الذاتية الطويلة للبوسعيدي في مساره العلمي والبحثي وتخصصه في تاريخ البرتغاليين.

وعوداً إلى الخطوة التاريخية الجبارة التي قام بها الشيخ ناصر، لفت البوسعيدي إلى أنه أعاد اللحمة الوطنية على أرض عمان كلها، ثم اتجه لضرب البرتغاليين في معاقلهم بدءاً بالساحل العماني الشمالي، مروراً بجلفار جنوب رأس الخيمة، ثم استمر في خط سيره من الشمال إلى الجنوب حتى صحار وهي المدينة الثانية للبرتغاليين، وكانت أمامه تحديات كثيرة أهمها الفرقة والتشرذم والانقسام بين القبائل وصراعاتها، وعمل لمدة تسع سنوات لم تكن سهلة ليوحد البلاد العمانية، لأنه أدرك أن العدو الحقيقي هو الانقسام والتشرذم، وكأي قائد محنك وحكيم فلابد من الالتفات إلى الداخل وتحقيق استقراره ثم مواجهة الأعداء.

أكثر من 2000 قطعة أثرية

وانتقل المحاضر للحديث عن حقبة زمنية طويلة من الوجود البرتغالي شهد صراعاً عمانيّاً برتغاليّاً بلغ المحيط الهندي، بادئاً بعرض مقطع فيديو حول الوجود البرتغالي من خلال حطام سفينة عثرت عليها التنقيبات الأثرية العمانية بالتعاون مع البعثة الإنجليزية، وخلالها، تم العثور على 2800 قطعة من مقتنيات السفينة تعود إلى بواكير الوجود البرتغالي وأعطت صورة واضحة عنه من العملات والمستلزمات إلى الأسلحة والقذائف والرصاص وعبوات التخزين ذات الطابع الشرق أوسطي والتي ربما سطا عليها بحارة السفينة، إلا أنها تكشف اعتماد البرتغاليين على القوة والعنف في إحكام سيطرتهم على المنطقة، حيث جاؤوا للسيطرة على طرق التجارة والملاحة التي كانت تتحكم فيها البلاد العربية والإسلامية، وخصوصاً أهل الخليج في تلك الفترة، ورأى البرتغاليون أنهم الأجدر بالسيطرة على تلك الطرق التجارية والمنافذ البحرية.

بين حمير والنباهنة

وقد تهيأت للبرتغاليين حتى مطلع القرن السابع عشر، الفرصة لكسر شوكة صحار من خلال النتائج التي تمخض عنها الصراع القبلي الدائر في عمان عندما جذبت الانتصارات التي حققها الأمير عمير بن حمير حاكم سمائل على حساب النباهنة النقمة عليه، والرغبة في الانتقام منه، فهاجم النباهنة الذين تركز وجودهم في تلك الفترة في مدينة صحار التي كانت تخضع لفترة طويلة لحكم محمد بن مهنا الهديفي حليف النباهنة الذين أشاروا عليه مهاجمة أملاك عمير بن حمير في منطقة السيت القريبة من مسقط وخربوا المنطقة وقتلوا كثيراً من أتباع عمير الذي صمم على الانتقام، ولما خشي مواجهة النباهنة بنفسه، اتصل بالقبائل المجاورة له كما استنجد بملك هرمز، وكان البرتغاليون ينتظرون مثل هذه الفرصة لضرب مدينة صحار وحاكمها محمد بن مهنا الهديفي الذي كان يحكمها منذ فترة طويلة قاربت 40 عاماً واستطاع أن يجعل من صحار ميناء نشطاً جذب إليه سفن الهند المحملة بالبضائع والتوابل.

إلى الجزء الشمالي من الأرض

ويلفت البوسعيدي إلى أنه بعد وصول البرتغاليين إلى الهند العام 1489 بقيادة فاسكو دي غاما، سيطروا على المحيط الهندي وكانت الدولة التي تنافسهم هي إسبانيا وأقرت بذلك أحقية البرتغال بإحكام سيطرتها على الهند، ولكن أسباب هذه الهزيمة عرفها البرتغاليون وعبروا بالملاح الشهير (ماجلان) إلى الجزء الشمالي من الكرة الأرضية ووصلوا إلى الفلبين، ومنذ وصولهم إلى الهند، استعان البرتغاليون بست سفن عسكرية بغية تثبيت وجودهم في المنطقة حتى لا ينافسهم الإسبان، وليضمنوا حقهم في احتكار التجارة البحرية، وكان الهدف الأساسي هو قطع الطريق الرئيسية المؤدية إلى الخليج العربي والمحيط الهندي والبحر الأحمر، وبالتالي وضع سياسة من أجل اغلاق المنافذ البحرية.

وتناول المحاضر ريادة البرتغاليين في الملاحة البحرية، فتحدث عن كونهم من أسبق الأمم في هذا المجال، لكن هذا التطور الذي حصل عليه البرتغاليون لم يأتِ من فراغ بل من ميراث المسلمين الذين كانوا يعيشون في بلاد الأندلس ثم طردهم البرتغاليون في منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، وقد طور البرتغاليون الخطوط الملاحية والجانب الملاحي وخرجوا بسفن عابرة للمحيطات، وعلى رغم أنهم اسغرقوا فترة طويلة في عبور المحيط الأطلسي، إلا أنهم وصلوا إلى رأس الرجاء الصالح ثم إلى الهند وعبروا كذلك المحيط الأطلسي المعروف بقسوته وشراسته.

المحاضر إبراهيم بن يحيى البوسعيدي
المحاضر إبراهيم بن يحيى البوسعيدي
السفير العماني والحضور يتابعون المحاضرة
السفير العماني والحضور يتابعون المحاضرة

العدد 5250 - الجمعة 20 يناير 2017م الموافق 22 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً