العدد 5250 - الجمعة 20 يناير 2017م الموافق 22 ربيع الثاني 1438هـ

الأرشيف البرتغالي: أسرار البحرين في 82 عاماً... «مشتتة» والجمع بانتظار استفاقة رسمية

تصحيحاً للتاريخ: بن ماجد لم يرشد فاسكو دي جاما... والبرتغال لم تستوطن البحرين

السلمان والبوسعيدي وحديث عن وثائق البرتغاليين‎
السلمان والبوسعيدي وحديث عن وثائق البرتغاليين‎

فتحت ندوة نظمتها جمعية تاريخ وآثار البحرين مساء الخميس (19 يناير/ كانون الثاني 2017)، الباب لطرح مطلب لم يلبَّ بعد. مطلب موجه لهيئة البحرين للثقافة والآثار وينادي بجمع ما يتعلق بتاريخ البحرين من وثائق الأرشيف البرتغالي.

وفي الفترة من 1520 حتى 1602م، عاشت البحرين «تحت حكم برتغالي بالوكالة»، وفقاً لما يذكره المؤرخ البحريني محمد حميد السلمان.

حقبة زمنية امتدت لـ 82 عاماً، تفاصيلها حتى اليوم لم تعرف بعد، في ظل «غياب مصدرها المحلي، وحضور لمصدرها الرئيسي، ممثلاً في الأرشيف البرتغالي». أرشيف «البحث في وثائقه المليونية مضنٍ، وبحاجة لدعم رسمي»، يقول السلمان وهو يتحدث عن جهود فردية بذلت في فتح هذا الأرشيف «لا تغني ولا تسد الفجوة التاريخية الموجودة».

ورداَ على سؤال لـ «الوسط»، بشأن إمكانية إنشاء أرشيف وطني بالاعتماد على وثائق الأرشيف البرتغالي، بين السلمان الحاجة للبحث المستمر في هذه الوثائق، مؤكداً في الإطار ذاته استعداد البرتغاليين للتعاون، وعقب «تاريخ البحرين لن يكتمل من دون العودة للأرشيف البرتغالي، غير أن العملية بحاجة لجهد رسمي وجماعي».

وفي الندوة التي احتضنتها جمعية تاريخ وآثار البحرين، بمقرها في الجفير، وتناولت «الأرشيف البرتغالي المتعلق بالخليج العربي والبحرين» فرغ المحاضران المتخصصان في الأرشيف البرتغالي واللغة البرتغالية، البحريني محمد حميد السلمان والعماني إبراهيم البوسعيدي، من دون أن تستقر جميع علامات الاستفهام التي ظلت تعتمل في صدور الحضور.

وتركزت الندوة التي كان مقرراً لها أن تقدم كدورة تدريبية في الأرشيف البرتغالي واللغة البرتغالية، على جهد للباحث البوسعيدي، والذي تمكن من إنجاز بحثه مدعوماً من قبل الجهات الرسمية في سلطنة عمان، وذلك بالاستعانة بالأرشيف البرتغالي الوطني الموجود في العاصمة البرتغالية لشبونة ويعود للقرن الرابع عشر الميلادي.

يعلق البوسعيدي فيقول: «المرجع للأرشيف هو الدليل الذي يسهل مهمة الباحثين، وقد صدر بحسب الدول التي سيطرت عليها البرتغال»، مشيراً إلى أن الحديث يتركز حول القرن 16م، حيث آلاف الوثائق التي تخص هذا القرن وتتعلق بالمناطق التي سيطر عليها البرتغاليون.

مهمة البوسعيدي لم تكن سهلة على حد وصف السلمان، والذي يرجع ذلك لصعوبة الأرشيف الوطني البرتغالي، والذي يضم 3 أقسام تحوي المواد المؤرشفة طوال سيطرة البرتغاليين.

وسريعاً، انتقلت الندوة لتتطرق للخطأ الشائع عن الملاح أحمد بن ماجد بوصفه من أرشد المستكشف البرتغالي فاسكو دي جاما الى طريق الهند، وذلك بالاستعانة بوثيقة تحكي يوميات رحلة فاسكو دي جاما على ظهر السفينة.

بشأن ذلك، تحدث السلمان «البوسعيدي الذي دخل في المعترك، تمكن من إثبات خطأ شائع، وصححه بالوثائق البرتغالية نفسها»، فيما يضيف البوسعيدي «عدة أدلة على ذلك من بينها أن الربان ليس مسلماً وبالتالي ليس هو أحمد بن ماجد»، وتابع «أحمد بن ماجد ليس له علاقة مباشرة بارشاد فاسكو دي جاما، ربما يكون ذلك بطريق غير مباشر تحديداً عن طريق دراساته».

يزيد على ذلك السلمان بالقول: «من بين ما يذكر أن من أرشد فاسكو دي جاما كان في حالة سكر، وهو ما لا يقبله عقل، فكيف يتم الوثوق بـ «سكران» للإرشاد عبر البحر، ويدعم ذلك السن المتقدم لأحمد بن ماجد وقتها والذي لم يكن يسمح له بالإبحار»، مضيفاً «نتحدث عن خطأ لابد أن يصحح، وهو كذب صريح».

بعد ذلك، استعرض البوسعيدي عدداً من الوثائق، اعتبرت «كنوزاً من الأرشيف البرتغالي»، من بينها وثيقة تعود للعام 1529 وتتعلق بالحملة البرتغالية ضد البحرين، والتي قادها (سيماو دا كونها)، إلى جانب «الحديث عن حصار بومباسا والذي امتد لسنتين ونصف تقريباً، ولا وجود عنه سوى صفحة، في الوقت الذي يتحدث عنه الارشيف البرتغالي، في 100 صفحة تقريباً تروي يوميات الحدث، لذا لا غنى عن الارشيف البرتغالي الذي يوثق لحقبة مهمة من تاريخ منطقة الخليج»، يقول البوسعيدي.

ووفقاً للبوسعيدي فإن «البرتغاليين كانوا أذكياء، حيث عملوا على توفير 4 نسخ من الوثائق لحفظها من الأحداث، لكن ما يعاب عليهم عدم التنظيم كما هو لدى الانجليز»، مضيفاً «تأثر البرتغاليون كثيراً باللغة العربية، ونقلت كثير من المفردات العربية للغة البرتغالية، حيث تم حصر الكلمات ذات الأصل العربي فبلغت 1500 مفردة، من بينها السكر، القدر، العنبر، والعديد من مصطلحات البحر».

بجانب ذلك، كانت البحرين حاضرة في كتابات البرتغاليين، من بين ذلك الوثيقة التي تتحدث عن تمرد البحرين. يعلق السلمان «بعد 3 شهور من الغزو البرتغالي، لم يتوقع البرتغاليون حدوث ثورة، والتي كانت ثورة سرية فاجأت البرتغاليين، حيث ضمت اتفاقاً سريّاً بين مناطق متباعدة».

أما البوسعيدي، فيضيف «العام 1522 تتحدث وثيقة عن ثورة عرب الخليج، وتظهر قوة الثورة التي قام بها العمانيون وعرب الخليج ضد البرتغاليين، فيما تتحدث وثيقة أخرى عن الصلح بين البرتغاليين وأهل عمان لتصبح أول معاهدة صلح بين دولة أوروبية وبين عمان العام 1648، ووثيقة ثالثة تعرضت لسيطرة العمانيين على البحرين، وهي عبارة عن رسالة العام 1716 من أحد قادة الأسطول للقائد العام لمضيق هرمز».

وعقب الندوة الحوارية، ظهرت أسئلة الحضور من بين ذلك تساؤل الباحث عبدالعزيز صويلح عن حجم مصداقية كل ما ورد في وثائق الأرشيف البرتغالي، ليرد على ذلك البوسعيدي بالتأكيد على ضرورة التعامل الحذر مع الوثيقة، والقول باهمية المقارنة، في ظل وجود مبالغة في ذكر بعض الحوادث لأغراض خاصة من بينها تعظيم النفوذ وعدم الاقرار بالهزيمة.

السلمان ورداً على قول إن الثقافة العربية لم تخلف مخطوطات في تلك الفترة بسبب غياب ثقافة المذكرات وتدوين اليوميات، قال: «لم نجد للأسف مصادر محلية لكم من المؤكد ان تلك الفترة لم تخل من كتابات، وقد يعود غيابها لحوادث الحرق أو التدمير»، مضيفاً «لكن المؤكد هو وجود كتابات، فديوان ابن المقرب جاء قبل فترة البرتغاليين، كما ان المدرسة القريبة من مسجد الخميس كانت تضم في الفترة نفسها 300 عالم، وعلى رغم ذلك نطرح سؤالنا المتكرر: أين رواية الناس الذين وقع عليهم الحدث؟».

العدد 5250 - الجمعة 20 يناير 2017م الموافق 22 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً