العدد 5250 - الجمعة 20 يناير 2017م الموافق 22 ربيع الثاني 1438هـ

مسجد الشيخ علي بن حماد والآثار الإسلامية شمال باربار

مسجد الشيخ علي بن حماد في الثمانينات (Kalus 1990)
مسجد الشيخ علي بن حماد في الثمانينات (Kalus 1990)

ذكرنا في الحلقة السابقة أنه عثر في موقع معابد باربار على أساسات لمنزل ضخم، رجحت البعثة الدنماركية أنه ربما يكون قصراً، كما رجحت البعثة الدنماركية أن هذا المبنى يعود للقرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وذلك اعتماداً على الفخار الذي عثر عليه في الموقع ذاته (Frifelt 2001, pp. 13 - 34). ومن موقع معابد باربار وعلى مسافة قرابة كيلومتر واحد في اتجاه الجنوب الغربي لباربار، تمتد آثار واضحة تدل على وجود استيطان في هذه المناطق. وبحسب اللقى الآثارية، فإن تاريخ الاستيطان في هذه المناطق يبدأ من القرنين التاسع والعاشر الميلاديين ويمتد حتى القرن الثامن عشر الميلادي (Larsen 1983, appendix II)، (Salles et. al. 1981). والمرجح أن هذه الآثار كانت متصلة ببعضها البعض، ففي الوقت الراهن لا توجد إلا بعض المناطق المنفصلة عن بعضها بسبب الطرقات والمباني الحديثة.

كذلك، فإن هناك مواقع آثارية توجد شمال موقع معابد باربار، لكنها لا تمتد كثيراً، وبحسب اللقى الآثارية فإن هذه المواقع تعود للفترة مابين القرنين التاسع والخامس عشر الميلاديين (Larsen 1983, appendix II). والمرجح أن هذه المواقع تمثل امتداداً للمركز الاستيطاني الذي نشأ في الحقبة الإسلامية المبكرة في موقع معابد باربار. هذا، وتنتهي الآثار التي تقع شمال موقع معابد باربار بشوارع ومباني حديثة تمتد مئات الأمتار يبدأ بعدها ظهور الآثار الإسلامية مجدداً، أي في أقصى شمال باربار.

أقصى شمال باربار

يوجد في أقصى شمال باربار بعض الآثار الإسلامية المتباعدة، والمنفصلة أيضاً عن موقع معابد باربار، وتتمثل هذه الآثار في مسجد الشيخ علي بن حماد القديم، والذي بني مكانه مسجد حديث حالياً، والذي يبعد قرابة 800 متر شمال غرب موقع معابد باربار، ومسجد الخيس، وهو بقايا مسجد قديم، والذي يبعد قرابة 600 متر شمال شرق موقع معابد باربار. ويبعد مسجد الخيس عن مسجد الشيخ علي بن حماد قرابة 800 متر. هذا، ولم يتم التنقيب حول هذه المساجد للتأكد من عدم وجود آثار إسلامية حولها، أو تصل بين هذه المساجد والآثار التي تقع في الجنوب. وكل ما يمكننا ترجيحه، بحسب المعطيات التي سنتناولها لاحقاً، أن مسجد الشيخ علي بن حماد ربما يكون امتداداً للآثار التي توجد شمال موقع معابد باربار لأن بناءه يعود للحقبة الزمنية نفسها لتلك الآثار.

مسجد الشيخ علي بن حماد

سبق أن ذكرنا أن الآثار التي تمتد جنوب موقع معابد باربار كان من ضمنها آثار مسجد يعود تاريخ بناء مراحله الأولى للقرن الثاني عشر الميلادي (Salles et. al. 1981). أما في الشمال فهناك قرابة 800 متر تفصل بين مسجد الشيخ علي بن حماد والآثار التي تمتد شمال معابد باربار والتي تعود للفترة ما بين القرنين التاسع والخامس عشر الميلادي. يذكر أن مسجد الشيخ علي بن حماد الحالي قد تم بناؤه في موقع مسجد قديم كان يُعرف بالاسم نفسه، وقد أعيد بناء هذا المسجد أكثر من مره، وفي كل مره يعاد بناؤه يتم الاحتفاظ بحجر التأسيس الذي عثر عليه في المسجد. ويتكون حجر التأسيس من قطعتين، وقد نقش على القطعة الأولى كتابة تتكون من ثلاثة أسطر، تقرأ كالآتي (Kalus 1990, pp. 68 – 69):

(1) أمر بعمارة هذا المسجد الشريف المولى الصاحب المعظم الأكرم المكرم ملك الوزراء في العالمين

(2) شمس الدنيا والدين محمد بن أحمد بن سعيد بن معالي أدام الله معاليه متقرباً بذالك إلى الله تعالى وكملت لد اخرها (؟)

(3) شعبان المبارك من شهور سنة تسع وعشرين وسبعمائه و(؟) الحمد لله وحده وصلى الله على محمد النبي ......

أما الكتابة المنقوشة على القطعة الثانية فتتكون من سطرين، وتقرأ كالآتي (Kalus 1995):

(1) عمل الأستاذ فضل بن مواليا

(2) غفر الله له ولوالديه

يعود تاريخ هذا النقش للعام 1329م، هذا، ولم يتم التنقيب في المسجد أو حوله، ولا نعلم ما إذا كانت هناك آثار إسلامية حوله أو تحته، فربما توجد طبقات آثارية إسلامية أقدم من ذلك أسفل المسجد؛ فربما يمثل النقش تاريخ إعادة بناء وأن هناك آثاراً لمسجد أقدم منه. وربما يكون هذا المسجد امتداداً للآثار التي تقع شمال موقع معابد باربار والتي تعود للفترة ما بين القرنين التاسع والخامس عشر الميلاديين، لأن بناءه يعود للحقبة الزمنية نفسها لتلك المواقع. هذا، وقد تطرقنا للشيخ علي بن حماد بصورة مفصلة في كتابنا «مسجد الخميس، الحوزة الأولى».

مسجد الخيس

مسجد الخيس عبارة عن بقايا لمسجد قديم، وهو يوجد في أقصى الشمال الشرقي لقرية باربار، وهو يقع في منطقة متوسطة لمركزين استيطانيين يعودان للحقبة الإسلامية المبكرة. فمسجد الخيس يبعد قرابة 600 متر شمال شرق معابد باربار حيث مركز الاستيطان في الحقبة الإسلامية المبكرة، كما أنه يبعد قرابة 800 متر من موقع تلال جنوسان (الجنوبية)، وقرابة 800 متر عن تل جنوسان الشمالي، وفي كلا الموقعين السابقين عثر على فخار إسلامي يعود للقرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين؛ ما يشير لوجود استيطان في هذه المناطق يعود لهذه الفترة. كما يبعد مسجد الخيس قرابة 500 متر عن موقع أثري يقع بين جنوسان وباربار ويعود للحقبة الإسلامية المتوسطة (1055 – 1500م) وما بعدها (Larsen 1983, appendix II).

يذكر أن كل تلك الآثار الإسلامية التي توجد في باربار وجنوسان هي ضمن دائرة قطرها نحو كيلومتر واحد ومركزها موقع معابد باربار. فهل كلها تمثل مركزاً استيطانياً واحداً؟ أم مركزين منفصلين؟ فإن كانا مركزين استيطانيين منفصلين، فلأي المركزين ينتمي مسجد الخيس؟ وفي أي حقبة بني هذا المسجد؟ هذا ما سنناقشه في الحلقة المقبلة. يتبع.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 10:21 م

      سبحان الله وكل هذه الآثار الدالة على عمق حب الشيعة للمساجد وبناءها ، إلا أن هناك من يطلع على الفضائيات وينزل عليهم بكلمات ما أنزل الله بها من سلطان ، كفار زنادقة فجار روافض ولا تصلون في مساجدهم وحرام الصلاة خلفهم ، وعلماءهم فجره ، وكأنه وكيل عن السماء في توزيع الألفاظ ولا حول ولا قوة،

    • زائر 5 | 1:19 ص

      زائر 4 نعم
      أنا بنفسي سمعت من أحد الأشخاص رحمه الله وهو من نفس القرية ... يقول حتى السنة يقومون بزيارته ومن مختلف
      مناطق البحرين وذكر لي قصة غريبة نوعا ما .. يقول كان مجموعة من الزوار حضرو للزيارة ومن بينهم زائر قام بسرقة
      شيئ من داخل المسجد وبعد أن خرجو من المسجد ركبو الحافلة القديمة والتي يطلق عليها الباص الحطب حاول السائق
      إدارة المحرك ولكن لا يعمل وبقت الحافلة واقفة في مكانها حتى أقر هذا الشخص بالسرقة وارجاع المسروق بعد ذلك
      تحركت الحافلة... والله أعلم ما مدى صحة هذه القصة

    • زائر 4 | 11:13 م

      مسجد شيخ علي بن حماد بعد له قصص تاريخية لجدّاتنا الحاليات الله يطول أعمار الباقيات ويرحم الماضيات إذا بتسألونهم عن "يوم الشراك" يحضرون من مناطق مختلفة غير باربار ويجتمعون في هذا المسجد

    • زائر 3 | 11:12 م

      ابو يوسف
      كل واحد بقول عني وعن الشيعة في البحرين والمناطق المجاورة كلام غير لائق من عديمي الفهم اللي يستخدمون المصطلحات الحيوانية اللي نشوفها كل يوم هذا المقال يكون كافي ووافي لإلقامهم واسكاتهم .

    • زائر 2 | 11:10 م

      جميل جداً التقرير

    • زائر 1 | 7:25 م

      باربار حضارة وتراث يشمخ على ارض البحرين

اقرأ ايضاً