نستغرب من الحملة الشعواء على وقف الزيادة السنوية لموظّفي القطاع العام والمؤسّسات شبه الرسمية من قبل الحكومة، وطبعاً الحكومة مضطّرة إيقاف هذه الزيادة حتّى تستطيع تغطية عجز الموازنة.

نترك وقف الزيادة «على صوب» ونركّز على الموازنة الآن! فالموازنة العامّة للدّولة 2017 - 2018 لن تُمرّر إلاّ من خلال مجلس النوّاب، فمسألة وقف الزيادة أو فرض الضرائب على المواطن من خلال زيادة بعض رسوم الخدمات، لابد أن يتم تمريره من خلال الموازنة، إذاً مجلس النوّاب هو المسئول الأوّل عن وقف الزيادة أو فرض ضرائب جديدة، آسفة جداً... أقصد زيادة رسوم على بعض الخدمات، إذا أقر المجلس الموازنة التي ستُعرض عليه!

لا نريد أبواقاً وجعجعة النوّاب، ولا نريد صراخاً ولا هيجاناً،! ما نريده جميعاً أفعالاً لا أقوالاً، وإجماع النوّاب على رفض الموازنة في حال أصرّت الحكومة على وقف الزيادة! أرجوكم نتمنّى منكم يا سعادة النوّاب، فقط هذه المرّة، الوقوف على جملة «بصوتك تقدر» حتّى توقفوا اجتياح الحكومة على رواتب المواطن الموظّف!

كما نريد من الحكومة التساهل قليلاً مع السادة النوّاب في هذه المسألة، والتقبّل بصدر رحب زعل وهواش وصراخ النوّاب على الوزراء، كما نتمنّى من الحكومة أن تأخذ الصراخ والزعل بصدر رحب وألاّ تغضب، فالمواطن كان يؤمن بأن شعار «بصوتك تقدر» قد أصبح واقعاً ملموساً من خلال نوابه المنتخبين انتخاباً حراً مباشراً.

نعتقد أنّ السادة النوّاب ليسوا خائفين من المواطنين الذين انتخبوهم، ولكنهم خائفون من مواجهة الحكومة، فغضبها عليهم معناه إيقاف امتيازاتهم وتقاعدهم وعلاواتهم وسفراتهم، وتترّفع الحكومة عن هذه المسألة، لأنّنا وجدنا خلال السنوات أنّ الحكومة تهتم بالشأن البحريني كاملاً أكثر من اهتمام النوّاب أنفسهم! لأنّ النائب ليس متفرّغاً للشعب، ولكنه متفرّغ لخلق المشاكل والإلهاء بمواضيع لا تهم جيوبهم.

نحن في سنوات عجاف كتبنا عنها قبل أن تحدث، ولا أحد سمعنا أو قرأ لنا أو ناقشنا عنها، والحكومة واعية جدّاً لما يدور حولها ولما تُقدم عليه، فهي تعمل عملاً مؤسّسياً وليس عملاً غوغائياً، فتركت أمور الموازنة لمجلس النوّاب للموافقة أو الرفض، وعملت في صمت على إيجاد التوازن بين هبوط سعر النفط وبين موازنة الدولة.

في الثمانينيات لم يكن هناك مجلس نوّاب ولا شورى، ولكن الدولة استطاعت التكيّف مع انخفاض النفط والأزمات الكبيرة، ولم يتأثّر جيب المواطن أبداً، ولم تتوقّف الزيادة، علماً بأنّ دولاً مجاورة توقّفت أشهراً عن دفع رواتب موظّفيها!

نسأل مجلس النوّاب في مناقشته للموازنة، أقرّ مجلس الوزراء علاوات لكبار موظّفي الدولة الوزراء والوكلاء والوكلاء المساعدين والمدراء، فهل تُمس هذه العلاوات ويتم تخفيضها أو إلغاؤها لأنّ رواتبهم تُعتبر مرتفعة قياساً بالموظّف العادي؟! أم لن يناقش النوّاب الأفاضل هذه المسألة خوفاً على المساس بامتيازاتهم!

الآن الكرة في ملعب النوّاب، وهذه الملاليم من الزيادات السنوية للموظّفين لا تُسمن ولا تُغني من جوع، ولا تؤثّر على موازنة الدولة، لأنّ المبلغ يُعتبر زهيداً وليس بذلك الحجم كمستوى الأراضي التي تُقدّر بمئات الملايين.

السادة النوّاب، «بصوتك تقدر» لأنّك تمثّل الشعب، فلماذا التردّد في اتّخاذ الأمر الحازم لهذا القرار الحكومي؟! ننتظر «فزعتكم» وليس «صوتكم» للشعب!