بعد أن لم تجد سياسة رفع الدعم عن السلع الإستهلاكية التي كانت الحكومة تقدّمها للمواطنين في التأثير بشكل ملموس في خفض العجز في موازنة الدولة جراء انخفاض أسعار النفط، تم اتخاذ إجراءات أخرى أكثر حسماً، وهي زيادة أسعار المحروقات والكهرباء والماء والتي بدورها رفعت أسعار جميع السلع والخدمات الأخرى، وجاء بعد ذلك زيادة الرسوم المفروضة على المواطنين. وبدأ ذلك برفع نسبة الرسوم على مشتقات التبغ في مارس/ آذار من العام الماضي بنسبة 200 في المئة، تبعها زيادة رسوم المغادرة من مطار البحرين إلى 7 دنانير، وزيادة الرسوم للتنقل عبر جسر الملك فهد، وأخيراً زيادة رسوم مواقف المركبات بشوارع البحرين للضعف.
ويؤكد المسئولون أن هنالك توجهاً لفرض رسوم إضافية خلال الأشهر القليلة المقبلة على بعض السلع المنتقاة، من بينها مشتقات التبغ والمشروبات الغازية والتي قد تصل إلى 200 في المئة. وما هو مؤكدٌ حتى الآن، أن الدول الخليجية ومن بينها البحرين، ستبدأ في تطبيق ضريبة القيمة المضافة بواقع 5 في المئة على السلع والخدمات في شهر يناير/ كانون الثاني العام المقبل 2018. وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة، تُفرض على مبيعات السلع والخدمات بنسب ترتبط بالقيمة المضافة لهذه السلع والخدمات، حيث يدفع المستهلك الضريبة على مشترياته علاوة على سعر السلعة نفسها، في حين يدفع البائع مجموع حصيلة القيمة المضافة إلى الدولة.
وبربط مثل هذه الرسوم والضرائب مع ما يتقاضاه المواطنين من أجور متدنية، فإن المستوى المعيشي للبحرينيين سيكون في حال مزرية خلال السنوات القليلة المقبلة، فبحسب بيانات هيئة التأمين الاجتماعي وهيئة سوق العمل، فإن من بين ما يقارب 92 ألف موظف بحريني في القطاعين العام والخاص هنالك 36.7 ألف موظف بحريني تقل أجورهم عن 300 دينار شهرياً، في حين تحدّد دراسات مستقلة أجريت منذ ما يقارب من خمس سنوات، أن مستوى الفقر في البحرين هو 270 ديناراً للأسرة المكوّنة من خمسة أفراد.
الخبراء الإقتصاديون يرون أن البحرين إنْ أرادت فرض ضرائب جديدة، فإنه من الأجدى أن تبدأ بفرض مثل هذه الضرائب على الشركات الأجنبية الكبيرة، بدلاً من المواطنين، ولكن في حالة ضريبة القيمة المضافة فإن المواطن هو من سيتحمل وزر هذه الضريبة. ويؤكد الخبير الإقتصادي جعفر الصائغ في مقابلة له نشرت قبل أيام، أن «سن الضرائب في حالة الركود الاقتصادي الذي تمر به البحرين سيعمق من هذا الركود بدلاً من معالجته»، ويضيف أنه «في جميع دول العالم بما في ذلك أميركا... حين يمر الإقتصاد بحالة ركود تقوم الدولة بخفض الضرائب على الأفراد وعلى المجتمع».
ولكن يبدو أن الإقتصاد البحريني يختلف عن باقي اقتصاديات العالم، وأن المواطن البسيط هو من يتحمّل التبعات في حين تبقى الشركات الأجنبية الكبرى في مأمن من ذلك، خوفاً من هروب الإستثمارات، مع أن هذه الشركات تدفع ضرائب ضخمة في مختلف دول العالم، ولم تفكّر في الهروب من تلك الدول مادامت تجني أرباحاً تفوق أضعاف ما تقدّمه من ضرائب!
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 5246 - الإثنين 16 يناير 2017م الموافق 18 ربيع الثاني 1438هـ