وهكذا مضى الرابع والعشرون من اكتوبر/ تشرين الاول لتبدأ مرحلة اخرى بمعطيات مختلفة في كثير من جوانبها. وعلينا الآن مواجهة التحديات الناتجة عن تباين وجهات النظر حول التعديلات الدستورية والصلاحيات المتاحة للمجلسين المنتخب والمعين. ولكن الأهم من ذلك هو لمّ الشمل وإعادة مد الجسور بين مختلف الاطراف الفاعلة في العملية السياسية في البحرين.
فالاتجاهات التي تشكّلت لاحقا في جمعيات سياسية كان لها دورها الاساسي في انجاح التصويت على ميثاق العمل الوطني، وقد التزمت بحضارية ابداء الرأي الآخر من دون جر الساحة للعنف أو الاساليب غير المقبولة. وقد أكدوا مرارا حرصهم على المعارضة السلمية التي اضطرتهم لاتخاذ موقف المقاطعة من الانتخابات.
وكان لموقفهم الايجابي لحفظ السلم الاهلي محل تقدير الجميع الذين يدركون صعوبة الموقف الذي اضطروا لاتخاذه بعد ان حاولوا ايصال وجهة نظرهم عدة مرات قبل اعلانهم المقاطعة.
وفيما لو تم تعيين اشخاص ثقاة في مجلس الشورى يحترمهم الشعب، مثل رؤساء الجمعيات والاتحادات المنتخبة، أو غيرهم ممن عرف عنهم الاستقلالية، وفيما لو استطاعت الجمعيات المعارضة عقد تحالفات مع اعضاء المجلس المستعدين للوقوف مع آرائها تحت قبة البرلمان فإن بالامكان خلق خريطة سياسية جديدة تشمل جميع الفعاليات بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وبالتالي فإنه بالامكان الخروج من جزء من المشكلة المتمثل في غياب الاصوات المقاطعة عن البرلمان.
على اننا نعتقد بأن الروافد السياسية المتاحة في البحرين اليوم يمكنها مساندة العمل السياسي داخل البرلمان. فلدينا الجمعيات السياسية والنقابات والندوات والخطب الدينية وجميعها ترفد العمل الوطني العام. ويمكن استخدامها بصورة مسئولة لإبراز جميع وجهات النظر حول الشأن العام.
ومن جانب آخر لابد من إزالة المنغصات. فقيام شركة بتلكو بغلق عدد كبير من المواقع الالكترونية من دون سند قانوني ومن دون صلاحية ممنوحة من القضاء يعتبر ضربة لحرية التعبير عن الرأي في البحرين. والمطلوب من الجهة التي أمرت بغلق المواقع هو اشهار الضوابط التي استخدمتها والصلاحية التي تمتلكها للقيام بمثل هذا العمل.
لقد تعدى عمل بتلكو حجب المواقع الالكترونية إلى حرمان احد المواقع (قرآن نت) من رزقهم، لأنهم مجموعة من المواطنين الذين يحترمون القانون ويوفرون خدمات مدفوعة الأجر لنقل ندوات على الانترنت. وكانت جريمتهم الوحيدة انهم نقلوا ندوة نادي العروبة، وفي اليوم التالي لذلك قامت الجهة السرية التي تتخذ من بتلكو واجهة لها بإغلاق خدمة البث الحي لهؤلاء المواطنين.
والسؤال هو كيف تريد بتلكو ان يحصل المواطنون على رزقهم وهي تقطعه من دون حساب وكتاب ومن دون الرجوع إلى حكم القانون؟ كيف تريد بتلكو والجهة الحكومية خلفها من المواطنين الابداع والحصول على الرزق وهي تحاربهم بهذه الطريقة غير القانونية؟ وهل ستعوّض هذه المجموعة التي كافحت من أجل الحصول على رزقها عبر توفير خدمة البث لجميع انواع الاحتفالات والبرامج والآن تقوم جهة غير معلومة بقطع رزقها؟
عندما نطرح هذه الامور فإنه بودّنا ان نحصل على توضيح لما يقوم به البعض. فلقد قال سمو ولي العهد في حديثه مع رؤساء تحرير الصحف المحلية إن العهد الجديد هو عهد الرأي والرأي الآخر، وان وزارة الاعلام دورها اختلف الآن من توجيه ما يكتب في الصحف إلى ضمان وجود الرأي والرأي الآخر الملتزم بحكم القانون.
اننا نطالب بإعادة مد الجسور وهذا يتطلب اجراءات تشجيعية من جميع الجهات، من أجل لمّ الشمل وبدء حياة جديدة أساسها الحوار المفتوح بين جميع الاطراف
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 49 - الخميس 24 أكتوبر 2002م الموافق 17 شعبان 1423هـ