وقد صدر كتاب «الإرهاب باسم الإسلام ليس جهادا» لكاتبه العالِم الأميركي المسلم، جون اسبوسيتو الذي غاص في أعماق تجربة المسلمين أنفسهم. ويعتبر الكتاب مرشدا لا غنى عنه لمعرفة الحركات الثائرة في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
والمطلوب أن نقرأ الكتاب، فلم نعد نستطيع تحمّل الجهل بأسباب ثورة المسلمين. والكتاب عبارة عن رواية مستنيرة متوازنة، وبدلا من محاولة اتهام الإرهاب، حاول الكاتب أن يبرهن أن الأحداث تحدّت كلا من الغربيين والمسلمين في العمق. وقدّم وصفا موجزا لدور الجهاد، ذاهبا إلى أسامة بن لابن يجهل القيود التي تفرضها الشريعة الإسلامية على شن الحرب كما يقول، إذ أن اعلان الحرب يكون من واجب رئيس الدولة فقط، ثم إنه لا يستهدف المدنيين، وتكون العقوبة مناسبة.
ولكن تنظيم القاعدة لم يسلّم بوجود أية قيود على شن الجهاد غير قيوده الخاصة.
وتتبع اسبوسيتو نشوء الجماعات الإسلامية المختلفة، موضحا أن بعضا منها حاول التغلّب على صعوبات التحديث ببرامج رعاية سلمية، بينما اختارت أقليات فقط الإرهاب طريقا. ولم يهمل المؤلف الآثار السلبية للاستعمار، مشيرا إلى أن عدم الاستقرار في الدول المسلمة عائد إلى تكويناتها المصطنعة التي فرضها الأوروبيون. وساعدت المشكلات الاجتماعية والسياسية الحركات في الاقتراب من خيبة الأمل الواسعة لدى الشعوب من حكّامها المستبدين (والذين يدعمهم الغرب غالبا) وإذا لم يتم التوجه لحل هذه الأسباب الجذرية فلن يفلح التدخل العسكري في جعل العالم مكانا آمنا.
أمر مهم آخر، أوضحه المؤلف، وهو أن أسامة بن لادن لا يمثل قيادة للمسلمين. وناقش أعمال السياسيين والمفكرين المسلمين الذين لا يحظون بتغطية إعلامية في الغرب ولكنهم يحاولون جاهدين ايجاد حلول تساعد المسلمين في الدخول إلى العالم المتحضّر على شروطهم الخاصة بهم من دون نبذ لعاداتهم وتقاليدهم.
ولا يعني الجهاد بمعناه الأولي «الحرب المقدّسة» وإنما «الجهد» أو الكفاح. واختتم اسبوسيتو كتابه بمناشدة المسلمين اتباع سبيل مفكريهم المستنيرين، وأن يُصلِحُوا مجتمعاتهم المضطربة وأن يتعاملوا بحسم مع التشدد والتطرف.
كما نصح الدول الغربية بكبح جماح طمعها في النفط والتخلي عن دعم الأنظمة المتسلطة، مع التأكيد على ضرورة أن تنسجم سياساتها الخارجية مع مبادئها الديمقراطية.
خدمة الاندبندنت - خاص بـ « الوسط
العدد 49 - الخميس 24 أكتوبر 2002م الموافق 17 شعبان 1423هـ