تعتبر شخصية باراك أوباما ليست مثل الشخصيات الرئاسية التي طلت على البيت الأبيض، فهو الرئيس الوحيد الذي اختلف في لون بشرته عن باقي الرؤساء الأميركيين، وهو أيضاً الوحيد الذي تبنى سياسات جديدة خالقاً التغيير عبر إيجاد بعض الحلول للمشاكل الداخلية في أميركا.
لكن حتماً سيذكر التاريخ أن التغيير الذي جاء في سياسته الخارجية كان مختلفاً، إذ انصب في بلدان مثل كوبا وإيران، بينما ترك الباب على مصراعيه على شعوب المنطقة العربية؛ فمن ربيع تواق للحرية، وصولاً إلى إرهاب يصنع وحوشاً قاتلة، وأنظمة سياسية محمية من المحاسبة، وضحايا ولاجئين وموتى وأطفالاً وغيره.
دموع خطاب أوباما الأخير للشعب الأميركي في شيكاغو... هل كانت دموع تأنيب ضمير لإخفاقه في قضايا كبرى مثل سورية وليبيا وغيرها؟ أم كانت لحظة سمع فيها أصوات الموتى في الأرض العربية المثقلة بالكثير من الحروب والصراعات، وصولاً إلى الشتات العربي الذي تفاقم أكثر حتى أصبحت قضية اللاجئين ناقوس خطر على الجميع.
عندما فاز أوباما ذو الأصول الإفريقية برئاسة الولايات المتحدة تفاءل الكثيرون به، ليس فقط داخل أميركا التي مازالت تعاني العنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء، ولكن في العالم كله، وخصوصاً في بلدان المنطقة العربية، غير متناسين ما قاله في جامعة القاهرة، وكيف كانت التطلعات والطموحات في أوساط الشعوب العربية، آملة خيراً مع هذا الرئيس الذي كان يخاطبها من القلب إلى القلب، بحثاً عن التغيير الذي تطمح إليه.
لقد أبدى كثيرون إعجابهم بـ»الديمقراطية الأميركية» التي أوصلته للرئاسة تحت شعاره الرنان: «نعم نستطيع». وخمّن آخرون، مثلما كان يخمّن شباب الربيع العربي، أن باستطاعتهم التغيير لأن الرئيس أوباما كان من المفترض أن يكون أكثر تفهماً لقضايا العرب، ولن يكون متحيزاً ضدهم، وبالتالي ستكون سياسته الخارجية في الشرق الأوسط أقل تحيزاً لمصلحة «إسرائيل» والأنظمة الصديقة، وخصوصاً بعد خطابه القوي والمثير في القاهرة.
لكن ما لم يدركوه وقتها تعقيدات السياسة الخارجية الأميركية، التي جعلت أوضاع بلدان المنطقة العربية من بعد العام 2011 تنقلب إلى الأسوأ، وذلك مع استمرار واضح للإنتهاكات، وضعف في الأداء السياسي مع ملفات عربية عديدة، بما فيه ما خلفته بيانات إدارة أوباما التي أوجدت معها حالة من «الفوضى السياسية»، حالت دون تحقيق أي إنجاز تعددي لخلق دولة مدنية ناجحة في المنطقة العربية.
وعلى الرغم من أن شخصية أوباما كانت مميزةً بشهادة الجميع، ولقدرته الرائعة على مخاطبة الجماهير، والمشاركة في مناسبات الأديان المختلفة، إلا أن إدارته للأسف لم تستطع أن تفك عقدة القمع في أكثر من ملف عربي، على رغم استمرار الضغط على دول المنطقة نحو الديمقراطية والتعددية السياسية.
وهكذا فإن إدارة أوباما تتحمل ما حلّ بالمشهد العربي من حالة فوضى وحمامات دم لا تنتهي، في السنوات الست الأخيرة من ليبيا إلى العراق فسورية وغيرها، ولا أحد يدري من ستكون الضحية التالية من بلدان المنطقة التي تترنح على كف عفريت.
أوباما قال في خطابه الأخير معلقاً: «في غضون عشرة أيام، سيشهد العالم العلامة المميزة لديمقراطيتنا: الانتقال السلمي للسلطة من رئيس منتخب بحرية إلى الرئيس الذي سيليه. أبلغت الرئيس المنتخب دونالد ترامب أن إدارتي ستضمن انتقالاً سلساً، كما فعل معي الرئيس جورج بوش».
أما في المنطقة العربية فسيبقى الحال منتكساً مع انكسارات عربية كثيرة. كما أن الانتقال السلمي والسلس هو أمر غير معروف عربياً، أما العلامة المميزة فهي الديكتاتورية ومزيد من الانتهاكات وملاحقة الشباب وتجنيدهم لغرض الإرهاب الذي صُنع من أجل مزيد من الفوضى، ومزيد من الانقسام، ومزيد من الغرور، الذي يجعل القانون يطبق ضد من صرخ «نعم نستطيع» عبر الزجّ به في السجون أو قمعه، بينما الجاني يفلت من العقاب ويستمر في القتل دون قانون أو حساب.
وداعاً أوباما... «نعم نستطيع» أن نخلق التغيير، ولكن يبدو أن هذا الشعار قد كلف الكثير من شباب المنطقة العربية، وربما الكثير الذي ينتظر من جراء ما خلفته إدارة أوباما من حمل ثقيل. ولكن يبقى الأمل في القدرة على التغيير من قبل الإنسان العادي، هذا في حال لو تبدلت الموازين وارتفع الوعي من خلال التمسك والإصرار على بناء دولة المؤسسات، التي تصب في صالح تحقيق العدالة للجميع دون استثناء.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 5244 - السبت 14 يناير 2017م الموافق 16 ربيع الثاني 1438هـ
اوباما بس كلام
نعم هو ضاهرة صوتية لا تمكن ان تفعل اى فعل قوى فهو فقط يتخدث بطلاقة ولكن لايسطيع ان يفعل شي نعم لايسطيع التغير لان السياسة الامريكية ليست بيد الرئيس هي نظام متكامل ومنهج مرسوم من قبل جهات اكبر من الرئيس. ونحن العرب لنا عقولنا النائمة
نحن لا نعول على الإدارة الأمريكية ولا على الدول الأوربية في عملية التغيير وحفظ كرامة الإنسان العربي بعد أن انكشفت حقيقة هذه الدول إلى جميع شعوب العالم، وإنما نعول على الله سبحانه وتعالى، من كان مع الله كان الله معه
حلال عليهم وحرام على غيرهم من الشعوب بل اكثر من حرام، هؤلاء الذين يسمّون انفسهم رعاة الديمقراطية يدعمون انظمة تضطهد شعوبها وتمارس عليها كل انواع القمع بل اكثر من ذلك يصدّرون لهم اسلحة وآليات القمع من دون أي وازع ولا ضمير