أعلنت الحكومة البريطانية مع مطلع هذه العام، بأنها بدأت العمل في صيانة الساعة الشهيرة بيغ بن، بعد توقف قرع أجراسها في أبريل/نيسان العام الماضي. الساعة التي استمرت طيلة 157 عاما، توقفت بأمر من مجلس العموم البريطاني بسبب -بحسب تقريره- أن أجزاءها بدأت بالتآكل، وهي بحاجة إلى ترميم سريع خلال مشروع قد يستغرق 3 سنوات، ويكلف 29 مليون جنيه إسترليني. ساعة بيغ بن تزن نحو 12.5 طنا، ويبلغ طول عقربيها 9 و14 قدما. الساعة مثبتة على برج القديس استيفان الذي يبلغ طوله 320 قدما، ويقع في الجزء الشمالي من مبنى البرلمان في دائرة ويستمنستر في العاصمة البريطانية. بدأ عمل الساعة في 3 يونيو/ حزيران العام 1859، ويرجع اسمها إلى اختصار لاسم بنجامين هول وزير الأشغال البريطاني آنذاك، ويقال إن بنيامين ضخم الجسم، كانوا يطلقون عليه لقب بيغ بن، وهو الذي أشرف على تنفيذ مشروع الساعة وتصميم برجها، وهو أول من دق أجراسها. ساعة لها شهرة عالمية، وتكمن شهرتها في دقتها المتناهية في قياس الوقت، إذ تدق منذ 150عاماً، ولم تخطئ ثانية، لذا اعتمدت دقاتها رمزاً للتوقيت العالمي، ومنها ينطلق التوقيت بالعالم كله. بعض المؤرخين يرجع سبب شهرة ساعة بيغ بن إلى صوت جرسها المميز، الذي فيه خشوع يؤثر في أي شخص يسمعه، لذا اختارتها إذاعة «بي بي سي» البريطانية منذ عام 1924، لتعلن دقاتها بدء نشرات أخبارها الإذاعية، ليسمعها العالم كله.
الساعة اقترنت بالوقت، وهي وسيلة لقياسه، إذ مرت بمراحل عدة، وبأشكال وأحجام مختلفة، فقد عرف العالم الساعة الشمسية قبل الميلاد، ثم جاءت الساعة المائية، فالساعة الرملية، وفي القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين تمت صناعة الساعة الميكانيكية، وفي القرن السابع عشر الميلادي تم اختراع أول ساعة وهي البندول. وفي القرن التاسع عشر صنعت الساعة الكهربائية، ثم جاء في القرن العشرين الكوارتز، ثم الساعة الذرية التي تعتبر أدق ساعة صنعت حتى الآن.
يشار إلى أن الوقت يعبر عن نقطة ما على الخط الزمني، وهو بعد فيزيائي ولايوجد وسيلة غيرها لترتيب الحوادث، عبر وحدات خاصة هي الثانية والدقيقة والساعة واليوم والأسبوع، بينما الشهر والسنة تبقى قياسا لزمن غير دقيق، نظرا لاختلاف طول الشهور والسنوات، لذا فالساعة هي رمز الوقت، وارتبط الإنسان بها في يومه وتسيير أعماله. لذا هناك كثير من القصص التي ارتبطت بالساعة، ومن طرائف ما تبادلته وسائط التواصل الاجتماعي في هذا الجانب، خطاب أرسله أحد قيادات التعليم في إحدى المحافظات التعليمية يحذر فيه معلما من تأخيره، فما كان من الأخير إلا أنه رد على الخطاب بقوله:
لو أن ساعتكم من شكل ساعتنا
لطبقتها لكن ساعتي صيني
أسير حيث أشارت لي عقاربها
مصدقا قولها واللوم يأتيني
إن شئت ألبستني من نفس ساعتكم
من نفس مصنعها والجين كالجين
فرد عليه القيادي «تمنح ساعتنا للمعلم هدية، ولا يقبل ردها، ولي عليه حق الانضباط وعدم التأخير».
تبقى الساعة مصدرا للوقت، الذي لا يعود إذا انقضى، ولذا فإن ثمن حياة الإنسان لايقاس بمدى ما عاشه أو أمضاه من دقائق وساعات، بقدر ما أنجزه فيها، لذا قيل بأن الوقت رأس مال المرء، فلم يهدره البعض في عبث لا طائل من ورائه؟
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 5243 - الجمعة 13 يناير 2017م الموافق 15 ربيع الثاني 1438هـ
ساعتهم لها عقارب كبيرة كما هي سياستهم عقاربها كبيرة
...
موضوع شيق ومفيد وفيه الكثير من الدروس والعبر التي يجب أن نتطبقها على أرض الواقع... شكراً للكاتبة على هذه المعلومات المفيدة