العدد 5243 - الجمعة 13 يناير 2017م الموافق 15 ربيع الثاني 1438هـ

القطان: الهموم والأحزان خطر على كيان الأمة وإنتاجها... والأنس ذكر الرحمن

الصالحون الطيبون المشاؤون للمساجد مطمئنون قادرون على المصائب

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

رأى إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن الهموم والغموم والأحزان المفرطة، خطر على كيان الأمة وإنتاجها؛ لأنه خير لكل مجتمع مسلم أن يستقبل الحياة ببشر وأمل؛ كي يستفيد من وقته، ويغتال القعود والقنوط، مؤكداً في خطبته يوم أمس الجمعة (13 يناير/ كانون الثاني 2017) أن الصالحين الطيبين المشائين للمساجد مطمئنون قادرون على مصائب الحياة وتقلباتها.

القطان في خطبته التي عنونها بـ «علاج القلق والهموم والأحزان»، قال: «لا يُظن بعاقل أن يزهد بالأنس، وإذا ما غلبت المرء أعراض قاهرة فسلبته الطمأنينة والرضا؛ فإنه يجب عليه أن يجنح إلى الدواء الناجع الذي دل عليه ديننا الحنيف؛ حتى لا يكون الاستسلام لتيار الهم الذي يولد انهيار الأعمال بالعجز والكسل».

وخاطب القطان المهموم قائلاً: «عليك أن تحافظ على الصلاة، ترطب لسانك بذكر الله؛ لتخرج من عنق الزجاجة إلى الفضاء والسعة، وإن زوال الهم مرهون بكثرة الاستغفار ولزومه، مشيراً إلى أنه «لن ينفع أحدنا جنوحه إلى زيد أو شكواه لعمرو ما دام لم يطرق باب أرحم الراحمين المطلع على الضمائر وما تكنه الصدور؛ لأن من فقد الأنس بالله؛ فما عساه أن يجد، ومن وجد الأنس بالله؛ فما عساه أن يفقد؛ ففر من همومك أيها العبد إلى ربك خالقك ومولاك».

وأضاف «إذا كان اللجوء إلى الله تعالى سببا في انسلال الهموم الجاثمة على المرء، فإن ذكر الحبيب المصطفى (ص) سبب في الأنس وكفاية الهم».

وتابع «أحسنوا التعامل مع الهموم تفلحوا، وحذار أن تكون همومكم من نسيج خيالكم والواقع منها براء، وخذوا أمور الدنيا بأسهل ما يكون، وغضوا الطرف عن مذكيات الهموم بالتغابي عنها؛ فإن الغبي ليس بسيد في قومه، لكن سيد قومه المتغابي. واعملوا على تخليص همكم من همكم لهمكم الأخروي، وإياكم وكثرة المعاصي فإنها كلاليب الهموم».

واعتبر أن «الصالحين الطيبين المحسنين، المشائين للمساجد هم المطمئنون بذكر الله عز وجل، وهم الأقوى والأقدر على مصائب الحياة وتقلباتها، لا تعكر التقلبات طمأنينتهم، ولا تستثير المنغصات سكينتهم.

وأكد بأن «هذا هو حال أهل الإيمان والصلاح، بينما يتعذب ملايين البشر اليوم يلهثون وراء المسكنات والمنومات، والعيادات والمستشفيات، ويبحثون في الكتب والمؤلفات والمقالات. أقلقهم القلق، وفقدت نفوسهم الأمن، قلقون من الموت، يخافون من الفشل، جزعون من الفقر، وجلون من المرض، إلى غير ذلك مما تجري به المقادير على جميع الخلائق».

وعرّف القلق بأنه «انفعال واضطراب داخل النفس يعاني منه الإنسان حين يشعر بالخوف أو الخطر من حاضر أو مستقبل. والإنسان القلق يعيش حياة مظلمة، مع سوء الظن بمن حوله وبما حوله. تغلب عليه مشاعر الضيق والتشاؤم والتوتر والاضطراب وعدم الثقة، بل يرى الناس عدوانيين حاقدين حاسدين، حتى قالوا: (إن وراء مرتكب الجريمة قلقا دفعه إلى اقترافها)، إما خوف من موت، أو خوف من جوع، أو خوف من فقر، أو خوف من مرض، أو فشل، أو غير ذلك من الدوافع والهواجس التي تمتلئ بها هذه الحياة».

وأردف قائلاً «هذا القَلِقُ المضطرب غلبت عليه الدنيا، فكانت أكبر همه فزاد قلقه، وطال أرقه».

وتساءل «أين الراحة إذا كانت الدنيا هي منتهى الأمل؟ وأين الطمأنينة إذا كانت الدنيا هي غاية السعي؟ هدوء النفس وراحة البال نعمة عظيمة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها، ومن أصابه الأرق أو دب إليه القلق عرف معنى هذه النعمة».

وقال القطان: «مساكين أهل هذا العصر في هذه الحضارة المادية التعسة، حين يدرسون النفس الإنسانية مقطوعة الصلة بالله خالقها ومدبرها، ومقدر أحوالها وشئونها، يتكلمون عن أثر البيئة، وعن أثر الأسرة، وعن أثر الاقتصاد، ولا يتكلمون عن الهدى والضلال، والكفر والإيمان، والطاعة والعبادة. فانقلبت عندهم المعايير، واضطربت لديهم المقاييس، وذهبت الفضائل، وضاعت القيم، وانحلت الأخلاق، فلم تفد حلولهم، ولن تجدي اختباراتهم ولا مختبراتهم، من ضلالهم وانحرافاتهم؛ أن عدوا ضبط الشهوات كبتا، والإحساس بالذنب تعقيدا؛ بل المرأة عندهم إذا لم تتخذ صديقا يعاشرها بالحرام فهي مريضة شاذة، ونعوذ بالله من انتكاس الفطرة».

وأشار إلى أن «عقلاءهم انتقدوا هذا الانحراف المهلك في مبادئ هذه الحضارة وفكرها ونظرتها للإنسان ونفس الإنسان».

وأوضح انه «لا حصانة للنفس ولا حفظ للمجتمع أعظم وأنجع وأسرع من الإيمان بالله والسير على هدى الله؛ الإيمان ينشر الأمان، ويبعث الأمل، والأمل يبعث السكينة، والسكينة تورث السعادة. فلا سعادة بلا سكينة، ولا سكينة بلا إيمان، فالإيمان هو الغذاء، وهو الدواء، وهو الضياء. صاحب الإيمان راسخ العقيدة، حسن العبادة، جميل التوكل، كثير التبتل، عظيم الخضوع، طويل الخشوع، مديم الذكر، عميق الفكر، ملازم للعمل الصالح، واسع الصدر، عظيم الأمل، كثير التفاؤل. لا يتحسر على ماضيه باكيا، ولا يعيش حاضره ساخطا، ولا ينتظر مستقبله خائفا قلقا».

ولفت إلى أن المؤمن مؤمن بأقدار الله ومقاديره، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والله هو الرزاق، ورزق الله لا يجره حرص حريص، ولا ترده كراهية كاره، والمسلم يجمع بين التوكل والأخذ بالأسباب»، مؤكداً أن «المؤمن يعيش وذكر الله شعاره، والتوكل على الله دثاره، وما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله. وعجبا لمن ابتلي بالغم كيف ينسى: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)».

وخلص إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي إلى أن «الالتجاء إلى الله والتوكل عليه وحسن الظن به من أعظم مفرجات الهموم، وكاشفات الكروب، وطاردات القلق».

العدد 5243 - الجمعة 13 يناير 2017م الموافق 15 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 10:55 م

      اعتقد ان الشيخ عدنان القطان حفظه الله من الناس الذين اذا تحدثوا كلامهم يزيل الهم والغم فهو رجل يسعى دائمآ للخير والمودة والتعاون ونبذ الطائفيه واحترام الغير وهو قدوة حسنة لشيوخ الدين وليت الي في بالي يتعظون به وبكلامه ويتعلمون منه حسن الكلآم واحترام الاخرين والتوقف عن شتم الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله حفظك الله يا شيخ عدنان ولك منا كل الشكر والتقدير

    • زائر 1 | 10:17 م

      فضيلة الشيخ ، هموم المواطن كثيره ، ياريت تتحدث عنها

اقرأ ايضاً