العدد 48 - الأربعاء 23 أكتوبر 2002م الموافق 16 شعبان 1423هـ

24 أكتوبر: بداية لحياة سياسية أخرى

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مهما كانت وجهة نظر المواطن، سواء كان من المشاركين ام المقاطعين، فإن الرابع والعشرين من اكتوبر/ تشرين الاول 2002 يعتبر بداية لحياة سياسية جديدة، وهذه الحياة ليست كما توقعها كثير منا، إلا ان التعامل معها سلبا وايجابا حرك الشارع البحريني بصورة لم تشهدها البلاد منذ ثلاثة عقود.

في الفترة التي اعقبت الاستقلال ومع الاعداد لانتخابات المجلس الوطني في العام 1973 كانت البحرين تشهد اعتصامات ومظاهرات واضرابات طلابية وعمالية بصورة يومية وكانت تلك الانشطة تضغط باستمرار على الاطراف السياسية. وبينما كان الدستور يُكتب والبرلمان يُنتخب كان الطلاب يتظاهرون مؤيدين لاضرابات العمال تارة ومطالبين بإعادة مدرسين تمت اقالتهم تارة أخرى، الحياة كانت نشطة جدا آنذاك وهي نشطة هذه الايام. وسرعان ما وجد الفرقاء انفسهم داخل قبة البرلمان ينقلون آراءهم وتطلعاتهم ومطالبهم، وسرعان ما تشكلت الكتل النيابية داخل المجلس، وسرعان ما تصاعد الوضع خارج المجلس وداخله، وسرعان ما طرحت الحكومة مشروع قانون امن الدولة الذي اصطدم مع الحقوق الدستورية والانسانية كلها، وبالتالي كان لابد من معارضته من دون تنازل، وهو ما دفع السلطة التنفيذية إلى الاستقالة ومن ثم حل البرلمان.

يختلف الوضع هذه الايام عن تلك الايام في عدد من الاوجه. فمن جانب لدينا معارضة ناضجة ومسئولة ومتحضرة ساهمت وما زالت تساهم في المشروع الاصلاحي. ومن جانب آخر هناك تفهم على مستوى القيادة السياسية بأن التعامل مع المعارضة يجب ان يختلف عن الماضي. فالمعارضة معترف بها رسميا حاليا، والعمال بدأوا تنظيم نقاباتهم، والمهنيون على ابواب الدخول إلى الحياة النقابية، والاتحادات النسائية والطلابية، قادمة لا محالة، والصحافة بدأت تتنفس كثيرا، والمتملقون اصبحت اساليبهم بالية ولا توصلهم كثيرا كما كان في الماضي، والمخلصون وجدوا منافذ للدخول في الحياة العامة لم تكن متوافرة في مطلع السبعينات.

غلق البرلمان كان مصاحبا آنذاك لدعوات محلية واقليمية بغلق «مصادر الاختلاف والفتنة» لكي يفسح المجال امام المصارف والاستثمارات. اما فتح البرلمان في العام 2002 فتصاحبه موجة أخرى مناقضة للموجة السابقة فلقد اصبح واضحا للجميع ان الاستثمارات الخارجية لن تأتي إلا اذا كانت هناك شفافية، وإلا اذا كانت هناك محاسبة ومنع للفساد الاداري والمالي. وان هذا الفساد لا يمكن مقاومته إلا اذا وجدت محاسبة برلمانية وصحافية.

إن المرء يجب ان ينظر إلى الواقع ويحاول اصلاحه باستخدام ادوات الواقع. فكلنا يأمل في تحقيق المزيد من الديمقراطية والمزيد من الشفافية ووضع حد للمتملقين والفاسدين والمتلاعبين بالمصالح العامة، وكلنا يود المشاركة في برلمان منتخب له كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، ولكن الواقع يقول إن المعارضة على رغم قوتها في حشد الجماهير كانت - ولمدة عام واحد قبل الاعلان عن دستور 2002 - مفتتة وغير قادرة على طرح مطالبها بصورة فعالة، بل ان المعارضة كانت منشغلة بكثير من الامور التي ابعدتها عن اجندتها الاساسية، وكانت عودتها بعد فوات الاوان.

وفي الحقيقة ان ما حدث في فبراير/ شباط 2002 كان نوعا من الرحمة للمعارضة، اذ استطاعت ان تجمع قواها مرة اخرى وتدخل الساحة بصورة موحدة. ولاشك في ان وحدة فصائل المعارضة، لا سيما تلك التي ضحت بالكثير والتي بسبب مساندتها لمشروع عظمة الملك وصلت الاوضاع إلى المستوى الايجابي الذي نحن فيه حاليا، كل ذلك امر يبعث على الارتياح ويدفع باتجاه تعزيز المعارضة المخلصة والمستشعرة لمسئولياتها الوطنية. لذلك فإن رأب الصدع بين اطراف المعارضة وتوحيدها خلال الاشهر الماضية يلزم ان يتبعه رأب صدع ومزيد من التوافق مع القيادة السياسية بهدف اشراك جميع الاطراف في المسيرة الاصلاحية. اننا جميعا مسئولون عن دفع المسيرة الاصلاحية إلى الامام من خلال اشراك الاطراف جميعها بعد الانتهاء من الانتخابات بكل الوسائل الممكنة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 48 - الأربعاء 23 أكتوبر 2002م الموافق 16 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً