كما هو الحال في كل بلدان العالم، تتسارع الامور قبيل الانتخابات لتؤكد للناس أهميتهم في العملية السياسية في بلدانهم. بل ان كثيرا من الأمور لا يتم حسمها إلا مع موعد الانتخابات، وهذه واحدة من ظواهر الحياة الديمقراطية. اذ ان موعد الانتخابات هو ايضا موعد جرد الحساب وموعد تقديم البرامج وطرح الآراء وموعد الاتصالات بين الناس ببعضهم بعضا وبين المترشحين والناخبين وبين المؤيدين والمعارضين وبين القادة والرموز وبين الاتجاهات الفاعلة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
هذه هي بعض «الاعراض» الايجابية للحملات الانتخابية، وهذا ما نشاهده في البحرين هذه الايام. نشاهد التلاقي المستمر بين القيادة السياسية والشعب، ونشاهد الاستجابة لكثير من المطالب العامة، شملت الاسكان والتوظيف وتجنيس المحرومين من الجنسين ومنع الخدمات السياحية المضرة بسمعة البلد، زيادة الرواتب، تحسين الاداء الحكومي وفسح المجال امام المنافسة الشريفة في المناقصات الحكومية، انفتاح الصحافة والاعلام على مشكلات الناس، وعدد آخر من الانجازات التي تتحقق سراعا قبيل بدء الحياة النيابية.
وإذا كان «احد» اهداف الحياة النيابية تحسين ظروف حياة الناس، فإن جزءا من ذلك يتحقق حتى قبل بدئها. وعلى هذا الاساس فإننا نرى أن الفوائد المصاحبة للحياة النيابية القادمة قد تعوض عن بعض النواقص التي طرأت على المشروع الاصلاحي خلال الاشهر الماضية. وعلى هذا الاساس فإن دعوتنا إلى التعامل ايجابيا مع الانتخابات النيابية تنطلق من ايماننا بأن المطالب قد لا تتحقق بالطريقة التي ارتأيناها، وانه وعلى رغم القصور في عدد من الاجراءات الاخيرة، فإن المشروع الاصلاحي لم يتعطل، ولم تتراجع اوضاعنا إلى الوراء، ولم نعد إلى اجواء قانون أمن الدولة كما تنبأ البعض. كما ان الذين يحاولون اجترار اساليب الماضي واساليب الادارة التي كانوا يمارسونها في وزاراتهم وإداراتهم بدأوا يصطدمون بواقع الاصلاح الذي يرفض تلك الاساليب. ونحن في «الوسط» نعتبر وجودنا احدى ثمرات الانفتاح السياسي، ولذلك فإننا نشعر بمسئولياتنا تجاه الناس الذين تحققت بتضحياتهم كثير من الانجازات، ونشعر بمسئولياتنا تجاه المشروع الاصلاحي الذي بسببه ايضا نستطيع ممارسة دورنا. ولذلك فإننا نستهدف من نشاطنا، الاخلاص لمجتمعنا ونحاول عدم الانصياع لكثير من الضغوطات التي تواجهنا اثناء التغطيات الصحافية.
لقد شمل خطاب عظمة الملك يوم الامس ملخصا لأهم المكتسبات التي تم تحقيقها خلال فترة وجيزة، ابرزها اخلاء السجون من المعتقلين السياسيين وعودة المبعدين وضمان حرية التجمع السلمي والتعبير عن الرأي والاهتمام بالجوانب المعيشية للمواطنين وضبط السياحة غير العائلية، وبالتالي فإن الخطاب يتوجه إلى المواطن للمشاركة بصورة فعالة في الحياة النيابية، لأن ذلك يعبر عن التواصل بين القيادة السياسية والشعب.
اننا من المؤيدين للذهاب إلى صناديق الاقتراع ونأسف كثيرا ان القوى الفاعلة، ولاسيما جمعية «الوفاق»، قد خرجت من حلبة الترشح على رغم ان جميع المراقبين كانوا يتوقعون فوزها تقريبا بنصف مقاعد المجلس النيابي. ولو انها دخلت لساهمت برأيها المعارض من داخل قبة البرلمان. أما الآن وقد اختفى مرشحو «الوفاق» فإن القاعدة الجماهيرية مطالبة بتحكيم ضميرها، ومراجعة نفسها في قرار المشاركة أو المقاطعة.
فهل يعقل ان نبدأ الاربع السنوات القادمة مع غياب هذه القاعدة، وما هو البديل عن ذلك؟
هل هناك بصيص من النور للخروج من المأزق الذي دخلنا فيه بعد إعلان المقاطعة؟
سؤال يوجه إلينا جميعا على أمل البحث عن مخارج واشراك القاعدة الشعبية التي كانت تتصدر الحوادث المطلبية في التسعينات، لأن غيابها خسارة لنا جميعا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 46 - الإثنين 21 أكتوبر 2002م الموافق 14 شعبان 1423هـ