قال تقرير للمخابرات الأميركية نشر أمس الاثنين (9 يناير/ كانون الثاني 2017) إن مخاطر نشوب صراعات ستزداد خلال الأعوام الخمسة المقبلة وستصل إلى مستويات لم يسبق لها مثيل منذ الحرب الباردة نتيجة تآكل نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية والنزعات القومية الناجمة عن معاداة العولمة.
وذكر تقرير «التوجهات العالمية: متناقضات التقدم» وهو السادس في سلسلة دراسات يجريها مجلس المخابرات الوطنية الأميركية كل أربعة أعوام «ستتقارب هذه الاتجاهات بوتيرة لم يسبق لها مثيل تجعل الحكم والتعاون أصعب وستغير طبيعة القوة - ستغير بشكل جذري المشهد العالمي».
ولخصت نتائج التقرير الذي يصدر قبل أسبوعين من تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة في 20 يناير عوامل وصفتها بأنها ستشكل «مستقبلاً قريباً قاتماً وصعباً» يشهد زيادة جرأة روسيا والصين وصراعات إقليمية وإرهاباً وتباينات متزايدة في الدخول وتغيراً مناخياً ونمواً اقتصادياً ضعيفاً.
وتتعمد تقارير «التوجهات العالمية» تجنب تحليل السياسات أو الخيارات الأميركية، لكن الدراسة الأخيرة ركزت على الصعاب التي ينبغي للرئيس الأميركي الجديد معالجتها من أجل إنجاز تعهداته بتحسين العلاقات مع روسيا وتسوية ساحة المنافسة الاقتصادية مع الصين وإعادة الوظائف إلى الولايات المتحدة وهزيمة الإرهاب.
يضم مجلس المخابرات الوطنية محللين أميركيين كباراً ويشرف على صياغة تقييمات المخابرات الوطنية التي تضم في الغالب أعمال كل وكالات المخابرات وعددها 17 وهي أشمل المنتجات التحليلية في المخابرات الأميركية.
ودرس التقرير الذي شمل مقابلات مع خبراء أكاديميين ومتخصصين ماليين وسياسيين من أنحاء العالم التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية التي يرى المؤلفون أنها ستشكل ملامح العالم من الآن وحتى العام 2035 وأيضاً تأثيراتها المحتملة.
وقالت الدراسة إن الإرهاب سيزداد في العقود المقبلة مع امتلاك الجماعات الصغيرة والأفراد «تكنولوجيا وأفكاراً وعلاقات جديدة».
وأوضحت أن الغموض بشأن الولايات المتحدة وأيضاً «الغرب الذي ينظر إلى الداخل» وضعف حقوق الإنسان الدولية ومعايير منع الصراعات ستشجع الصين وروسيا على تحدي النفوذ الأميركي.
وأضافت أن التحديات «ستظل أقل من مستوى الحرب الملتهبة لكنها ستحمل في طياتها مخاطر تقديرات خاطئة عميقة» محذرة من أن «الإفراط في الثقة بأن القوة المادية قادرة على ضبط التصعيد ستزيد من مخاطر الصراعات بين الدول إلى مستويات لم تحدث منذ الحرب الباردة».
وقالت إنه مع إمكانية تفادي «حرب ملتهبة» تقود الخلافات في القيم والاهتمامات بين الدول ومساعي الهيمنة الإقليمية «إلى عالم (موزع على) مناطق نفوذ».
وأوضح التقرير وهو موضوع مؤتمر في واشنطن أن الموقف يقدم في نفس الوقت فرصاً للحكومات والمجتمعات والجماعات والأفراد لاتخاذ خيارات قد تفضي إلى «مستقبل أكثر أملاً وأماناً».
وأضافت «كما تشير (متناقضات التقدم) فإن نفس الاتجاهات التي تولد مخاطر على المدى القريب قد تنتج أيضاً فرصاً لنتائج أفضل على المدى القصير».
وذكر التقرير أيضاً أنه بينما أسهمت العولمة والتقدم التكنولوجي في «إثراء الأكثر ثراءً» وانتشال مئات الملايين من براثن الفقر فإنها أدت أيضاً إلى تآكل الطبقات المتوسطة في الغرب وألهبت ردود الفعل ضد العولمة. وتفاقمت هذه الاتجاهات مع أكبر تدفق للمهاجرين في سبعة عقود.
ومن التوجهات التي تشكل المستقبل انكماش عدد السكان في الفئات العمرية الصالحة للعمل بالدول الغنية ونموها في الدول الفقيرة خاصة في إفريقيا وجنوب آسيا الأمر الذي يزيد من فرص العمل ونمو المناطق الحضرية.
وقالت الدراسة إن العالم سيستمر في تسجيل نمو ضعيف على المدى القصير في ظل معاناة الحكومات والمؤسسات والشركات للتغلب على آثار الأزمة المالية العالمية.
وأوضحت «الاقتصادات الكبيرة ستواجه انكماشاً في القوة العاملة وتقلصاً في الإنتاج وهي تتعافى من الأزمة المالية (2008-2009) بديون كبيرة وطلب ضعيف وشكوك بشأن العولمة».
العدد 5239 - الإثنين 09 يناير 2017م الموافق 11 ربيع الثاني 1438هـ