العدد 43 - الجمعة 18 أكتوبر 2002م الموافق 11 شعبان 1423هـ

النحاس يسرق من الذهب «بريقه»... أحيانا!!

متدربو معهد البحرين للتدريب... «صاغة صغار»

لا تسكن العين لحظة واحدة عندما تتنقل في حضرة الذهب، مأخوذة بذلك البريق الساحر، هذا ما يمكن أن تشعر به وأنت تتجول في معرض الذهب والمجوهرات الذي أقيم على مدى الأيام الماضية ويختتم اليوم، لكن بعض المعادن (المعتمة) يمكنها أن تسرق السكون من الأعين أحيانا.

في الركن الخاص بمعهد البحرين للتدريب في المعرض، تقف يوميا منال بوجيري ووفاء عبدالحميد وهما متدربتان في المعهد تعرضان نماذج (نحاسية) لخواتم وأقراط ومصوغات متنوعة قامتا وزملاء لهما في المعهد بتصميمها ضمن برنامج الدبلوم في صياغة الذهب، لكن المثير أن تلك (النماذج النحاسية) صَنعت في الكثير من زوار المعرض من تجار خليجيين وعرب ما يصنعه الذهب لحد الرغبة في شراء بعض تلك التصميمات، وكان السؤال المطروح مرارا: «من صمم هذه الأعمال؟».

في هذا المعرض الذي يساوي ملايين الدنانير، كان «النحاس» حاضرا، وسرق شيئا من بهاء الذهب وبريقه.

تقول منال: «نشارك في المعرض للتعريف بالبرنامج الذي نتدرب فيه، لقد كانت تجربة مثيرة، معظم الخليجيين كانوا يقفون عندنا ويبدأون في طرح أسئلتهم عن تصميماتنا وعن البرنامج وبعضهم كان يسأل عن مدى إمكان إلحاق ذويهم به».

ووفقا لوفاء فقد أبدى عدد من رجال الأعمال وتجار الذهب الخليجيين رغبتهم في إلحاق أبنائهم وذويهم للاستفادة من هذا البرنامج للدخول بشكل أقوى في سوق تسيطر عليه أغلبية ساحقة من الحرفيين الآسيويين.

وتضيف: «لا علم لي بشأن إمكان التحاق الخليجيين بالبرنامج، لكن أسئلتهم والرغبة التي أبداها بعضهم في الاستفادة منه جعلاني أشعر بالفخر لما أنجزت من أعمال حتى الآن، إنه شعور جميل أن تلحظ إعجاب الآخرين بأعمالك».

وتعتبر وفاء أول فتاة (تشكّ اللؤلؤ) في البحرين وذلك وفقا لشهادة من وزارة العمل والشئون الاجتماعية، وقامت بعمل أطقم كاملة من اللؤلؤ، علما بأن شك اللؤلؤ حرفة تحتاج إلى الكثير من المهارة والفن.

وبعيدا عن المعرض، فقد بدأ معهد البحرين للتدريب في طرح برنامج دبلوم صياغة الذهب اعتبارا من يناير/ كانون الثاني 2001 بهدف تدريب البحرينيين على صياغة الذهب والمجوهرات من خلال إكسابهم المهارات والمعارف الفنية اللازمة للعمل في مجال الصياغة والتصميم سواء كانوا موظفين أو أصحاب أعمال.

ويحظى البرنامج بدعم كبير من قبل رجال الأعمال المشتغلين في الذهب أو الصياغة، إذ قام عدد منهم بكفالة المتدربين في هذا البرنامج، بل ووقعوا عقودا معهم تضمن للمتدربين الحصول على عمل وبأجر شهري لا يقل عن 180 دينارا.

تقول منال: «دخلت هذا البرنامج لعشقي الشديد للأعمال اليدوية والفنية بشكل خاص، واكتشفت أن البرنامج عالم متجدد من المفاجآت، أردت أن أعيش الأجواء نفسها التي عاشها الأجداد وهم الأشهر خليجيا عندما يذكر اسم الذهب، وحلمي الكبير أن أنفرد بمشروعي الخاص».

ويفكر مجموعة من المتدربين وعددهم 40 شاب وشابة من بينهم طبعا - منال ووفاء - في عمل مشروع جماعي يضمهم ويستند على الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة لرواد الأعمال، لكن هذا الحلم الجماعي سيبقى مؤجلا لحين توفر الخبرة الكافية والقدرة على تحمل مشروع بهذا الحجم... هذا ما تقوله وفاء أيضا.

وعلى رغم كل ذلك، فإن هناك بعضا من المسائل لا تسير كما تود مجموعة المتدربين في هذا البرنامج، وأهمها تلك المرتبطة بكافلي المتدربين - من رجال الأعمال.

تقول منال: «هناك شكوى من بعض المتدربين من كافليهم، أحد الزملاء يشتكي أن صاحب العمل لديه أخبره بأنه حتى لو ظل عشرة أعوام كاملة فلن يزيد راتبه فلسا واحدا، وكأن صاحب العمل أجبر على كفالة هذا الزميل، هذه المسألة ليست شخصية، هناك شكاوى أخرى وتحت نفس العنوان».

ويخشى المتدربون أن يتخلى أصحاب الأعمال عنهم بعد انتهاء فترة التدريب في المعهد، كما يخشون أن يتعرضوا لمضايقات منهم على اعتبار أن الأجر المقرر للمتدرب عند الالتحاق بالعمل سيكون 180 دينارا، في حين يتقاضى العمال الآسيويون الأكثر خبرة في هذا المجال أجرا أقل، وهو يمكن أن يؤذن بحرب «تطفيش» لهؤلاء المتدربين.

وتضيف وفاء: «يتساءل بعض الزملاء عن مصيرهم بعد انتهاء المدة المتفق عليها في العقد، هل سينتهون إلى الشارع مثلا؟. في هذا البرنامج الجميل نحتاج إلى التشجيع حتى نحل مكان العمالة الآسيوية».

معرض الذهب والمجوهرات كشف الوجه المشرق والجميل للجهود التي تبذلها وزارة العمل والشئون الاجتماعية ومعها معهد البحرين للتدريب في إعداد الشباب للانخراط في مجال صياغة الذهب والمجوهرات... لكن الوجه الآخر بقي مطموسا... فهل سيلتفت أحد إلى ذلك؟

العدد 43 - الجمعة 18 أكتوبر 2002م الموافق 11 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً