مازال المشهد قاتماً في منطقة الشرق الأوسط التي تجتاحها تقلبات سياسية، اذ جعلت من بلد مثل تركيا ليس بعيداً من مشهده عن أفغانستان والعراق مع توالي التفجيرات المتكررة، وحمامات الدم المتناثرة هنا وهناك.
كما ان تفجيرات اسطنبول وبغداد تعكس حالة الاضطراب السياسي في المنطقة، كما تعكس حالة الصراع بين الطوائف والأديان والمصالح التي تخلّف في نهاية الأمر تركةً ثقيلةً من الضحايا من مختلف الفئات العمرية.
كل ما يحدث من حدث في الوقت الراهن ، ادخل معها منطقة الشرق الأوسط بمرحلة جديدة وهي قد تكون مختلفة كلياً عمّا كانت في السابق، ولذا فإن هناك حاجة إلى التغيير الذي يحقق العدالة والحكم الصالح والفرصة للشباب العربي تحديداً، لأجل إطلاق التنمية الحقيقية التي تطوّر المجتمعات، وليس العكس، أي تعزلها وتجعلها في دائرة مغلقة لا تخرج من ثقافة القمع المستمر بأشكاله وأنواعه المختلفة التي تغلف المشهد العربي الحالي.
مهما كانت الأسباب التي دعت إلى إطلاق صرخة الحرية العربية؛ إلا أنها عبّرت بكل وضوح عن واقع مرير وجمود في الواقع العربي، الذي لا يتفاعل مع احتياجات وتطلعات الشارع العربي. ولكن حتى هذه اللحظة الصورة غير واضحة عند البعض، بينما يجدها البعض الآخر قاتمة بالنسبة لمستقبله الذي ينتظره الكثير؛ ولكن لا يجد ما يحتاج أن يفعله.
ويكفي أن نرى كيف هي حال الحكومات العربية اليوم، فهي إما غارقة في صرف الأموال من أجل تحسين صورتها الخارجية أو إخماد أي صرخة تزعجها بدلاً من صرف الأموال في برامج تنموية حقيقية تجعل من الشباب عناصر للتنمية وليس عناصر لمشكلة، وعندما تنتبه حكومات المنطقة سيكون هناك الكثير مما يمكن تفاديه وتصحيح أوضاعه.
ولعل أجمل ما قيل حتى الآن بعد مرور ست سنوات على الربيع العربي، هو ما قاله وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر في جمعية الشئون السياسية الخارجية بواشنطن: «أنا مواطن وُلد في بلدٍ نشأ من ثورة على الطغيان، فكيف لي ألا أميل إلى هذه الاحتجاجات؟ إذ كنت آمل في أن أرى موجة تحررية كالتي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1989، وشاء حسن حظي أن أكون حينها وزيراً للخارجية. كان التغيير في أوروبا الشرقية عاصفاً ولا يمكن الانقلاب عليه، وأملت فعلياً أن يمشي التغيير العربي في هذا الاتجاه، لكني كنت أعرف الشرق الأوسط جيداً، فدوله لا تعرف الكثير عن التمثيل الديمقراطي، إذ معظمها دول هشة، متصدعة بفعل انقسامات سياسية ودينية وحكم استبدادي طال أمده».
للأسف المنطقة متصدعة بكثير من الانقسامات السياسية والدينية، في ظل استمرار غياب التمثيل الديمقراطي، الذي هو واقعاً غير معروف وغير ممارَس في المشهد العربي، وذلك لأكثر من عامل وسبب.
لقد كان العام 2011 فرصةً لتغيير مجرى التاريخ في بلدان المنطقة العربية؛ ولكن ما حدث لم يغيّر بقدر ما أدخل المنطقة في مزيدٍ من الفوضى السياسية، ومزيد من الدم، ومزيد من الانقسام، ومزيد من التطرف، حتى وصلنا إلى وضع نتساءل فيه: ماذا يعني أن تكون عربياً أم مسلماً؟ فالعالم اليوم يعج بكثير من قصص الاضطهاد، أو يحتفظ بكثير من العذابات التي ترتكب بحق الشعوب العربية لا سيما في سورية.
إن الرغبة في التمتع بالحرية وممارسة الشعائر الدينية دون خوف، أو التعبير عن الرأي دون تحفظ أو نفاق، جميعها تجعل من الإنسان العربي متذبذباً في تحديد ما يريد بعد مرور ست سنوات على ثورات الربيع العربي. فقد ينتهي الأمر إلى استمرار البحث عن مشروع الهوية المفقودة والرأي المغيب، وصولاً إلى أين يبدأ انتهاك حقوق الآخرين
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 5237 - السبت 07 يناير 2017م الموافق 09 ربيع الثاني 1438هـ
كل الدول التي ساهمت في زرع بذرة الارهاب لا بد ان تتذوق مراراته. بلا استثناء
هذا ما اوصلنا اليه الخريف العربي والمشكلة انا احنا مستعدين نخرب في اوطاننا باسم الحرية والديمقراطية
هذا أوصلت به أنظمتنا العربية صحح التعليق والمعلومة