اقتربت القوات الخاصة العراقية اليوم السبت (7 يناير/ كانون الثاني 2017) من نهر دجلة الذي يمر وسط الموصل لتحرز تقدما بالتزامن مع قوات أخرى مما أجبر تنظيم "داعش" على التقهقر في آخر معقل كبير للتنظيم في البلاد.
وطُرد "داعش" من أكثر من نصف المناطق التي كانت تسيطر عليها شرقي نهر دجلة الذي يشطر المدينة لكنها ما زالت تسيطر على المناطق الواقعة إلى الغرب من النهر. وبمجرد وصول القوات العراقية إلى النهر سيكون من الصعب على مقاتلي التنظيم الدفاع عن الموصل.
في الوقت نفسه قالت الحكومة العراقية إن العراق وتركيا توصلا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات التركية من منطقة قرب الموصل. ويحاول البلدان تحسين العلاقات بينهما بعد خلاف مستمر منذ عام بسبب قيام أنقرة بنشر هذه القوات.
وخلال زيارة إلى بغداد لم يعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم التوصل إلى اتفاق لكنه قال إن المسألة نوقشت وسيتم حلها.
ولم يكن التوتر بين الدولتين الجارتين -الذي سبق الحملة المدعومة من الولايات المتحدة لطرد التنظيم من الموصل- سوى علامة على صراع قادم على النفوذ على ثاني كبرى المدن العراقية حتى بعد طرد التنظيم منها.
ولم تنته المعركة لاستعادة الموصل بعد لكن بدأت في إحراز تقدم بوتيرة أسرع.
وقال متحدث إن قوات جهاز مكافحة الإرهاب العراقية تقدمت اليوم السبت لتصبح على بعد بضع مئات من الأمتار من نهر دجلة وجسر استراتيجي هناك وهو أقرب نقطة بلغتها على الإطلاق من نهر دجلة في الموصل بعد شن هجوم ليلي لم يسبق له مثيل في الليلة السابقة في منطقة قريبة.
وأسفر التقدم خلال الأيام الماضية عن طرد المتشددين من عدة مناطق شرقي النهر.
وقال المتحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب إن تكتيكات جديدة وتنسيقا أفضل يدعم تقدم القوات.
وقال المتحدث صباح النعمان للصحفيين في شرق الموصل "باتت قوات جهاز مكافحة الإرهاب قيادة العمليات الخاصة أو الرتل الجنوبي على بعد 500 متر تقريبا من الجسر الرابع وهو أول جسر على نهر دجلة."
وقال متحدث باسم قوات التحالف على "تويتر" إن "داعش" دمرت الجسر الرابع في "عمل يائس" مع فقدها مزيدا من الأرض. غير أن الجسر كان هدفا للضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة حتى يتم منع وصول التعزيزات إلى المتشددين في المدينة.
وقال النعمان إن جهاز مكافحة الإرهاب سيطر على حي الغفران (حي البعث سابقا) ودخل حي الوحدة المجاور.
وقال بيان منفصل للجيش إن الشرطة الاتحادية العراقية استعادت السيطرة على مجمع طبي في حي الوحدة بجنوب شرق الموصل في تحول مهم بعد اضطرار وحدات الجيش للانسحاب من الموقع في الشهر الماضي تحت وطأة هجمات مضادة من "داعش".
وقال النعمان إن قوات جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية "تسير بالموازنة في المحورين" في جنوب شرق الموصل.
وقال "نحن نسير جنيا إلى جنب بتوقيت زمني والمسافة في نفس المستوى. وهذا حقيقة عامل مهم لم يستطع التنظيم من خلاله أن يقوم بعمليات مناورة لنقل مقاتليه وإسناد محور على حساب محور آخر."
وأضاف "استنزفنا التنظيم الإرهابي في هذا النوع من التقدم."
مناقشة الانسحاب التركي
والتقى قادة كبار في جهاز مكافحة الإرهاب اليوم السبت في موقع مؤقت في شرق الموصل حيث بدأت الحياة تعود ببطء إلى طبيعتها في المناطق التي استعيدت من تنظيم "داعش" رغم الدمار الكبير الذي لحق بالمنازل والبنية التحتية.
واصطف سكان في الشوارع وبدأ باعة في بيع منتجات غذائية مثل البيض واللحوم في مناطق اندلعت فيها اشتباكات قبل أسابيع.
ووزع أحد القادة العسكريين الحلوى على أطفال الحي أثناء وقوفه بجوار صف من مركبات سوداء من طراز هامفي في الوقت الذي سمع فيه دوي انفجارات من مكان بعيد.
وقال النعمان إن العملية التي جرت مساء أمس الجمعة بعد تخطيط على مدى أسبوع كانت ناجحة للغاية.
وأشار إلى أن قوات جهاز مكافحة الإرهاب استخدمت معدات الرؤية الليلية لعبور نهر الخوصر -وهو أحد روافد دجلة ويمر عبر شرق الموصل- وذلك على جسور متنقلة بعدما دمر تنظيم "داعش" الجسور الدائمة.
وساهمت الضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في تسريع وتيرة دخول القوات لحي المثنى.
وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية جزء من قوة عراقية قوامها 100 ألف فرد تضم قوات من الجيش ومقاتلين أكرادا ومقاتلين شيعة وتدعمها قوة جوية بقيادة الولايات المتحدة.
وتلقى مسلمون من السنة ووحدات البشمركة الكردية تدريبات على أيدي قوات تركية متمركزة في معسكر بعشيقة شمال شرقي الموصل.
وأغضب الوجود العسكري التركي في شمال العراق -قبل بدء الحملة على الموصل- الحكومة العراقية وتبادلت بغداد وأنقرة انتقادات لاذعة لهذا السبب قبل بدء الحملة بوقت قصير يوم 17 أكتوبر تشرين الأول.
وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن بغداد توصلت إلى اتفاق مع أنقرة اليوم السبت بشأن طلب العراق انسحاب القوات التركية من بعشيقة.
ولم يدل العبادي بمزيد من التفاصيل عن الاتفاق الذي أعلنه أثناء زيارة رئيس الوزراء التركي إلى بغداد.
وقال يلدريم في مؤتمر صحفي مشترك مع العبادي "ناقشنا مسألة بعشيقة."
وأضاف "نرى هذا التقدم الكبير الذي يجري إحرازه بشأن طرد داعش (تنظيم "داعش") من المنطقة. واتساقا مع ذلك سنحل هذه المسألة (بعشيقة) بطريقة ما .. ستكون ودية."
وأفاد بيان مشترك بعد لقاء رئيسي الوزراء بأن البلدين اتفقا على احترام سيادة كل منهما على أراضيه وأشار إلى بعشيقة بأنها "معسكر عراقي".
كما رحب يلدريم بتصريحات أدلى بها العبادي في الآونة الأخيرة وذكر خلالها أن العراق لن يسمح لحزب العمال الكردستاني بالإضرار بتركيا من داخل الأراضي العراقية.
وقال يلدريم "هذا يظهر بأفضل أسلوب ما يمكن أن نفعله سويا وما يمكن أن نقوم به ضد الإرهاب."
وتحاول تركيا إبعاد المسلحين الأكراد عن حدودها سواء مع العراق أو مع سوريا وتخشى من أن يؤدي وجودهم إلى تشجيع التمرد الكردي على أراضيها.
كما أن لتركيا علاقات تاريخية بشمال العراق والموصل وتسعى للحفاظ على نفوذها هناك وخصوصا في مواجهة حكومة بغداد.