نظم مركز عبدالرحمن كانو الثقافي مساء يوم الثلثاء الماضي الموافق (3 يناير/ كانون الثاني 2017) محاضرة بعنوان "الرضا النفسي بين الفقد والتحقق" تهاني توفيق وإدارة الندوة سكينة الطواش.
واستهلت سكينة الطواش الندوة بإشارتها لأهمية الرضا النفسي وطرحها مجموعة من المحاور الرئيسية التي ستدور حولها المحاضرة: ما هو الرضا النفسي وكيف يبحث الفرد عن الرضا النفسي وكيف يحققه وما المقصود به؟
وفي بداية المحاضرة أشارت تهاني توفيق في بداية المحاضرة إلى سعادتها بتزامن القاء هذا الموضوع مع بداية العام الجديد لتوافقه مع الرغبات الشخصية للأفراد بالرغبة في تحقيق أهداف جديدة فتكون هذه المحاضرة كدليل يقودنا نحو النجاح في ذلك مصحوبا برضى نفسي في هذه السنة والسنوات القادمة. كما أوضحت أن سبب اختيارها لهذا الموضوع هو تمحور جزء كبير من مشكلات الأفراد بعدم الشعور بالرضا النفسي وذلك من خلال ملاحظاتها المتكررة على الأشخاص اللذين تتعامل معهم في مختلف المجتمعات، بالإضافة إلى أهمية الرضا النفسي من حيث تقبل الحياة والاستمرار والاستمتاع فيها.
وواصلت توفيق أن الشعور بالرضا النفسي يتمثل في سكينة داخلية تجعلنا نتقبل ما لا نحب من أمور أو أحداث أو أشخاص برحابة صدر وسكون نفسي كما أوضحت مدى صعوبة ذلك بوصفها أن ذلك يعتبر معادلة صعبة في ظل مواجهة أحداث وأمور غير مرغوبة من الفرد. كما أضافت أن الشعور بالرضا النفسي ممكن تعريفه كذلك أنه الشعور الناتج عن الإيمان بعدالة قضاء الله وقدره فكلما زاد الإيمان بذلك كلما تقبل الفرد ما يواجهه من أمور غير مرغوبة من أزمات وأحداث بسكينة داخلية وأنه السكينة الداخلية اللتي تجعلنا نقيم الأمور بحسب اتجاهاتنا. وهو يعتبر خليط من المشاعر الإيجابية من حب وتسامح ورضا وتمثل السعادة جزء منها فالرضا النفسي يكون في السراء والضراء ولا يقتصر على المواقف السعيدة من الحياة.
وأكدت توفيق أن أهمية الشعور بالرضا النفسي تكمن في الرغبة بالاستمتاع بالحياة على الرغم من الضغوط التي يواجهها الفرد في حياته وروتينه اليومي فالسكينة الداخلية تمكن الفرد من التمتع و رؤية الجمال في حياته والتغاضي عن السلبيات التي يمر بها فهذا الشعور يوصل الفرد للهدوء والاستقرار النفسي، وأضافت أن أهميته كذلك تكمن في الوصول للاتزان الوجداني بما يعني عدم خلط المفاهيم والأوراق وإعطاء الأمور حقها من التفاعل والانفعال من دون مبالغة بإعطاء المواقف انفعالات أكبر من قيمتها أو العكس كالخلط بين العلاقات الشخصية والمهنية لدى الكثير من الأشخاص، كما بينت أن الشعور بالرضا النفسي يحفز الطاقة الكامنة المختزنة بداخل الفرد لمواجهة المواقف المختلفة.
وأضافت أن الشعور بالرضا النفسي يعجل من استعادة التوازن النفسي بعد المرور بالمواقف المحزنة والمؤثرة التي تؤدي لانخفاض معنويات الأفراد وشبهت هذا الشعور بالدرع الواقي الذي يرتديه الفرد لحمايته من تقلبات الحياة والمواقف والضغوط النفسية، وربطت توفيق مفهوم الشعور بالرضا النفسي بمفهوم جودة الحياة.
كما أكدت توفيق أن الشعور بفقد الرضا النفسي يرتبط بعدة معوقات تمنع الفرد من الوصول إليه و هي مقارنة الفرد نفسه بغيره من الأفراد في المجتمع عند تقييم حياته، وتقريع الذات وهو لوم الفرد لنفسه على القرارات الخاطئة في حياته والطموح الغير الواقعي الغير متوازن مع الإمكانيات و التمني بدون الأخذ بالأسباب. وأضافت أن الحرمان النفسي والمادي الغير مبرر في الطفولة يخلق أثر عميق في نفس الفرد لا يمكن إزالته فيستحيل الوصول للشعور بالرضا النفسي فيما بعد، كما إن تراكم الضغوط بشكل شديد يمثل كذلك أحد تلك المعوقات. وللتخلص من تلك المعوقات أشارت توفيق إن هناك عدد من الحلول التي من الممكن اتباعها وأحدها هو تجميع عدد من المشاعر للوصول لشعور الرضا النفسي وأحدها الشعور بالامتنان على النعم الموجودة بدل التركيز على المفقود ويتبعها الشعور بالتسامح مع النفس والقناعة والتفريغ الانفعالي بالضحك والبكاء والرياضة والاستماع للموسيقى والقرآن. ويتبعهم خفض سقف التوقعات من الآخرين ورؤية الجانب الإيجابي من الحياة.
واختتمت توفيق المحاضرة بالدعوة إلى تربية الأبناء على مجموعة من القيم التي تعين على الوصول إلى الشعور بالرضا النفسي في المستقبل كتربيتهم على التسامح مع الآخرين والنفس بتمثيل القدوة الحسنة لهم بذلك وتربيتهم على الصبر والشعور بالامتنان وإشباع حاجاتهم النفسية من حب وتقدير لإمكانياتهم والتوقف عن مقارنتهم مع الآخرين.