العدد 5236 - الجمعة 06 يناير 2017م الموافق 08 ربيع الثاني 1438هـ

القرية الإسلامية المُبكِّرة في باربار

من بقايا آثار القرية الإسلامية المبكِّرة في موقع معابد باربار (Frifelt 2001)
من بقايا آثار القرية الإسلامية المبكِّرة في موقع معابد باربار (Frifelt 2001)

تُعتبر دراسة الاستيطان في البحرين في الفترة الإسلامية المبكّرة (630م – 1055م)، من الدراسات المعقدة، نظراً إلى قلة المواقع التي تم التنقيب فيها، وإلى قلة ما تم العثور عليه من مبانٍ تعود لتلك الحقبة. وبحسب اللقى الآثارية، تعتبر المحرق أقدم منطقة حدث فيها استيطان في الحقبة الإسلامية المبكّرة، والذي يعود إلى القرنين السابع والثامن الميلاديين (Carter and Naranjo-Santana 2011, pp. 32 - 36). أما ثاني أقدم المناطق الذي يُرجّح أنه حدث فيها استيطان في بداية الحقبة الإسلامية المبكّرة، فهي عالي، وفي محيط البلاد القديم؛ حيث عثر في هذه المناطق على فخّار يعود إلى النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي. Insoll 2005)، (Sasaki et. al. 2011.

كذلك، ربما حدث استيطان في جبلة حبشي في الحقبة الإسلامية المبكّرة؛ حيث عثر في إحدى المواقع الأثرية في جبلة حبشي على عملة عباسية مصنوعة من البرونز (Al-Sulaiti 2005, p. 121)، والتي ربما تعود إلى نهاية القرن الثامن الميلادي.

مراكز الاستيطان

المبكّرة الأساسية

تعتبر الفترة ما بين الأعوام 810م - 929م أفضل فترة، ضمن الحقبة الإسلامية المبكّرة، والتي ازدهرت فيها البحرين، فهي الفترة التي تلت انتهاء جميع حركات التمرّد التي حدثت في البحرين الكبرى ضد الدولة العباسية، والتوصل إلى اتفاق باستقلال البحرين عن سلطة الدولة العباسية، بصورة جزئية. وتشمل هذه الفترة بروز مدينة سامراء كعاصمة للدولة العباسية (836م - 892م).

هذا، وبحلول القرن العاشر الميلادي، تكون في البحرين، في الحد الأدنى، سبع مراكز استيطان، وهذه المراكز كانت توجد في المناطق الآتية: حول مسجد الخميس، وفي عالي، وفي سار، وفي منطقة فاران القديمة، وفي الدراز، وباربار، وجنوسان.

وقد تميّزت بعض تلك المناطق عن غيرها، فيلاحظ أن القرى الإسلامية المبكّرة التي نشأت حول مسجد الخميس، وفي عالي، وفي باربار، عثر فيها على آثار مباني، بالإضافة إلى كم كبير من الفخار السامرائي المزجّج Insoll 2005)، (Sasaki et. al. 2011)، (Frifelt 2001, p. 16). ومن المرجّح أن القرية الإسلامية المبكرة التي نشأت في عالي، بنيت بطراز يحتوي على تأثيرات سامرائية؛ حيث عثر على أقواس منقوشة وذلك أثناء جرف التل الرملي الذي يغطي جزء من تلك القرية (Frifelt 2001, p. 34). أما في المناطق الأخرى فلم يعثر على آثار مباني، ولكن عثر في بعض منها، كما في جنوسان، على ما يدل على وجود منازل مبنية بجريد النخيل (McNicoll and Roaf n.d., p. 24).

القرية الإسلامية

المبكّرة في باربار

عثر في قرية باربار على لقى أثرية تدل على نشوء مركز استيطاني أو قرية إسلامية مبكّرة تعود إلى القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وتنتشر هذه اللقى في منتصف قرية باربار وتتجه جنوباً (Larsen 1983, appendix II). أما أكثر منطقة تركز فيها وجود الفخّار فهي بالقرب من موقع معابد باربار الأثري؛ حيث عثر في بئر يوجد في هذه المنطقة على ركام من الفخار السامرائي مع أنواع أخرى من الفخار، وجميعها تعود إلى القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، وهي تعكس مستوى رخاء معيشي لمن كان يستخدم ذلك الفخار (Frifelt 2001, pp. 13 - 34). كما عثر على آثار لمبنى قديم، يرجح أنه يعود إلى الحقبة نفسها، كما يرجّح أنه أساس لمبنى ضخم ربما يكون قصراً، أو بيتاً فخماً يليق بمكانة أولئك الذين يستخدمون الفخار السامرائي، والذي ربما كان منهم الحرفيين المتخصصين (Frifelt 2001, p. 33).

باربار ومراكز

الاستيطان المبكّرة

سبق أن ذكرنا أنه في الفترة التي برزت فيها سامراء كعاصمة للدولة العباسية، تم تطوير أنواع مميزة من الفخار في العراق، وتعتبر هذه الخطوة طفرة نوعية في صناعة الفخّار، ومن البديهي أن تعتبر هذه الأنواع من أثمن ما صنعه الخزاف المسلم؛ نتيجة للعمليات المعقدة والمتعددة التي يمر بها إلى أن يكون جاهزاً للبيع والاستعمال (حميد 1985، ج9، ص 316 - 318).

هذا، وتشير نتائج التنقيب الآثارية في المواقع التي عثر فيها على فخّار سامرائي في البحرين، لوجود فخار محلي الصنع بالتزامن معه. وهذا يعني أن استيراد الفخار السامرائي ليس للحاجة بالدرجة الأولى بل للرفاهية؛ ما جعل المنقّبين يرجّحون أن هذه المناطق سكنها رجال من طبقات عليا في المجتمع (Sasaki et. al. 2011). وترجّح Frifelt، أنه بالإضافة لوجود علاقات تجارية بين البحرين والعراق في هذه الحقبة، ربما كانت هناك هجرة لحرفيين متخصصين من العراق، والذين استقروا في البحرين للعمل فيها؛ حيث إن العديد منهم هاجروا إلى العديد من المناطق المجاورة الأخرى، وعملوا فيها في صناعة الفخّار والبناء والنقش والزخرفة (Frifelt 2001, p. 15).

وهذا يعني أن المراكز الاستيطانية الثلاثة التي نشأت حول مسجد الخميس وفي عالي وفي باربار، والتي عثر فيها على مبانٍ وكميات كبيرة من قطع الفخّار السامرائي، تعتبر من المراكز الاستيطانية التي سكن فيها تجار، وبالتالي، وحيثما وجد التجار، ربما وجد بالقرب منهم سوق تجارية أو ربما مبانٍ إدارية. وهكذا، فإن تلك المراكز الاستيطانية الثلاثة المبكّرة تعتبر ذات أهمية مقارنة بالمراكز الاستيطانية المبكّرة الأخرى، ومع ذلك، لا يمكن لنا أن نعطي نتيجة نهائية حول أي من تلك المراكز كان الأكثر أهمية.

توسّع الاستيطان في باربار

في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، حدث توسع في الاستيطان في باربار، وظهر فيها مركزان استيطانيان، أحدهما في الجنوب والثاني في الشمال، وسنتناول التفاصيل في الحلقات المقبلة. يتبع.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:20 ص

      بعد في سنة من السنوات ...... جه يزور معبد باربار وسرق تحفة من المعبد ههههههههههه
      حادثة لا تنسى

    • زائر 2 | 11:01 م

      لماذا يتم الاعتماد على الخزف السامرائي في تقدير وجود المراكز الاستيطانية فقط،،،، و إغفال المقابر التي ضمت الكثير من الاسماء اللامعة في سماء الفكر و الحضارة ،،،، و من تللك المناطق التي لم تتعرض لها الدراسة،،،، عسكر ،،،،،الماحوز،،،،،النبيه صالح،،،،،سترة،،،،دمستان،،،،،

    • زائر 1 | 10:06 م

      الآن نحن في حقبة الاستيطان السياسي أو ما يعرف بالتجنيس السياسي...ثروات البلد تصرف على هؤلاء من دون وجه حق..التاريخ لا يرحم وكل من تسبب في ضياع هوية البلد سيلاقي جزاءه عاجلا أم آجلا..

اقرأ ايضاً