العدد 42 - الخميس 17 أكتوبر 2002م الموافق 10 شعبان 1423هـ

ليس هناك من «قرضاي» في العراق... والحل: أميركا ستدير العراق وتتحكم في نفطه

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

تتصاعد في الولايات المتحدة والغرب الحملات ضد تهديدات الرئيس الاميركي جورج بوش بتوجيه ضربة إلى العراق. لا سيما بعد أن حصل الرئيس الاميركي على الضوء الاخضر من الكونغرس للجوء إلى القوة، الأمر الذي توقع له المراقبون أن يعزز موقف واشنطن في الأمم المتحدة في اختبار القوة الأميركية مع باريس وموسكو وبكين. ومع ما أثاره تقرير «نيويورك تايمز» الذي يفيد بأن القوات الاميركية ستتولى السلطة مباشرة خشية الفوضى واندلاع اقتتال داخلي بين القوى العراقية المختلفة في ما يمكن تفسيره بفشل الخيار الأفغاني أي التوصل إلى «قرضاي عراقي» إذ نقلت الصحيفة الاميركية عن المسئولين قولهم انهم يريدون تجنب الفوضى والاقتتال اللذين سادا أفغانستان بعد سقوط حكومة طالبان.

استنتج الكاتبان الاميركيان اللذان نشرا التقرير الأميركي دفيد سانغر وايريك شميت، ان أميركا، هي من سيدير العراق، وبالتالي فهي من سيتحكم بالنفط العراقي. فيما رأت « واشنطن بوست» ان على البنتاغون ان يقرر ما إذا كان سيقلص عدد الضحايا العسكريين الأميركيين أو الضحايا العراقيين المدنيين لأنه لن يتمكن من التحكم بعدد القتلى عند الطرفين العراقي والأميركي على السواء.

وتحدثت « نيويورك تايمز» عن المخاوف من الحرب على العراق، إذ رأت انه بعد جلسات مجلس النواب ومجلس الشيوخ التي ناقشت شنّ الحرب على العراق، يتوجت على الرئيس الأميركي وأمّته ان ينظرا في أمر المخاطر المترتبة عن هذه الحرب. ولفتت إلى ان مسئولين أميركيين يرون انه سيكون من الصعب جدا التحكم بالأزمة مع العراق، مضيفين ان لا أحد يمكنه التنبؤ بما إذا كانت النتائج ستكون جيّدة. ورأت ان الفترة الحالية تثير القلق بما ان واشنطن، تزيد من ضغوطها على العراق، عله يتماشى مع الأوامر الأميركية بنزع السلاح.

ونقلت عن وكالة الاستخبارات المركزية، ان على الرئيس الأميركي وامّته أن ينظرا في أمر المخاطر المترتبة عن الحرب على العراق، فاذا اتضح لبغداد ان الهجوم الأميركي بات حتميا فإن قيودا كثيرة كانت أمام الرئيس صدام حسين ستختفي وسيقوم بأمور كان امتنع عن القيام بها مثل استهداف مدن اسرائيلية وحقول نفط سعودية وتجمعات توجد فيها قوات أميركية في الشرق الأوسط. وإذا وصل النزاع مع العراق، إلى نقطة لا بدّ من أن تستعمل فيها أميركا قواها العسكرية البرية، فإن المعركة ستكون خدّاعة. فصدّام، سيحاول أن يحصر المعارك على الأراضي العراقية اذ يمكن محو التفوق الأميركي الجوي وغيره من الامتيازات التكنولوجية التي تتمتع بها الولايات المتحدة.

ولم تنس الصحيفة الأميركية، إسداء النصيحة إذ على أميركا أن تنظر منذ الآن في كيفية إنشاء حكومة عراقية بعد انتهاء الحرب، لكن نيكولاس كريستوف في «نيويورك تايمز» أثار الوجه الآخر من المعركة، إذ تطرّق إلى نظرة المسئولين الاميركيين إلى صدام. حين رأى ان الرئيس بوش، ونائبه ديك تشيني، يصوران صدام، كشخص مؤذ ومخيف. حتى يمكن للبعض أن يعتقدوا ان بوش وتشيني، لا ينامان الليل منذ سنوات خوفا من صدام. ذكرّ كريستوف، بما قام به تشيني، العام 1999 عندما تدخّل فدفع شركة الخدمات النفطية (هاليبرتن) على بيع معظم تجهيزاتها للعراق. مستدركا بأن الأوضاع والعلاقات بين الدول تتغير بين فترة وأخرى. فالعراق، يشكل اليوم تهديدا كبيرا للحياة الأميركية فيما كان الأميركيون يعتبرونه منذ عدّة سنوات ديكتاتورا مثيرا للشفقة لا يستحق حتى عناء القيام بعمل تفجير. وتساءل كريستوف، عما تغيّر وكان جوابه ان العراق، لم يتغير لكن ما حصل هو ان حساسيّة الأميركيين قد ازدادت بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول.

تهديد الانظمة المعتدلة

وقال مارك دانر في «نيويورك تايمز» ان غزو العراق سيهدّد الأنظمة المعتدلة وسيفتح الطريق أمام وصول الارهاب إلى الشواطئ الاميركية. لافتا إلى ان ما ذكره نائب وزير الدفاع الاميركي بول وولفويتز بأن التدخل الاميركي سيجعل العراق أول دولة ديمقراطية عربية، مشيرا إلى مشروع طموح جدا بهدف إقامة نظام علماني، في بلد غني بالنفط يكون حليفا اساسيا للولايات المتحدة في الخليج العربي، مما يسمح بسحب القوات الاميركية من دول المنطقة.

وأضاف دانر: ان هذا المشروع هو رؤيا خيالية متكاملة، ولا علاقة لها البتة بالاحتواء ولعبة الأمر الواقع اللذين شكلا جوهر الاستراتيجية الأميركية الأكثر من 50 عاما. انها تعني اعادة صناعة العالم. ولا مثيل لها في السياسة الخارجية الاميركية منذ سحب السجادة تحت أقدام الجنرال الطموح دو غلاس مكارثر وحلفائه في الحزب الجمهوري قبل نصف قرن.

وتابع دانر: قبل 11 سبتمبر كان الاصوليون الراديكاليون في وضع ضعيف بعد تعثر مشروعهم، فوجهوا مواهبهم نحو الولايات المتحدة النائية وذلك بعد هزيمتهم في الساحات الأولى في الجزائر ومصر والسعودية. ولكن الغزو الاميركي للعراق واحتلاله واستخدامه كقاعدة لاعادة صنع المنطقة، يهدد بتجديد الحياة في المشروع السياسي الذي يجسده بن لادن وستكون الأنظمة المعتدلة مهددة، وسوف ترد بقسوة، مما يبعدها عن الديمقراطية بدلا من الاقتراب منها، وأخيرا سيزور الارهاب الشواطئ الأميركية مجددا. وانتهى دانر، إلى ان بغداد ليست مقاديشو. ولا يكفي، كما حصل بعد ضرب ثكنة المارينز في بيروت العام 1983، بالابحار وغزو غرانادا. ان مخاطر التدخل الفاشل في العراق أكثر خطورة، اضعاف الانظمة الصديقة للولايات المتحدة، توسيع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، واجتذاب الارهاب إلى الشواطئ الاميركية.

لكن « واشنطن تايمز» تطرقت في افتتاحيتها إلى الجانب الأخلاقي من المعركة وإذ أوردت عدة سيناريوهات حول الحرب، رأت انه يبدو ان ما على البنتاغون بحثه إذا هو ما إذا كان سيقلص عدد الضحايا العسكريين الأميركيين أو الضحايا العراقيين المدنيين لأنه لن يتمكن من التحكم بعدد القتلى عند الطرفين العراقي والأميركي على السواء. ففي هذه الحرب ثمة أمرين سيتعارضان وهما محاولة تقليص عدد الخسائر الاميركية قدر الامكان، وتخفيف عدد الضحايا المدنية والأضرار المادية عند العدو العراقي. وهذان الأمران لا علاقة لهما بالجانب العسكري من المعركة فهما يعكسان بعض القيم الانسانية في الولايات المتحدة وغيرها من الأماكن المتحضرة في العالم. واستدركت قائلة ان التعبير عن رغبة البيت الأبيض والبنتاغون، في التقليص من عدد الخسائر المدنية والعسكرية ناجمة عن تفكير استراتيجي وليس عن تقدير للقيم الأخلاقية فقط. ونقلت عن مصادر مطلعة لم تحدد هويتها، ان البنتاغون يفكرحاليا في الاستراتيجية المناسبة للتعاطي مع الرئيس العراقي صدام حسين، الذي يخضرّ 80 ألف جندي يعتبرون من أفضل قواته. وفي ضوء معلومات الصحيفة الأميركية فإن ثمة استراتيجيتين للحصار أساسيتين قد تعتمدها أميركا: الأولى تقضي بتجويع المدينة وقصفها إلى أن تستسلم وستكون النتيجة تقليص عدد القتلى الأميركيين وازدياد القتلى العراقيين. أما الاستراتيجية الثانية فهي الدخول إلى المدينة والبحث عن قوات العدو لإخراجها. وأضافت الصحيفة الأميركية، ان المعلقين في وسائل الاعلام كانوا يدعون إلى قيام عراك من بيت إلى آخر. لكن هذا العراك سيرفع من عدد الضحايا الأميركيين ويقلل من الضحايا المدنية العراقية.

رأت «واشنطن بوست» ان على البنتاغون بحث ما كان سيقرر تقليص عدد الضحايا العسكريين الاميركيين أو الضحايا العراقيين المدنيين لأنه لن يتمكن من التحكم بعدد القتلى عند الطرفين العراقي والأميركي أو على السواء لكن توماس فريدمان في« نيويورك تايمز» حدّد للرئيس الأميركي جورج بوش، طريق التعاطي بنجاح مع المسألة العراقية، و«التكتيك» الاسلم ليخوص بوش حربه بنجاح، إذ على الرئيس الاميركي ان يكون شديد الحماس، وعنيفا ولكن ليس مجنونا أو متهورا ويجب أن لا ينحو الرئيس الأميركي نحو الجنون ويخوض حربا أحادية ضدّ العراق. لأن هذا الأمر سيجبر الولايات المتحدة على ان تتحمل وحدها مسئولية إعادة اعمار العراق. وقد يكون مفيدا ان نبدو عنيفين لحث الحلفاء على الانضمام إلينا... لكن إذا لم يفعلوا ذلك فعلينا ألا نتحول من العنف إلى التهور وأن نغزو العراق بمفردنا ذلك انهم في الشرق الأوسط يجيدون التهور أكثر منا.

صفقة فرنسية - أميركية

ولا بد من الاشارة إلى ما كشف عنه برونوين مادوكس في موقع تايمز أون لاين (اميركي)، الذي عالج موضوع العلاقة الاميركية الفرنسية في الوقت الحالي. ورأى ان هذه العلاقة ليست سيئة على الاطلاق. ففي هذا الأسبوع، تقربت الحكومة الفرنسية من الموقف الأميركي تجاه العراق وعلى رغم ان ما جمع بين فرنسا وأميركا، في القرون الماضية كان العداء والكراهية إلا انه يبدو ان الامور تتحسن بين الطرفين. وتابع ان معارضة فرنسا، للهجوم الأميركي على العراق، كان يشكل عائقا كبيرا في وجه الرئيس الاميركي، إلا انه يبدو ان ثمة صفقة ستتم بين الطرفين الفرنسي والأميركي.

ولم تغب العلاقات الكويتية الأميركية في ظل التحضيرات للحرب على العراق، حصوصا بعد العملية التي وقعت يوم الثلثاء الماضي في جزيرة فيلكا وأدت إلى مقتل جندي من قوات مشاة البحرية الأميركية وإصابة آخر ومقتل منفذي العملية الكويتيين فقد أثار كريغ سميث في «نيويورك تايمز» ما اسماه أزمة العلاقات الكويتية الأميركية، مستغربا ان يكون في الكويت هذا الشعور المعادي لأميركا. وإذ لفت إلى انه عندما سئل رئيس قسم الاعلام في الوزارة الكويتية للشئون الاسلامية محمد المليفي، عما إذا كان يؤيد الاعتداءات الارهابية على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر كان جوابه ايجابا. فقد قال المليفي، ان عددا كبيرا من الكويتيين سرّ عندما سمع بما جرى في نيويورك. وتابع سميث، ان المليفي، رأى انه من الجيد ان تحسّ أميركا، ولو لمرة واحدة ما يحسه المسلمون منذ فترة طويلة. واستغرب سميث، ان يكون في الكويت، هذا الشعور المعادي لأميركا، فهو يرى على الكويت أن تكون شاكرة للأميركيين الذين كانوا إلى جانبهما عندما شنّ الرئيس العراقي هجومه ضدّهما العام 1991. وتابع سميث، انه على رغم ان الكويتيين ما زالوا يتذكرون ان أميركا، وقفت إلى جانبهم إلا انهم يريدون من القوات الاميركية ان تغادر المنطقة. وأضاف ان قلة من الكويتيين يؤيدون الهجوم الأميركي على العراق، حتى، وإن استعمل الأميركيون الكويت كمركز لهم أثناء هذا الهجوم

العدد 42 - الخميس 17 أكتوبر 2002م الموافق 10 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً