العدد 42 - الخميس 17 أكتوبر 2002م الموافق 10 شعبان 1423هـ

تضارب الأدوار بين الجمعيات الحقوقية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مع ازدياد عدد الجمعيات الأهلية فإنه من المتوقع ان يحدث بعض التضارب في الادوار، ولعل أوضح مثال على ذلك استعداد جمعية حقوق الإنسان البحرينية لمراقبة الانتخابات. فالجمعية لها أهداف تقترب من هذا الدور إلا ان اولويتها ليست مراقبة الانتخابات، وعمل مثل هذا يناط بجمعيات اخرى، كجمعية الشفافية. ذلك ان «الشفافية» اساسا هدفها مراقبة العمليات الانتخابية والاداء الحكومي، وهي كانت قد نظمت مع جمعيات أخرى من خارج البحرين برامج عن مراقبة الانتخابات.

أما جمعية حقوق الإنسان فإن دورها الاساسي هو الدفاع عن حقوق المواطنين المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتأكد من ان الحكومة تلتزم بالاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. ومن أجل ذلك فانها مطالبة بتقصي الحقائق عن اي قضية تتعلق بتجاوز لحقوق الانسان. ولكي تستمر في ممارسة هذا الدور فإن المواطن يود ان يرى بعض الآثار الايجابية لما تقوم به جمعية حقوق الإنسان. والواقع هو ان كثيرا من الناس بدأوا يتوجهون إلى غير الجمعية لشرح قضاياهم طلبا للمساندة، لأن الجمعية لم تتمكن بعد من القيام بدورها، على رغم انها كانت الرائدة في عصر الانفتاح. فلقد انشغلت الجمعية في خلافات داخلية لأكثر من عام وكادت تلك الخلافات ان تقضي عليها، ونتج عن ذلك الخلاف انفصال عدد من أفراد الجمعية، وتأسس بعد ذلك مركز البحرين لحقوق الإنسان باهداف مشابهة لجمعية حقوق الإنسان.

لقد شهد العالم تحولا في اشراك المواطن العادي في الحياة العامة، وتسلمت جمعيات حقوق الإنسان دورا عاليا كاد ان يوازي دور الحكومات على المستوى الدولي. ومنذ العام 1993 عندما انعقد المؤتمر العالمي لحقوق الانسان في فينا أصبح دور الجمعيات الحقوقية معترفا به على مستوى الأمم المتحدة ولم تصدر الأمم المتحدة تشريعا دوليا في مجال حقوق الإنسان الا وسبقته مناقشات وحوارات مع الجمعيات الأهلية التي دخلت في الأمم المتحدة بصفة استشارية. ولم يحدث في تاريخ الأمم المتحدة أو العمل الدولي أن تنشط آلاف الجمعيات الأهلية لتطرح وجهات نظرها وتؤثر في القرارات التي ستتخذها الحكومات اثناء الاجتماعات الرسمية والدولية للأمم المتحدة. هذا الدور العالمي الكبير الذي بدأت تلعبه الجمعيات الحقوقية يكون بدايته دورا حقيقيا وفعالا على مستوى الوطن.

ولعل مراقبة العملية الانتخابية تكون واحدة من المهمات التي تستفيد منها جمعية حقوق الانسان لاستعادة نشاطها واعادة بناء علاقات مع الجمعيات الاخرى المشابهة، لا سيما جمعية الشفافية ومركز البحرين لحقوق الانسان، فالتنافس امر جيد ويخدم المصلحة العامة، ولكن التعاون في مجالات كبرى مثل مراقبة الانتخابات يخدم الجمعية قبل غيرها.

ان جمعية حقوق الإنسان امامها ادوار مهمة يلزمها الاضطلاع بها للرد على اتهامات الآخرين بأنها تحولت إلى ديكور أو إلى مؤسسة تصدر تصريحات في المناسبات. فمصلحتنا جميعا تتمثل في تفعيل دور الجمعية كما كانت في بداية عهدها، ومن مصلحتنا ان نرى هذا الدور يمارس باسلوب ديمقراطي معتمد على الاجتماع العام للاعضاء الناشطين.

اننا من المساندين لجمعية حقوق الانسان والجمعيات الحقوقية الاخرى، ولكن الاهم من ذلك هو مساندة المواطنين. ومساندة المواطنين لا تأتي إلا بعد ان يثبت لهم ان التصريحات والانشطة ينتج عنها تحسين مباشر لظروفهم ومشكلاتهم الحقوقية. ومن اجل ان تتحسن ظروف المواطن فإن الجمعيات الحقوقية جميعها بحاجة إلى الانتقال من حال المبادرات الفردية لاعضائها إلى حال العمل المؤسسي القائم على اجراءات مدروسة وممنهجة على أسس ادارية معتبرة بحيث تتمكن الجمعيات من توفير خدمات حقوق الانسان للمواطنين. وما لم تستطع الجمعيات اثبات قدراتها على ارض الواقع فقد نرى مزيدا من الجمعيات المتشابهة الاهداف تتأسس وتناقش فيما بينها ولكن من دون ان ينتج عن ذلك تحسين للاداء أو الخدمات المقدمة للمواطن العادي

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 42 - الخميس 17 أكتوبر 2002م الموافق 10 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً