يعين البرلمان الفنزويلي اليوم الخميس (5 يناير / كانون الثاني 2017) رئيسا جديدا له، فيما تكشف المعارضة من وسط اليمين بهذه المناسبة عن خارطة طريق جديدة لتحقيق هدفها الرئيسي وهو التوصل الى رحيل الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو المبكر من السلطة.
ويأتي هذا التبدل غداة تعديل وزاري مفاجئ، مع تعيين الرئيس نائبا جديدا له هو حاكم ولاية أراغوا (وسط) طارق العيسمي (42 عاما) الذي سيخلف مادورو في حال إقالته.
وبعد عام على فوزها التاريخي في الانتخابات التشريعية التي وضعت حدا لـ17 عاما من هيمنة التيار التشافي (نسبة الى الرئيس الراحل هوغو تشافيز 1999-2013)، يجد ائتلاف "طاولة الوحدة الديموقراطية" صعوبة في تثبيت موقعه.
وأوضح رئيس مكتب "داتاناليسيس" للدراسات لويس فيسنتي ليون لوكالة فرانس برس "إنه في وضع صعب على مستويين: فهو من جهة يكافح ضد قوة تمسك بالسلطة الاقتصادية والعسكرية والسياسية، ومن جهة أخرى يقوم بذلك وسط انقسامات، بدون تنظيم متين وفي ظل صراعات داخلية لا يمكن تسويتها".
ومن المتوقع أن يسلم رئيس البرلمان هنري راموس آلوب مهامه إلى خوليو بورخيس الذي سيلقي خطابا يعيد تحديد استراتيجية معسكره، وهو مصمم على التوصل الى إقالة الرئيس عام 2017، بعدما عجزت المعارضة عن تحقيق ذلك عام 2016.
كما سيدعو إلى تصعيد الضغط الشعبي مع تنظيم تظاهرات، في وقت بات الاستياء في أعلى مستوياته بين الفنزويليين الذين يرفض 78,5% منهم إدارة الحكومة للبلاد، وفق مكتب "داتاناليسيس".
ويشهد هذا البلد من أميركا اللاتينية أزمة اقتصادية حادة على خلفية هبوط اسعار النفط، مورده الرئيسي، مما ادى الى ارتفاع التضخم وأفرغ رفوف المتاجر والصيدليات.
غير أن هذا الاستياء الشعبي المعمم لن يصب في صالح ائتلاف "طاولة الوحدة الديموقراطية" الذي تراجع التأييد له من 45 الى 38% خلال الشهرين الماضيين، بحسب مكتب كيلر للدراسات، اذ سئم الفنزويليون خلافاته الداخلية وفشله.
وأقر السكرتير التنفيذي للائتلاف والمتحدث باسمه خيسوس توريالبا الذي قد يتم تبديله الخميس بأن المواطنين كانت لديهم "تطلعات كبرى لم تتحقق. والمعارضة افتقرت الى استراتيجية (للسيطرة على) السلطة".
- حوار موضع انتقادات - تفاقمت الانقسامات داخل هذا الائتلاف الموسع الذي يضم قوى تتراوح من الوسط الى اليمين المتشدد، بعدما علقت السلطات الانتخابية في تشرين الأول/أكتوبر الآلية التي كان يفترض أن تقود إلى استفتاء لإقالة مادورو.
وبالرغم من هذه الهزيمة الكبرى، باشرت المعارضة بعد عشرة أيام على ذلك حوارا مع الحكومة برعاية الفاتيكان، في مسعى رفضه عدد من أنصارها ونصف أحزاب الائتلاف الثلاثين.
وقال لويس فيسنتي ليون "ليست هذه انقسامات سطحية. هناك داخل طاولة الحوار الديموقراطي خلافات بنيوية بين المعتدلين والمتطرفين حول الطريق الواجب اعتماده لتسوية مشكلة مادورو ونزاعات المصالح بين قادته".
وفي مواجهة هذه الانتقادات، قام الائتلاف المعارض في كانون الأول/ديسمبر بتجميد الحوار، آخذا على الحكومة عدم اطلاق سراح معارضين وعدم تحديد جدول زمني لانتخابات تشمل الاستفتاء على اقالة الرئيس أو انتخابات مبكرة تجري قبل الاستحقاق العادي في 2018.
لكن مع اطلاق سراح سبعة معارضين عشية رأس السنة، بينهم المرشح السابق للرئاسة مانويل روزاليس، فقد تلين المعارضة موقفها وتقبل بالمشاركة في اللقاء المقبل الذي حددت السلطة التنفيذية موعده في 13 كانون الثاني/يناير.
ووعد مادورو "نحن من جانبنا سنكون هنا"، وهو يسيطر على جميع مفاصل السلطة في فنزويلا باستثناء البرلمان، مستندا بصورة خاصة الى دعم الجيش له.
ورأى الخبير السياسي ريكاردو سوكر أن "جوهر مشكلة الحوار هو الريبة، لذلك هو متعثر".
فإن كانت السلطات أطلقت سراح 17 معارضا منذ بدء المفاوضات، إلا أن الائتلاف المعارض يؤكد أن مئة آخرين ما زالوا معتقلين، بينهم اثنان من أبرز شخصياته هما مؤسس حزب الارادة الشعبية ليوبولدو لوبيز، ورئيس بلدية كراكاس انطونيو ليديزما.
وليس هناك ما يوحي بأن الطرفين بصدد تسوية خلافاتهما، وقد دعا مانويل روزاليس الى عقد "اتفاقات الحد الادنى" مع الحكومة، فيما يرى هنري راموس آلوب "من غير المجدي" إجراء حوار "مع ديكتاتورية".