بين الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تُؤثِّر في معيشتنا، وويلات العنف والنزوح القسري التي تصدَّرت العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام، قد يكون المرء معذورا إن أحْسَّ بالاكتئاب والغم بشأن عام 2016 ، بحسب ما نقل موقع "البنك الدولي" الخميس (22 ديسمبر / كانون الأول 2016).
ونظرة إلى البيانات تكشِف عن بعض التحديات التي نواجهها، ولكن أيضا عما تحقَّق من تقدُّم نحو مستقبل يعمه السلام والازدهار ولا يُعرِّض للخطر قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. وفيما يلي 12 شكلا بيانيا تروي أهم أحداث العام.
1. زيادة عدد اللاجئين في العالم
في بداية عام 2016، نزح 65 مليون شخص – وهو رقم قياسي لم يسبقه مثيل - عن ديارهم قسرا، وتم تصنيف ما يربو على 21 مليونا كلاجئين. وخارج أفريقيا جنوب الصحراء، يعيش معظم اللاجئين في مدن وبلدات، ينشدون فيها الأمن وإخفاء هويتهم وسبل الحصول على الخدمات وفرص العمل والتوظيف. يُلقِي تقرير بعنوان "المشرَّدون قسرا" نظرةً جديدة على أزمة اللاجئين في العالم وكيف يمكن للأطراف الفاعلة في مجالات العمل الإنساني والتنمية العمل معا لمساندة الأفراد والبلدان الذين تأثَّروا بهذه الأزمة. ومن بين المبادرات لهذه الغاية المساعدات المالية الجديدة المقدمة لبلدان مثل لبنان والأردن اللذين يستضيفان أعدادا كبيرة من اللاجئين.
2. الاتفاقية العالمية بشأن تغيُّر المناخ دخلت حيز النفاذ
صادق 117 بلدا على الاتفاقية المناخية التي تم التوصُّل إليها في مفاوضات باريس في عام 2015 وذلك من بين 194 بلدا وقَّعت عليها، وهو ما يعني التزامات جديدة بمكافحة الاحترار العالمي. وأحد الأهداف الرئيسية للاتفاقية هو التشجيع على التحوُّل نحو مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية. ويشهد الطلب على الطاقة المتجدِّدة ازديادا في البلدان النامية مع تراجع أسعارها. وفي مايو/أيار، شهدت أفريقيا أقل عطاءات الطاقة الشمسية سعرا حتى الآن، حينما جاء العرض الفائز لتطوير محطات كبيرة للطاقة الشمسية الفولت ضوئية في زامبيا بسعر ستة سنتات للكيلووات/ساعة على مدى 20 عاما، وهو ما يعني متوسط السعر بالقيمة الحقيقية 4.7 سنت للكيلو وات/ساعة. وجاء هذا في أعقاب عروض هبط فيها السعر إلى ثلاثة سنتات في الإمارات العربية المتحدة و4.5 سنت في المكسيك. وأصبحت الطاقة المتجدِّدة الآن قادرة على المنافسة من حيث التكلفة في الكثير من الأسواق، ويُنظَر إليها باطراد على أنها من المصادر الرئيسية للطاقة وفقا لتقديرات الشبكة العالمية لسياسات الطاقة المتجددة.
3. عدد من يمتلكون هواتف محمولة أكبر ممن تتوفر لهم الكهرباء أو المياه
حدثت طفرة في إمكانية اقتناء هاتف محمول في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، لكن الكثير من المنافع الأخرى للثورة الرقمية –مثل زيادة الإنتاجية، وزيادة الفرص المتاحة للفقراء والطبقة المتوسطة، وزيادة خضوع الحكومات والشركات للمساءلة- لم تنتشر بعد بالقدر والنطاق اللذين كانا متوقعين، وفقاً لما أوردته مطبوعة البنك الدولي المعنونة تقرير عن التنمية في العالم 2016: "العوائد الرقمية" والخاصة بالإنترنت. ويقول التقرير إنه يجب بذل مزيد من الجهود لربط مزيد من الناس بشبكة الإنترنت، وخلق بيئة تُطلِق العنان لمنافع التقنيات الرقمية للجميع.
4. أعمار ثلث كل البشر تقل عن 20 عاماً
تقل أعمار زهاء 50% من السكان عن 20 عاما في نحو 40 بلدا أفريقيا. وعلى النقيض، فإن هذه النسبة تقل عن 20% من السكان في 30 بلدا من البلدان الأكثر ثراء. وكما لاحظت تقارير الرصد العالمية 2015/2016، فإن العالم على شفا تحوُّل ديموغرافي كبير سيُؤثِّر في البلدان في مختلف أطياف التنمية بدرجات متفاوتة.
5. 600 مليون وظيفة مطلوبة خلال السنوات العشر القادمة
هناك ثلث شباب العالم البالغ عددهم 1.8 مليار حاليا إمَّا لديهم وظائف أو في دائرة التعليم أو يتلقون تدريبا. ومن بين مليار شاب آخرين سيدخلون سوق العمل خلال العشرة أعوام القادمة، من المتوقع أن يتمكَّن 40% منهم فحسب من الحصول على وظائف موجودة في الوقت الحالي. ومستقبل العمل آخذ في التغيُّر، وسيحتاج الاقتصاد العالمي إلى إيجاد 600 مليون وظيفة خلال السنوات العشر القادمة لمجاراة المعدلات المتوقعة لتوظيف الشباب.
6. شخص واحد من كل ثلاثة أشخاص لا تتوفر لديهم مراحيض
تذهب تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك 2.4 مليار نسمة ما زالوا محرومين من خدمات الصرف الصحي المُحسَّن، وأن قرابة مليار منهم يتغوَّطون في العراء. ويمثل توفير خدمات جيدة للصرف الصحي دعامة أساسية للتنمية، وقد تؤدِّي أحوال مثل تفشِّي الإسهال الذي يصاحب سوء خدمات الصرف الصحي إذا تُرِكت دون معالجة إلى سوء التغذية والتقزُّم بين الأطفال. وقد جمع الفريق رفيع المستوى المعني بالمياه، وهو الأول من نوعه، هذا العام زعماء العالم في لقاء محوره التزام أساسي بالعمل من أجل توفير واستدامة إدارة خدمات المياه والصرف الصحي للجميع.
7. يعيش معظم الفقراء فقراً مدقعاً في العالم في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا
كان هناك أكثر من واحد من كل 10 أشخاص يعيشون في فقر مدقع على مستوى العالم في عام 2013ـ لكن في أفريقيا جنوب الصحراء كان ذلك الرقم أربعة من كل عشرة، أو ما يعني 389 مليون شخص – أي أن عدد الفقراء أكبر من نظيره في كل المناطق الأخرى مجتمعة، وذلك وفقا لما أظهره تقرير البنك الدولي الصادر بعنوان الفقر والرخاء المشترك.
... لكن الفقر المدقع ينحسر في أنحاء العالم
ومع أن أعداد الفقراء فقرا مدقعا مازالت كبيرة بدرجة غير مقبولة، فإن بيانات في التقرير تكشف عن التقدُّم الهائل الذي حقَّقه العالم في انتشال الناس من براثن الفقر منذ عام 1990.
8. ثلثا سكان العالم سيعيشون في مدن بحلول عام 2030
يزيد سكان كل من أكبر 12 مدينة في العالم على 15 مليون نسمة، وخلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، زادت أعداد سكان مدن مثل دلهي وشنغهاي وبكين ثلاثة أضعاف. واليوم، فإن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في مدن، وتساهم تلك المدن بأكثر من 80% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. غير أن ارتفاع كثافة السكان، والوظائف، والموجودات التي تُشكِّل عوامل نجاح المدن، يجعلها أيضا عرضة لمجموعة واسعة من الصدمات والأزمات الطبيعية والناجمة عن الأنشطة البشرية والتي تُؤثِّر باطراد عليهم اليوم. ويناقش تقرير بعنوان "الاستثمار في قدرة المدن على مجابهة الصدمات" كيف يُمكِن للمدن اتخاذ إجراءات لبناء القدرة على مجابهة الأزمات، وحماية مكاسب التنمية التي تحقَّقت بشق الأنفس، وخلق مستقبل أكثر أمنا وازدهارا.
9. عدد قياسي كبير من البلدان تنفذ إصلاحات في مجال ممارسة أنشطة الأعمال
وجد تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2017 أن 137 بلدا في أنحاء العالم نفَّذت 283 إصلاحا قانونيا وتنظيميا في مجال ممارسة أنشطة الأعمال العام الماضي. وهو ما يزيد أكثر من 20% عما كان عليه الحال في العام السابق. وتشتمل مجالات الإصلاح على بدء النشاط التجاري وتأسيس الشركات، ودفع الضرائب، والحصول على الائتمان، وتسجيل الملكية. وجديرٌ بالملاحظة، أن 54 بلدا من أفقر بلدان العالم نفَّذت 113 إصلاحا وحلَّت نيوزيلندا في المركز الأول في مجال سهولة ممارسة أنشطة الأعمال بين 190 بلدا.
10. زيادة معدلات تدخين التبغ في أكثر من 20 بلدا
ارتفعت معدلات التدخين بين عامي 2000 و2015 في عدد من البلدان معظمها منخفضة ومتوسطة الدخل. ففي إندونيسيا، على سبيل المثال، قفز المعدل ما يقرب من 30% خلال تلك الفترة، وأصبح بهذا البلد أكثر من 70 مليون مُدخِّن. ويقتل استخدام منتجات التبغ ستة ملايين شخص سنويا – أو شخصا كل ست ثوان. وإذا استمر هذا الوضع دون معالجة، فإن العدد قد يزداد إلى ثمانية ملايين سنويا بحلول عام 2030.
11. تراجع نمو التجارة العالمية
في عام 2016، سجَّل نمو التجارة العالمية أضعف أداء له منذ الأزمة المالية العالمية. فقد كانت أحجام التبادل التجاري راكدة معظم العام، وكان لضعف الاستثمارات العالمية دور مهم في ذلك، إذ بلغ نصيب السلع الرأسمالية نحو ثلث التجارة العالمية في السلع. وكانت التجارة مُحرِّكا رئيسيا لنمو الاقتصاد العالمي، وقد ساعدت على انخفاض معدلات الفقر في العالم بمقدار النصف منذ عام 1990. وقد تكون لتباطؤ التجارة تداعيات وآثار على النمو والتنموية وجهود مكافحة الفقر.
12. مستوى قياسي من المساندة لأفقر بلدان العالم
تعهَّدت البلدان المانحة بتقديم 75 مليار دولار للمؤسسة الدولية للتنمية أحد أعضاء مجموعة البنك الدولي، وهي من أكبر مصادر المساعدة لأفقر بلدان العالم. وكان هذا أكبر مبلغ يتعهد المانحون بتقديمه في تاريخها الذي يمتد عبر 56 عاما. وعلى مدى الخمسة والعشرين عاما الماضية، شهدت البلدان التي تلقت مساعدة من المؤسسة الدولية للتنمية تقدما على العديد من الجبهات. وشملت هذه المنجزات زيادة إمكانية الحصول على خدمات المياه النظيفة، والصرف الصحي، وتحسينات في معدلات إتمام مراحل التعليم، وارتفاع معدلات تطعيم الأطفال، وزيادة معدلات استخدام الهاتف المحمول.