انعقد الكونغرس الأميركي الجديد أمس الثلثاء (3 يناير/ كانون الثاني 2017) بعد أن تعزز موقف الجمهوريين بفضل رئاسة دونالد ترامب المقبلة ووسط حماستهم لتنفيذ أجندتهم المحافظة الطموحة التي تشتمل على خفض الضرائب وإلغاء قانون باراك أوباما بشأن الرعاية الصحية.
ومع بقاء مجلسي النواب والشيوخ تحت السيطرة الكاملة للديمقراطيين، فإن أمام قيادة الحزب أقل من ثلاثة أسابيع قبل أن يتولى الرئيس المنتخب ترامب قيادة البلاد ليصبح الجمهوريون هم المتحكمون في الكونغرس بمجلسيه والبيت الأبيض لأول مرة منذ 2007.
و«الثلثاء» أدى سبعة من أعضاء مجلس الشيوخ (100 مقعد) اليمين الدستورية أمام نائب الرئيس جو بايدن.
كما سيؤدي نحو 52 عضواً جديداً في مجلس النواب اليمين الدستورية، وأعاد المجلس انتخاب بول راين رئيساً له، والذي سيتولى الإشراف على الجهود لفرض التغييرات الجمهورية على القوانين الحالية وتوجيهها.
وسيزيل التغيير في الرئاسة العقبة الكبيرة المتمثلة في البيت الأبيض والتي كانت تعيق تحرك الجمهوريين في الكونغرس.
إلا أن الجمهوريين اتخذوا خطوة جريئة حتى قبل انعقاد الكونغرس الجديد إذ تحركوا ليل الإثنين الثلثاء وبدون مشاركة الديمقراطيين، لعرقلة عمل مكتب جديد للأخلاق للتحقيق في مزاعم فساد تستهدف أعضاء من الكونغرس.
وواجهت هذه الخطوة انتقادات شديدة من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين وقالوا إنها تقوض الشفافية. وتأتي في إطار مجموعة قوانين يصوت عليها مجلس النواب خلال جلسة «الثلثاء».
ويبدو أن هذه الخطوة وضعت الكونغرس على خط المواجهة مع ترامب الذي وبخ الأعضاء بسبب استراتيجيتهم في اليوم الأول.
وقال ترامب في تغريدة أمس (الثلثاء) «مع كل العمل المترتب على الكونغرس، هل كانوا فعلاً مضطرين إلى إضعاف لجنة الأخلاقيات المستقلة مهما كانت درجة عدم إنصافها، وجعل ذلك خطوتهم الأولى وأولويتهم؟».
وأضاف ترامب «ركزوا على إصلاح الضرائب، والرعاية الصحية وعلى أشياء أخرى عديدة أهم من ذلك بكثير».
وعقب ذلك أعلن الجمهوريون تراجعهم عن تغيير القوانين في شأن مكتب الأخلاق.
وأعلن مسئول بارز في الحزب الجمهوري لوكالة «فرانس برس» أنه «تم التراجع عن تعديل مجموعة القوانين بتوافق جماعي».
وصرح زعيم الغالبية في مجلس النواب، كيفن ماكارثي لشبكة «إم إس إن بي سي» أن أحد الأهداف المبكرة للكونغرس الجديد سيكون التخلص من «قانون الرعاية المنخفضة الكلفة» الذي يعد من إنجازات أوباما الداخلية رغم ما أثاره من جدل وساعد نحو 20 مليون شخص في الحصول على التأمين الصحي.
وتثير هذه المسألة نقاشاً محتدماً في واشنطن. وسيزور أوباما مبنى الكونغرس ايوم (الأربعاء) للتشاور مع الديمقراطيين بشأن كيفية الدفاع عن قانون الرعاية الصحية في وجه محاولات إلغائه، فيما من المقرر أن يلتقي نائب الرئيس المنتخب، مايك بنس نواباً جمهوريين في اليوم نفسه لمناقشة «أوباماكير».
جلسات تأكيد التعيين
من بين المهام المبكرة التي تنتظر الكونغرس مصادقة مجلس الشيوخ على نحو 20 تعييناً على مستوى الحكومة لأشخاص اختارهم ترامب في إطار تشكيله لحكومته. ويتوقع أن تبدأ جلسات استماع مجلس الشيوخ في الأسابيع المقبلة.
ويتوقع أن تتم المصادقة على بعض من اختارهم ترامب بسلاسة وخصوصاً الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس الذي اختاره ترامب وزيراً للدفاع.
إلا أن الأقلية الديمقراطية تعهدت التصدي للعديد من المرشحين من بينهم الرئيس التنفيذي لشركة «أكسون موبيل» ريكس تيلرسون الذي اختاره ترامب وزيراً للخارجية، وبيتسي ديفوس الجمهورية الغنية التي اختارها ترامب لمنصب وزير التعليم.
في 2009 أكد مجلس الشيوخ بالإجماع تعيين سبعة من أعضاء إدارة أوباما الديمقراطية يوم تنصيبه. وهذا العام وفي مواجهة صعود ترامب المثير للجدل إلى السلطة، فإن المعارضة ستكون أصعب.
وإضافة إلى برنامج «أوباماكير» يسعى الجمهوريون منذ سنوات إلى التخلص من العديد من القوانين التي صدرت إبان عهد أوباما بما فيها القيود على الشركات وتلك المتعلقة بالبيئة، وإلى إطلاق هيكلية جديدة للضرائب.
ولدى كل من راين وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل مجموعة من القوانين الجاهزة لإقرارها وتطبيقها.
وصرح راين لشبكة «سي إن بي سي» في ديسمبر/ كانون الأول «لقد أمضينا العام 2016 بكامله نستعد لفرصة أن يتاح لنا الوصول إلى حكومة موحدة في 2017».
خلاف سياسي
أعرب ترامب عن دعمه لمعظم ما جاء في أجندة الجمهوريين في الكونغرس. إلا أن بين الطرفين خلافاً بشأن خطة استثمار تتعلق بالبنى التحتية بكلفة تريليون دولار وعد الرئيس المنتخب الناخبين بتنفيذها.
وخلال الأسابيع المقبلة ستطغى على الأجواء مسألة القرصنة الروسية التي استهدفت الحزب الديمقراطي ومساعداً بارزاً للمرشحة الديمقراطية الخاسرة هيلاري كلينتون خلال الحملة الانتخابية.
وفرض أوباما مجموعة عقوبات على روسيا بعد أن اتهمها بمحاولة التأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية.
إلا أن ترامب، وفي رأي مغاير لخبراء الاستخبارات الأميركيين، أعرب عن شكوكه في مسئولية موسكو عن عمليات القرصنة. وقال السبت إنه يعرف «اموراً لا يعرفها الآخرون» عن الهجمات الروسية المزعومة.
وقال من نادي مار الاغو الذي يملكه في فلوريدا «يمكن أن تكون هناك جهة أخرى» مضيفاً أنه قد يكشف تفاصيل «الثلثاء أو الأربعاء».
العدد 5233 - الثلثاء 03 يناير 2017م الموافق 05 ربيع الثاني 1438هـ