<p>حتى في رحلات المتابعة الطبية والعلاج المتعبة والشاقة خارج البلاد، في سنغافورة، في أيامها الأخيرة، كانت الصحافية ريم حسن راشد الجودر التي رحلت عن الدنيا في عقدها الرابع من العمر وذلك يوم السبت (31 ديسمبر/ كانون الأول 2016) ووري جثمانها الثرى امس الأحد  (1 يناير/ كانون الثاني 2017) في مقبرة المحرق، تتحدى الألم في رسائلها مع المقربين منها بالابتسامة، لكنها كانت تعبر لهم دائمًا عن حاجتها لتواصلهم ودفئهم الذي يبعث فيها القوة بدعواتهم لها بالشفاء</p>

آخر رسالة فيديو

قبل حوالي 3 أسابيع، عادت من رحلة العلاج، وعلى الرغم من النتائج التي لم تكن تبشر بالخير، تقبلت (ريم) قدرها بقوة إيمان ونفس راضية، ولعل الزميلة لبيبة فارس، كانت تعيش معها تلك اللحظات التي لم تكن فيها قادرة على كتم دموعها وألمها على إنسانة أحبتها كثيرًا «تلقيت خبر وفاتها وكان وقعه محزنًا جدًا بالنسبة لي... كان بيني وبينها آخر رسالة فيديو... رأيتها رغم آلامها كالملاك... كانت تبتسم كالملاك وغادرت الدنيا بفرح».

لوحة من المواساة

في الفترة الأخيرة قبل وفاتها، امتنعت المرحومة (ريم) عن إرسال صور لأحبتها، والسبب في ذلك أنها لم تكن ترغب في أن تحزنهم حين يرون حالها، ولم تكن تلك الرسائل الأخيرة بالنسبة لها إلا لوحة من المواساة والمساندة، فالزميل المصور عبدالرسول الحجيري الذي جمعته مع الراحلة الكثير من المهام الصحافية، والعلاقة الأخوية مع زوجها بدر، كان يشعر بالكثير من التفاؤل حين يتلقى منها بضع عبارات تشكره فيها على التواصل معها ومواساتها، وكم كانت أحاديث الذكريات في مسيرة العمل والمواقف والظروف التي عاشوها تسجل ذكريات لا يمكن أن تغادر الذاكرة عن إنسانة كانت تحب الجميع وتسمو بأخلاقها وتعاملها مع كل الناس.

سعة صدر رغم المشقة

ويعود الزميل سعيد محمد بالذاكرة إلى العام 1997، حين بدأت العمل كصحافية متدربة، كانت تتمتع بسعة صدر وطول بال وقدرات ذاتية من الصبر والتحمل والعمل في مختلف الظروف لكي تصقل تجربتها لحبها للكتابة وللصحافة. وللعلم، كانت تعشق كتابة الخواطر وتتميز بأسلوب جميل رشيق لكنها لم تواصل في هذا اللون من الكتابة بحسب علمي، وكانت تقضي ساعات طويلة في العمل حتى بعد أن تنجز مهامها، فكانت حريصة جدًا على أن تتعلم من الزملاء والزميلات ممن هم أكثر منها خبرة، ولهذا، كانت تنتقل من محرر إلى آخر لتعرض عليهم ما كتبته من تقارير وتأخذ رأيهم في الأخبار والتقارير والتحقيقات الصحافية، وتتلقى الملاحظات والإرشادات بصدر رحب ولا تتركها إلى اليوم التالي، بل تعيد كتابة الموضوع بالتعديلات في ذات اليوم، وكان قلة من المحررين آنذاك يستخدمون الطباعة الإلكترونية والأغلبية تكتب بخط اليد، ولهذا، فقد كانت مهمة شطب الموضوع وإعادة كتابته من جديد تعد عملًا شاقًا ولا ريب، وأتذكر جيدًا أن (شقيقتها شيماء) كانت بمثابة المساند والمشجع والداعم لها، وكانت شيماء تبقى لساعات تنتظرها حتى تنهي عملها رغم ارتباطها بالدراسة الجامعية.

هدايا وزهور ومشاعر

ومن أكثر الأفكار التي وجدها الزميل سعيد محمد ذات أولوية للراحلة وتمتاز بالإنسانية والإيثار، هي رغبتها في أن ترسم الفرح من خلال عملها الصحافي، يضيف «أتذكر أننا كنا ذات مرة نجهز أفكارًا للصفحات المحلية خلال فترة العيد، وقد طرحت الراحلة ريم فكرة زيارة المرضى، وخصوصًا الأطفال، وتقديم الهدايا والزهور لهم، وكانت فكرة جميلة جدًا بحيث تقدم لهم الهدايا وتهنئهم بالعيد ثم تكتب ما شاهدته في تلك الزيارة وما قاله المرضى وتنقل مشاعرهم وتهانيهم»، والنقطة اللافتة هي أن (ريم رحمها الله)، نفذت الفكرة! وليس ذلك فحسب، بل اشترت من حسابها الخاص الهدايا والزهور وزارت المرضى من مختلف الأعمار على مدى يومين، وكانت في غاية السعادة وهي تنقل بعد كل جولة كيف كان الأطفال والكبار يفرحون بالتهاني والهدايا ويعبرون عن تقديرهم وشكرهم لهذه المشاعر النبيلة... تلك المشاعر التي هي السمة الأكبر حين يتذكرون زميلة اسمها (ريم الجودر) رحلت عن هذه الدنيا.