داورت اشتباكات متقطعة على جبهات عدة في سورية أمس الأحد (1 يناير/ كانون الثاني2017)، ما يهدد هدنة هشة بدأ تطبيقها منتصف مساء الخميس الماضي بموجب اتفاق أعلنته روسيا، ونال دعما محدوداً من مجلس الامن الدولي.
ومع دخول وقف إطلاق النار برعاية روسية تركية يومه الثالث، لم تتوقف المعارك المتقطعة والقصف في بعض الجبهات على رغم تراجع حدتها، ما دفع الفصائل المعارضة إلى اتهام قوات النظام بانتهاك الهدنة والتلويح بإلغاء الاتفاق ما لم تتوقف الانتهاكات.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان أمس بأن «الهدوء لا يزال يسود على معظم المناطق السورية التي يسري فيها وقف إطلاق النار»، مشيراً في الوقت ذاته إلى «خروقات متفاوتة من حيث شدتها وكثافتها».
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس»: «انها خروقات حتى لو لم تهدد مباشرة بانهيار الهدنة». وتحدث المرصد عن «غارات نفذتها طائرات حربية سورية صباح الأحد على بلدة الاتارب في ريف حلب الغربي» وتسببت بسقوط جرحى، وذلك بعد ساعات من مقتل طفلين جراء قصف مدفعي لقوات النظام على بلدة كفر داعل في المنطقة ذاتها.
ويرتفع بذلك عدد القتلى منذ بدء تطبيق الاتفاق إلى 4 مدنيين و9 مقاتلين وفق المرصد.
ويأتي التوصل إلى اتفاق هدنة أعلنته روسيا الخميس ووافقت عليه قوات النظام والفصائل المعارضة، في ضوء التقارب الاخير بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق برعاية تركية، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات هدنة مماثلة تم التوصل إليها في فترات سابقة، لكنها لم تصمد.
واستمرت أمس الاشتباكات بين قوات النظام والفصائل المقاتلة وبينها «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) في منطقة وادي بردى قرب دمشق.
وافاد المرصد عن قصف وغارات لقوات النظام على المنطقة أمس، لافتاً إلى أن المعارك دفعت المئات من النساء والاطفال إلى النزوح أمس الأول (السبت) من المنطقة باتجاه ريف دمشق.
ومنذ أكثر من أسبوع، بدأت قوات النظام السوري هجوماً للسيطرة على منطقة وادي بردى التي تعد مصدراً رئيسياً لمياه دمشق. وخلال المعارك، تعرضت إحدى مضخات المياه لانفجار تبادل الطرفان الاتهامات بالمسئولية عنه، وفق المرصد السوري. وتشهد العاصمة منذ نحو 10 ايام انقطاعا تاما في خدمة المياه.
واتهمت الفصائل المعارضة الموقعة على الاتفاق في بيان أمس الأول قوات النظام بخرق الهدنة في وادي بردى، ملوحة بان استمرار هذه الانتهاكات «يجعل الاتفاق لاغيا». ودعت الطرف الروسي «كضامن للنظام وحلفائه إلى ان يتحمل مسئولياته».
كما افاد المرصد عن معارك في الغوطة الشرقية لدمشق أمس بين قوات النظام وفصائل موقعة على الاتفاق بينها «جيش الإسلام».
وردت الفصائل المقاتلة على الانتهاكات بإطلاق أكثر من 20 قذيفة على بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين لقوات النظام في محافظة إدلب (شمال غرب)، التي تعد المعقل الابرز للفصائل المقاتلة وبينها «جبهة فتح الشام» بعد خسارة المعارضة لمدينة حلب أخيراً.
ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار التنظيمات المصنفة «إرهابية»، وبشكل رئيسي تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)». كما يستثني، بحسب موسكو ودمشق «جبهة فتح الشام»، ما يجعل من الصعب جداً تثبيت الهدنة بسبب وجود هذه الجبهة ضمن تحالفات مع فصائل اخرى مقاتلة في مناطق عدة، لاسيما في إدلب.
دبلوماسياً، اصدر مجلس الامن الدولي السبت قرارا بالاجماع يدعم الخطة الروسية التركية لوقف اطلاق النار في سوريا والدخول في مفاوضات لحل النزاع المستمر منذ نحو 6 سنوات، من دون ان يصادق على تفاصيل الخطة.
لكن القرار اكتفى «بأخذ العلم» بالاتفاق الذي قدمه البلدان في 29 ديسمبر، مذكراً بضرورة تطبيق «كل قرارات» الامم المتحدة ذات الصلة بشأن سورية.
وتعليقا على مفاوضات السلام التي من المقرر ان تستضيفها استانا الشهر الحالي وفق موسكو، اعتبر مجلس الامن ان المفاوضات المرتقبة «هي مرحلة اساسية استعدادا لاستئناف المفاوضات (بين النظام والمعارضة) برعاية الامم المتحدة» في الثامن من فبراير/ شباط 2017 في جنيف.
واسف سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لعدم إبلاغهم بعض تفاصيل الاتفاق الروسي التركي مثل اللائحة الكاملة للمجموعات المسلحة المعنية بوقف إطلاق النار.
لكن نظيرهم الروسي فيتالي تشوركين اتهمهم بـ «تعقيد الامور والسعي إلى زرع الشكوك واستعادة شعارات من زمن آخر». واضاف «فلنعمل معاً... للتوصل في 2017 إلى تسوية سياسية للازمة في سورية».
العدد 5231 - الأحد 01 يناير 2017م الموافق 03 ربيع الثاني 1438هـ