ربما ان خير ما يمكن ان نقوله في مقال الأستاذ إبراهيم الدرازي المنشور في «الوسط» يوم الخميس 10 أكتوبر/تشرين الأول 2002 العدد (34) هو «كفى جمعية المعلمين كذبا وافتراء عليها» وربما - إذا ما اردنا اختيار عنوان فرعي له لقلنا «شر البلية ما يضحك».
شن الأستاذ المذكور هجوما شخصيا، وصفني خلاله بما لا يليق، وادعى عليّ ما ليس فيّ، ولكن ذلك سهل هين لا أعبأ به ولا اقيم له وزنا لو ان ضرره يختص بي ولا يتعداني إلى التأثير السلبي على الجمعية (التي يدعي الأستاذ حرصه عليها) هذه الجمعية التي كانت ولاتزال (حلما) مثلما عبر الاستاذ عن ذلك في مقاله للكثيرين من المنتمين إلى أشرف المهن. أما وان هذا الضرر يؤثر على الجمعية نتيجة لما تضمنه المقال من عدم شرعية النظام الاساسي، ومجلس الادارة الحالي، وعدم شرعية رئيس الجمعية، فإنني اضطررت للرد على مضض، راجيا ان يتوجه كل من لديه ذرة من الحب والعطاء إلى توظيف طاقاته في خدمة الجمعية بعيدا عن أي خلاف شخصي او فكري. فهذا هو ما يحتاجه المعلمون والجمعية الآن، وليس التهاتر وتبادل الاتهامات. وسبق للاستاذ كتابة ثلاثة مقالات تهاجم الجمعية وتهاجمني ولم يرد عليه أحد، رغبة في لم الشمل وظنا بأن الاستاذ سيقدر منا هذا الموقف وسيتراجع.
وإذا ما أردنا ان نضع الحقائق في نصابها فإننا نوضح له أولا بأنه لم تكن هناك (فزعة) لدينا كما حدث ويحدث مع الاستاذ الكريم منذ ان أخفق إخفاقا ذريعا في الحصول على مقعد له في مجلس الإدارة الحالي، بعد سقوطه المريع في الانتخابات وحصوله على (25) فقط من أصل سبعين، فبدأ سلسلة مقالات ضد الجمعية.
ولن نخوض في معرض ردنا في الكثير من الامور التي ذكرها الاستاذ في مقاله، أما ما أود توضيحه فهو يتلخص في النقاط الآتية التي نمتلك الدليل والبرهان عليها.
الاستاذ المذكور كان يقود الطلب الاول (اساس مشكلة الطلبات في الجمعية) إذ حاول مع 17 معلما ممن ينتمون إلى التيار السياسي نفسه ان يستبقوا جميع المعلمين وتقدموا إلى وزارة العمل بطلبهم تأسيس الجمعية في سرية تامة ومن دون علم أحد.
في هذا الوقت كان هناك طلب ثان على وشك ان يقدم، يشمل 42 أو 43 معلما. وحين علم هؤلاء بنية الطلب الاول حاول ممثلوه التنسيق مع اصحاب الطلب الاول، وبالفعل وعدهم هؤلاء بتقديم طلب مشترك، ولكن اصحاب الطلب الثاني فوجئوا بنكث الاستاذ المذكور و(جماعته) للوعد وتقديمهم طلبهم منفردين.
وحين تم تقديم الطلب الثالث بعد محاولة لتقديم طلب مشترك لم يوافق عليها اصحاب الطلب الاول. ونزولا عند الامر الواقع وطلب وزارة العمل من الطلبات الثلاثة التنسيق فيما بينها فقد وافق الأستاذ وجماعته على التنسيق، ولكن الغريب انهم واعدوا اصحاب الطلبين الاول والثاني في مكان وأرسلوا احد ممثليهم إلى المكان المتفق عليه لإلهاء اصحاب الطلبين، في الوقت الذي دعوا فيه إلى اجتماع آخر خاص بهم في نادي العروبة، ودعوا مجموعة من المعلمين والشخصيات، ليبرروا من خلال هذا الاجتماع تصرفهم وتفردهم، وعلم المعلمون اصحاب الطلبين الثاني والثالث بهذه المؤامرة، فتوجهوا فورا إلى مكان الاجتماع وحدث ما حدث من هرج ومرج.
على رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الطلبين الثاني والثالث فإنه (الاستاذ المذكور) اتفق مع ممثلي الطلب الثالث على إقصاء الطلب الثاني، لكن وزارة العمل رفضت وضغطت على الطلبين المتفقين باتجاه التنسيق الثلاثي.
كنا (أنا ومجموعة من المعلمين الذين شكلوا الطلب الرابع لاحقا) ممن حضروا الاجتماع الذي دعا إليه الطلب الاول في نادي العروبة، وطرحنا الحلول في ذلك الاجتماع وبعده، تقوم كلها على إلغاء الطلبات الثلاثة، وتقديم طلب موحد مشترك يقوم على قاعدة واسعة من المعلمين، ولكن كل اطروحاتنا لم تجد لها مكانا، وعليه قمنا بتقديم الطلب الرابع على قاعدة واسعة من المعلمين (727 معلما ومعلمة توزعوا على 66 مدرسة من دون أي تمييز فئوي).
كعادة من يريدون الاستثمار فقد كانت ثورة صاحب المقال مبررة وكان انفعاله - غير المحدود - تجاه الطلب الرابع له ما يسوغه على المستوى الشخصي، اما على مستوى المصلحة العامة، وإشراك المعلمين في تأسيس الكيان الذي يمثلهم فلا أدري كيف يمكن للاستاذ ان يبرره او يوجد له العلل والمسوغات.
تقديم الطلبات من الخامس إلى السابع، كان نتيجة طبيعية للرفض الذي مارسته الطلبات الثلاثة. الاولى نحو تمثيلهم في اللجنة التنسيقية، وكنا حذرنا من مغبة ذلك في أكثر من مناسبة، واما ما ذكره الاستاذ من كون هذه الطلبات طلبا واحدا، فقد كانت بيننا صيغة تنسيقية تسالمنا عليها مع الاخوة في هذه الطلبات، كما فعله هو والطلبات الثلاثة الاولى.
كان الاستاذ فرحا عندما وافقنا على ان تشكل اللجنة التحضيرية من ممثلين عن كل طلب، وكنا نفضل ان تتكون من خلال انتخاب حر من بين المؤسسين السبعين وذلك للحيلولة دون تكريس الفئوية، وكان اكثر فرحا حين انتخبناه نائبا للرئيس.
المادة الرابعة من النظام الاساسي التي تعتبرني عضوا عاملا، كانت من صوغ الاستاذ نفسه ونحن قد وافقنا عليها على رغم تحفظنا على ركاكة الاسلوب الذي كتبت به وعدم وضوحه وذلك قبل ان اكون اختصاصيا للمناهج.
عند اعتراضي بأنني غير مخول من الجمعية العمومية (جميع المؤسسين) باقرار النظام الاساسي بحضور الاستاذ المذكور وممثل الطلب الثاني امام محامي الشئون القانونية في وزارة العمل، وهذا الاعتراض نقلته إلى اللجنة التحضيرية، وأصر الاستاذان على موقفهما، واعتبرا ان موقفي يعد تعويقا وتعطيلا للعمل لا خدمة له. ولكن العجب ان الاعتراض على آلية الاقرار لم يأت من الجانب الذي اعترض على هذه الآلية (نحن ومن نمثلهم)، ولكنه أتى من الجانب الذي ادعى ممثلوه تخويلهم من قبله.
بناء على هذا الإشكال تقرر استكمال الجمعية العمومية، وانتخاب مجلس إدارة الجمعية، واتفق على ان يدعو المجلس المنتخب إلى عقد جمعية عمومية استثنائية بغرض تعديل ما يراه الأعضاء في النظام الأساسي بحسب النظم والقوانين التي تتيح عملية التعديل.
ودعا مجلس الادارة عموم المؤسسين إلى الاجتماع للجمعية العمومية الاستثنائية بغرض تعديل النظام الاساسي، تم تأجيله لعدم اكتمال النصاب ثم عقد الاجتماع بعد ذلك في الموعد والمكان الذي اتفق عليه (نادي العروبة) وعقد بالنصاب القانوني الذي ينص عليه القانون، بحضور ممثلين عن وزارة العمل والشئون الاجتماعية ومراقبين محايدين، تمت خلاله مناقشة القانون الاساسي (في هذا الاجتماع بدأ الأستاذ بادعاء عدم شرعية النظام الاساسي، عدم شرعية الرئيس، عدم شرعية مجلس الادارة) بعد خسارته للانتخابات.
ولا أدري كيف رشح نفسه لعضوية المجلس ودافع عن شرعية الجمعية وقانونها الاساسي امام كل الجمع الحاضر، ولم يطعن في هذه الشرعية إلا عندما فشل في مسعاه في الوصول إلى رئاسة الجمعية او على الأقل عضوية مجلس إدارتها؟ ألم يكن نائبا لرئيس اللجنة التحضيرية؟ ألم يكن رئيسا للجنة صوغ النظام الأساسي؟ ألم يكن يعلم بأنني كنت قد بدأت عملي اختصاصيا للمناهج قبل الترشح لعضوية المجلس بشهرين تقريبا؟ لماذا لم يعترض الاستاذ الفاضل على هذه الوضعية (كوني اختصاصيا للمناهج) وهو يرى عدم مشروعيتها، علما بأنه كان عضوا في اللجنة التي شكلت لاستقبال الترشحات لعضوية المجلس ولم يبد حينها أي اعتراض؟
كانت وظيفة الاستاذ، وليست وظيفتي، واحدة من الوظائف التي اعترض عليها قسم الشئون القانونية في وزارة العمل كونه (أمين مكتبة) وليس معلما، ولكننا حاولنا كل ما بوسعنا ان نضم هذه الوظيفة إلى قائمة العضوية العاملة وكلفنا هذا الجهد وكلف الجمعية تأخيرا كبيرا في عملية الاشهار.
لماذا يلجأ الاستاذ إلى الصحافة فقط ولا يلجأ إلى وزارة العمل للطعن في كل ما ذكر؟ أليس هذه هي الطريقة المثلى؟
بالمناسبة فإن ما يثيره الاستاذ بين فترة واخرى، على صفحات الصحف، ساهم فعلا في التشويش على المعلمين، واعطى صورة سلبية في الكثير من جوانبها، وساهم في بطء الانضمام إلى الجمعية. وهذا يحتاج إلى الوقت والتوعية والدعوة واثبات جدوى المؤسسة. وهذا كله مما تعمل الجمعية عليه بكل جهد وجد، ولكن الامر يحتاج من العقلاء إلى الوقت والصبر، و10 أشهر لا تمثل شيئا في مقياس الزمن والانجاز، وانت تعلم ان بعض الجمعيات القائمة على اساس الحشد الايديولوجي وعلى رغم وجودها (النضالي) على ساحة العمل الوطني لعشرات السنين لم تستطع حشد 500 عضو، في حين ان عدد الاعضاء في جمعيتنا يتنامى بشكل ربما يفوق كل الجمعيات المهنية الأخرى.
ثم هل حدد النظام الاساسي ان يكون العمل في المؤسسات التعليمية بنظام كامل وليس جزئيا شرطا للعضوية العاملة؟ أم أنه افتراء آخر على النص هذه المرة؟.
ما الخطير (كما عبر عنه الاستاذ) في انتمائي إلى تيار فكري معين؟ وما الخطأ في ذلك ؟ أليس جميع الناس منتمون إلى دين، طائفة، فكر معين، عرق، خط سياسي، الخ؟ ألست انت منتميا إلى أي من هذه؟ ام ان انتمائي انا فقط جريمة؟ وما التناقض في انتمائي أيا كان وفي التعامل مع إدارة الجمعية من منطلق مهني؟ إنني حددت انتمائي إلى التيار الذي انتمي إليه (فكرا وعقيدة) وهذا مفهوم لا يحتاج فيه الفرد إلى التمسح بفرد آخر او جهة أخرى، ثم ما دخل هذا في حديثك عن التنسيق والتآلف بين مختلف التيارات السياسية، وما دخلنا نحن في ذلك كجمعية؟ أليست هذه جمعية مهنية ترفض كما تزعم تسييسها؟
لم أذكر ابدا في مجلة «فايند فاست» - هكذا يسميها الاستاذ الفاضل - واسمها الصحيح (فارايتي) أي نضالات او خلافها وبوسع القارئ الكريم التأكد من ذلك (العدد 3 يوليو/تموز - أغسطس/آب)، علما بأن المقابلة اجريت باللغة الانجليزية وما هو مكتوب بالعربية ترجمة لتلك المقابلة.
النظام الاساسي الذي ساهم الاستاذ في صوغه وكان موافقا عليه طوال الوقت ينص على ان مدة مجلس الإدارة المنتخب سنتان وهذا النص بالذات ليس اختراعا لدى جمعية المعلمين ولكنه قانون الجمعيات الذي تعترف به وزارة العمل وتعمل به الجمعيات المرخصة من قبلها، ولكن لأن الاستاذ لم يصبح عضوا في مجلس الادارة فيجب ان تصبح مدة هذا المجلس 6 أشهر إلى سنة على أبعد الحدود.
نستميح القارئ الكريم عذرا في إطالتنا عليه، وإيمانا منا بأن ليس كل ما يعلم يقال (ولدينا ما يقال).. هي دعوة أخرى للأستاذ الفاضل ولعموم المعلمين إلى الالتفاف حول الجمعية كمؤسسة والعمل في خدمتها خدمة للمعلمين وتحقيقا لطموحاتهم، وصدورنا مفتوحة لكل كلمة طيبة، لا أن ننشر غسيلنا في كل شارع وطريق
العدد 40 - الثلثاء 15 أكتوبر 2002م الموافق 08 شعبان 1423هـ