بطبيعة الحال لن تحدث هناك قفزة هائلة في الإعلام الاجتماعي بين ما تبقى من ساعات في العام 2016، والدقائق الأولى من العام 2017، ولكننا تعودنا في مطلع كل عام أن نكتب عن نظرتنا الاستشرافية لميدان الإعلام الاجتماعي الذي يشهد تطورات متسارعة كبيرة جداً على مدار اللحظة.

وبطبيعة الحال أيضاً لن يستمر الإعلام الاجتماعي بالنمو فقط، وإنما سيعزز من تسارع نموه واتساعه عمودياً لناحية تطور الأدوات والاستخدامات داخل كل منصة إعلام اجتماعي، وأفقياً لناحية استقطاب أعداد أكبر من المستخدمين، ونلاحظ الآن أن عدد مستخدمي «فيسبوك» وصل إلى نحو 1.8 مليار، كما وصل عدد مستخدمي «اليويتويب» إلى 1.3 مليار، مع رصد زيادات أخرى في عدد مستخدمي باقي المنصات، وهذا يعني أننا أصبحنا في وقت لا يمكن فيه نجاح الأعمال وحتى الأفراد بمعزل عن مواقع الإعلام الاجتماعي.

وستحتدم المنافسة أكثر بين مواقع الإعلام الاجتماعي على تقديم أدوات جديدة تعزز من ولاء المستخدمين الحاليين وتستقطب مستخدمين جدداً، ومن ذلك اتجاه جميع المواقع لإضافة خدمة الفيديو عبر البث المباشر أو المقاطع أو الفيديو الجديد الذي يتيح إمكانية صورة عرض 360 درجة كما شاهدنا مؤخراً مع «فيسبوك».

وبالحديث عن إتاحة خدمة البث المباشر عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، فقد لاحظنا في الفترة الأخيرة كيف أن هذه الخدمة بدأت بشكل جماهيري مع «اليوتيوب»، لكنها سرعان ما انتقلت إلى «فيسبوك» لتحقق معه نجاحاً أكبر لأنه يتيح تفاعلاً أكبر أمام المتابعين مع ما يشاهدونه، ومن المرتقب في 2017 أن تصبح هذه الخدمة وسيلة أساسية لنقل الفعاليات الكبرى مثل المؤتمرات الدولية والمباريات وغيرهما، وأؤكد أن البث المباشر سيصبح هو تلفزيون المستقبل.

وسيتغير مفهوم التسويق عبر الإعلام الاجتماعي في 2017، والشركات الرائدة لن تركز بعد الآن على الاستخدام التقليدي لهذه المواقع للترويج لمنتجاتها وخدماتها بعد أن أصبح التسويق هنا يعتمد أساساً على ما نسميه «اتجاهات TRENDS»، وهو ما يعني أن العلامات التجارية يجب أن تبحث عما يحدث حولها في المجتمع، وما هي الأحداث الأكثر جذباً لانتباه الناس، والتي يتفاعل الناس معها بشغف عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، وبالتالي تبحث هذه العلامات عن طريقة لوضع نفسها في قلب تلك الأحداث.

كما ستتبلور أكثر آلية اعتماد المؤسسات والمنظمات وحتى الدول على الناس ذوي الولاء في الترويج لها على مواقع الإعلام الاجتماعي، وذلك بعد إعطائهم دينامكية أكبر في النشر، حيث أصبحت المؤسسات اليوم تستفيد من موظفيها للوصول إلى الفئات المستهدفة للترويج للمنتجات والخدمات والدفاع عن المؤسسة والهوية التجارية، ولنشر الأخبار، وغير ذلك.

وسيكون العام 2017 علامة فارقة في استخدام الإعلان الرقمي عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، وخاصة أن الإعلان الرقمي يتماشى مع التحديات الاقتصادية من جهة، ويضمن إمكانية وصول وتفاعل وتحقيق نتائج أكبر بكثير من الإعلان التقليدي، وتشير الإحصائيات ذات الصلة إلى أن حجم الإنفاق الإعلاني الرقمي في دول الخليج العربي وصل إلى 550 مليون دولار في 2016، ومن المتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على هذه النوع من الإعلان في 2017 إلى 35 مليار دولار، وهي زيادة كبيرة جداً، والسبب واضح جداً، حيث إن انتشار المحتوى عبر مواقع الإعلام الاجتماعي من دون دفع إعلاني بات بطيئاً جداً، لذلك تستخدم المؤسسات الإعلانات عبر تلك المواقع لتصل بشكل أسرع، وخاصة أن هذه الإعلانات فعالة جداً ورخيصة جداً.

وفي 2017 ستسمر القنوات التي نسميها «قنوات الرسائل الاجتماعية»، مثل «واتساب» و «فيسبوك ماسنجر» بالنمو، وخاصة أن المستخدمين يظهرون ميلاً قوياً لاستخدام هذه القنوات، حتى وصل عدد مستخدمي «واتساب» مثلاً إلى مليار مستخدم، فيما أضاف «فيسبوك ماسنجر» الكثير من المميزات الرائعة ومن بينها إمكانية إرسال مرفقات، وكأنك تستخدم البريد الإلكتروني، وخاصية الإعلانات المباشرة؛ وهذا كل يدفع لاعتقاد قوي بأن العلامات التجارية ستعزز من استخدامها لهذه القنوات أكثر وأكثر.

بقي أن نشير إلى موضوع مهم لطالما أثار لغطاً كبيراً في المجتمع، وهو دور مواقع الإعلام الاجتماعي في بث الإشاعات والترويج لها، وهنا يمكن القول إن المجتمع أصبح الآن أكثر وعياً لذلك، كما أن مواقع الإعلام الاجتماعي أدركت أهمية ألا تكون مرتعاً للإشاعات، لذلك عززت هذه المواقع من خاصية «التبليغ» التي تمكن جمهور المستخدمين من حماية أنفسهم من المصادر الضارة عبر إغلاق الحسابات التي تبثها، ثم أن» فيسبوك» تحديداً أخذ مؤخراً خطوة أبعد من ذلك عندما أعلن مؤخراً عن خاصية «fake news» ا لتي تحرم أصحاب الأخبار الكاذبة من استخدام إعلانات «فيسبوك»، وهو ما يحد كثيراً من انتشارها.