تتوجه حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لتضع التنويع الاقتصادي في مقدمة أولوياتها جرّاء تراجع عائدات تصدير النفط بنحو 275 مليار دولار أمريكي في المنطقة. فقد أشارت دراسة حديثة أجرتها منصة BLOOVO.COM إلى أن تسريع وتيرة نمو قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة يشكل أحد العناصر الأساسية لنجاح تلك الاستراتيجيات الاقتصادية.
وبينت الدراسة التي أجرتها BLOOVO.COM أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة توفر حافزاً اقتصادياً مهماً عبر محورين رئيسيين يتمثل أولهما في أن تلك المشاريع تساهم بشكل مباشر في الناتج المحلي الإجمالي من خلال أنشطتها التجارية، حيث يشكل حجم أعمال المشاريع الصغيرة والمتوسطة حوالي 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة، 28 في المئة لمملكة البحرين، و22 في المئة للمملكة العربية السعودية. وتُسهم أنشطة الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الكويت، فيما يعتمد الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان على الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 17 في المئة. كما توظف الشركات الصغيرة والمتوسطة حالياً نحو 17 مليون عاملاً في مختلف أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، ويشير أحد السيناريوهات الأكثر تفاؤلاً في دراسة BLOOVO.COM إلى إمكانية ارتفاع هذا العدد ليصل إلى 22 مليون عاملاً.
وتعليقا على نتائج الدراسة، قال الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس في منصة BLOOVO.COM أحمد خميس: «ينصبّ تركيز دول مجلس التعاون الخليجي حالياً على إنشاء ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وذلك لبناء اقتصادات أقل اعتماداً على الموارد النفطية. وفيما تسعى حكومات المنطقة بشكل حثيث لإنشاء منظومة خاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، تحدد الدراسة التي أجريناها أهم المجالات التي تحتاج للدعم. إذ لا شك أن الانتقال نحو اقتصاد معرفي قائم على المشاريع الصغيرة والمتوسطة يشكل أفضل السبل المتاحة أمام دول الخليج العربي لتعزيز مسيرتها الرامية إلى تحقيق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية».
ويتطلب إنشاء منظومة عمل فاعلة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة توفير الوقت والاستثمارات اللازمة، فضلاً عن إجراء تحسينات في اللوائح التنظيمية الخاصة بها. ولحسن الحظ، أدركت دول الخليج العربي منذ فترة أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وسبق لها وأن أطلقت العديد من برامج تسريع نمو هذا القطاع. وعلى سبيل المثال، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 2014 بشأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والذي نص على تأسيس مجلس مخصص يعمل على تحديد المحفزات التي سيتم تقديمها لمالكي المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وكانت البحرين قد أسست صندوق العمل «تمكين» لدعم القطاع منذ عام 2006. وفي عام 2013، أسست الكويت صندوقاً وطنياً بقيمة 7 مليارات دولار أميركي لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة من الخزينة الحكومية. ومؤخراً، شكلت المملكة العربية السعودية الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (PASME) في عام 2015.
من ناحية ثانية، تسهم مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة (Dubai SME)، إحدى مؤسسات «دائرة التنمية الاقتصادية في دبي»، بشكل فاعل في دعم إنشاء قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث وفرت حتى الآن الدعم لنحو 11 ألف رائد أعمال من خلال خدمات الاستشارة والتطوير التي تقدمها، كما ساعدت أكثر من 1100 مشروع صغير ومتوسط من خلال توفير خدمات الترخيص والتسجيل، فضلاً عن تقديم عقود حكومية للقطاع بقيمة تتجاوز مبلغ المليار درهم إماراتي. علاوة على ذلك، وفرت المؤسسة رعايتها إلى 300 شركة ناشئة وتعاونت مع 4 آلاف طالب من خلال «مسابقة التاجر الصغير»، وذلك بهدف إطلاق 1200 مشروع جديد.
العدد 5228 - الخميس 29 ديسمبر 2016م الموافق 29 ربيع الاول 1438هـ