سكينة كريمي -رئيسة اللجنة التوعوية التثقيفية جمعية التوحديين البحرينية
28 ديسمبر 2016
من نِعم الله على الإنسان أن جعل له حواساً خمس يكتشف بها ما حوله في العالم. هذه الحواس الخمس موجودة وبشكل طبيعي لدى التوحدي، فاضطراب التوحد لديه لا يتسبب له في إعاقة بصرية أو سمعية أو غيرها، إلا أن طريقة معالجة دماغ التوحدي للمثيرات الحسية الخارجية القادمة من البيئة قد يحدث بها نوع من القصور أو الخطأ
وبهذا لا تستقبل بصورة طبيعية.
فمثلاً، ضوء الشمس الساطع الذي يسبب إزعاجاً للشخص الطبيعي ويؤدي به إلى إغلاق عينيه أو ارتداءه لنظارته الشمسية أو أي تصرف آخر يبدي فيه استجابة طبيعية لتجنب هذا الموقف المزعج، قد لا يزعج التوحدي بالضرورة، بينما قد يؤذيه صوت قطرات الماء فيقوم بوضع يديه على أذنيه متألماً، وتربيتةٌ لطيفةٌ على كتفيه من والده قد تسبب له ألماً فيركض منزعجاً ويبتعد عنه.
تقول تمبل جراندن -وهي دكتورة في علم الحيوان بجامعة كولورادو في أمريكا ومشخصة بالتوحد-: «كنت في أحيان كثيرة أسيء السلوك في كافيتيريا المدرسة. كان ضجيج الأصوات ينعكس عن أرضية البلاط، وصرير أصوات الكراسي عندما تسحب على الأرض كان مزعجاً. فقد يحاول بعض الأطفال كسر الهاتف لأنهم يخشون أنْ يرنّ. وهناك الكثير من السلوكيات السيئة قد تحدث قبل وقوع الصوت بساعات نظراً لتوقع حدوثه».
وتقول غونيلا غيرلاند -وهي مؤلفة سويدية مشخصة بالتوحد أيضاً-: «لم أستطع أبداً أن أستحم تحت الدش لأني لا أستطيع أن أتحمل سقوط قطرات الماء على بشرتي. إنها تؤذيني، إن لها رؤوساً صغيرة مدببة تنخرني..».
هذه المعالجات الحسية إما أن تكون ذات حساسية مفرطة فيتألم منها، أو تكون منخفضة فيبحث عن إشباعٍ لها، وفي كلتا الحالتين هي اضطرابات حسية يعاني منها التوحدي وتؤثر على جزء كبير من سلوكياته ومن الممكن التخفيف من حدتها بعدة برامج مثل التكامل السمعي والدمج الحسي والعلاج بالدلافين وبالموسيقى وغيرها. وهذه البرامج، وإن لم تثبت فاعليتها في الحد من الاضطرابات الحسية على جميع التوحديين، إلا أنها ساعدت الكثيرين في التخفيف منها.
إن من إحدى أولويات توعيتنا باضطراب طيف التوحد، بأن نفهم ما يزعجه فنتجنبه، ونعرف ما يحبه فنستخدمه لندخل عالمه. استأذنه قبل أن تصافح يده، وتقبله لو انزعج من همسك، فتقبلنا لاختلافهم يجعلنا جميعاً نتعاون لتحقيق أكبر نجاح ممكن لهم.
العدد 5227 - الأربعاء 28 ديسمبر 2016م الموافق 28 ربيع الاول 1438هـ